خالد الزبيدي/ماذا تبقَّى للمستهلكين…؟!

متوالية رفع الأسعار يبدو مازالت تعمل دون دراسة، إذ بعد مسلسل رفع أسعار سلع وخدمات في مقدمتها السلع الارتكازية ونقصد هنا الطاقة والمحروقات، جاء القرار الأخير بفرض رسوم على السلع الأساسية، وهذه السلع في مقدمتها الغذائية هي مكون رئيس في سلة المستهلكين التي تقلصت كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية، وتشتمل على الحبوب والارز والزيوت والشاي والدهون، وهذه القائمة معفاة في غالبية دول العالم بهدف حماية حقوق المستهلكين في الحصول على الأغذية الأساسية، وفي دول اخرى يتم دعمها لبلوغ توازن حيوي في المجتمعات.
قد يرى البعض ان فرض رسوم جديدة بسيطة تعادل 1% ليست مؤثرة على قدرات المستهلكين، وقد يكون ذلك صحيح نظريا، لكن الثابت أن أي ارتفاع يتم تضخيمه وترحيله الى المستهلكين، خاصة أن اصحاب الدخول المحدودة من فقراء ومتوسطي الحال يجاهدون لتوفير احتياجاتهم السلعية والغذائية، في ظل قرارات رفع الأعباء من اسعار السلع والخدمات من طاقة ونقل واتصالات التي وضعت العامة في حالة من الذهول والإحباط، فالعامة لا تجد تفسيرات منطقية لهذه السياسات الضريبية والمالية.
هناك عدم اكتراث جرَّاء رفع اسعار السلع الكمالية وغير الاساسية من مشروبات وسجاير واقمشة، وبنوع من الانزعاج تبدي العامة تذمرا جرَّاء المبالغة في رفع اسعار المحروقات التي تصل الضرائب على البنزين 69.84% على سبيل المثال، إلا أن وصول القرارات المالية والضريبة الى قائمة قصيرة من السلع الاساسية والغذائية بشكل خاص، فإن السؤال الذي يطرح في هذا المجال …لمصلحة من يتم اتخاذ هكذا قرارات من جهة، وكم تبلغ الإيرادات المتوقعة من جهة اخرى..والانعكاسات على جمهور المستهلكين في مقدمتهم الفقراء ومتوسطي الحال الذين يشكلون الأغلبية الساحقة من المواطنين.
إن أي قرار يمسُّ سلة المستهلكين في أبسط مكوناتها يتطلب إجراء دراسات للوقوف على اثاره سلبيا على المستهلكين وايجابيا على ايرادات الخزينة، وهنا كان يمكن للجهات المعنية رفع اسعار السجائر المحلية بنسبة 10% ويكون اكثر جدوى على ايرادات الخزينة، وتحسين قدرة السلطة التنفيذية لمكافحة تهريب السجاير الذي يتجاوز 40% من حجم الاستهلاك المحلي، ومعالجة السطو على شبكات الطاقة الكهربائية وسرقة المياه ستوفر إيرادات مالية كبيرة جدا ربما تسهم بجسر عجز الموازنة او القسم الأكبر منه، أمَّا رفع الرسوم على السلع الاساسية فيسهم في تأزيم العامة في ظل ظروف شديدة الصعوبة وايرادات زهيدة.
ماليا واقتصاديا واجتماعيا للضرائب وظائف وأهداف محددة..فالضرائب هي شكل من أشكال إعادة توزيع الثروات والمكاسب في المجتمع، وتحميل القادرين العبء الأكبر، وهنا فإن فرض رسوم جديدة على السلع الاساسية لاسيما الغذائية يخالف الأهداف الاقتصادية الاجتماعية للضرائب، وان علينا الانتباه الى أن فرض الضرائب والرسوم على السلع الأساسية يخالف وظائف الضرائب والرسوم على اشكالها…وللمواطنين الحق بالحصول على سلع غذائية بجودة عالية وأسعار عادلة خالية من الضرائب والرسوم..

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري