تحدّث المسؤول المهم في مركز أبحاث واشنطني عريق عمل سابقاً في الإدارة، وله خبرة عميقة في الشرق الأوسط والنزاع الفلسطيني – الاسرائيلي، عن العلاقة بين ما جرى في أوكرانيا أخيراً وما يجري في سوريا، قال: “هل ما يجري في أوكرانيا يجعل روسيا تتصلّب في سوريا أم العكس؟ هل يجعل إيران تتصلّب ويدفع بوتين الى “الحركشة” لإفشال حوار المجموعة الدولية 5+1 مع إيران؟ ليس عندي أجوبة نهائية عن كل ذلك”. ماذا عن المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية الجارية منذ أشهر؟ سألتُ. أجاب: “وزير الخارجية الأميركي كيري يبذل كل جهده، وهو يحاول أن يقوم بشيء، أو بالأحرى أن ينجز شيئاً. هل يساعده الرئيس أوباما؟ بقي الأخير في السلطة قرابة سنتين ونصف، لكنه لم يعد يستطيع أن يفعل أو يُنجز شيئاً على الصعيد الداخلي بسبب سلبية الجمهوريين وآخرين حياله. ربما يقبل هؤلاء اتفاقاً معه حول الهجرة الشرعية، وتالياً قانوناً يصدر عن الكونغرس بغالبية اعضاء مجلسه. يريد أوباما أن يترك إرثاً تاريخياً بعد مغادرته البيت الأبيض. لم يستطع تحقيق ذلك في ولايته الأولى، فهل يحقّقه في الولاية الثانية؟ ربما يتوصل كيري الى إتفاق إطار بين اسرائيل والفلسطينيين. أهم شيء هو أن ينجح في إبقاء المفاوضات بينهما مستمرة رغم اقتراب انتهاء المدة المحدَّدة لها”. هل أنت متأكد من ذلك؟ سألتُ. أجاب: “كلا. لا نستطيع أن نفعل شيئاً. من يضمن أن إيران تريد فعلاً اتفاقاً مع أميركا؟ وماذا عن حقوق الانسان فيها؟ ماذا إذا عاد الجمهوريون الى البيت الأبيض في أميركا؟ في الانتخابات النصفية المقبلة للكونغرس قد يفوز هؤلاء بغالبية في مجلس الشيوخ الديموقراطي حالياً، فتصبح سيطرتهم على المجلسين تامة. ما رأيك في كل ذلك”؟ سأل. أجبتُ: أوكرانيا مشكلة. عال، “لكن عليك ان تتذكّر أن لا اختلاف في السياسة عموماً وفي السياسة الدولية، وخصوصاً عند الكبار. شعرت روسيا أن أميركا حشرتها، وأن حلف شمال الأطلسي صار على حدودها. وشبه جزيرة القرم منطقة حيوية لها اذ هي مقرّ الأسطول الروسي وتتمتّع بحكم ذاتي وفيها نفوذ روسي، عال، لمَ لا؟ في أوكرانيا ربما ينبغي أن يقوم حكم محايد الى حد ما بين صراع المصالح الحاد أوروبياً وروسياً ودولياً. أما في سوريا فان السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هي مهمة لروسيا ورئيسها بوتين بمقدار أهميّة شبه جزيرة القرم لهما أو أوكرانيا أو حتى الدول “السوفياتية” السابقة المجاورة لروسيا والتي جزء من شعوبها روسي؟ طبعاً لا. يستغل بوتين الوضع السوري للحصول من أميركا والغرب عموماً على ما يؤمّن مصالحه ومصالح بلاده. استراتيجياً لم تكن سوريا مهمة لموسكو. قاعدة طرطوس البحرية، آخر موقع لروسيا في البحر المتوسط كما كانت توصف أهملها الروس سنوات طويلة الى أن نبت العشب على ارضها وطال. لكن الرغبة في مواجهة “الحشرة” الأميركية دفعت بوتين الى استغلال كل أوراق بلاده القديمة منها والحديثة. علماً ان الرئيس الأسد لا يستمع دائماً الى نصائح الرئيس الروسي. وهناك معلومات أن الأخير انزعج من الرئيس السوري لأنه أفشل “مؤتمر جنيف 2″، معطياً بذلك الغرب وأميركا حجّة قوية لمهاجمته ولمهاجمة حماية روسيا له، ولتحميل الأخيرة مسؤولية الفشل. فسأل: “لكن أين إيران”؟ أجبتُ: الخلاف مع روسيا وعودتها الى التصلّب مع الغرب وأميركا لن يدفع روسيا الى عرقلة أو “خربطة” المفاوضات بين مجموعة الـ5+1 وإيران. ليس لروسيا في رأيي مصلحة في أن تصبح إيران دولة مكتملة النووية مدنياً وعسكرياً. وهذا ما تعتقده أميركا ايضاً. وإذا لم يحصل تفاهم أميركي – دولي – إيراني على النووي فان محنة سوريا ستبقى من دون حلّ. تفاهم أميركا وروسيا على حل لهذه المحنة على أهميته قد يخفِق في حلها، في حين ان الاتفاق الأميركي – الإيراني يؤكد حلّها. وطبعاً يُستحسن أن تكون روسيا جزءاً منه. وهناك رأي، على كل حال، أن ايران لن تتخلى عن سوريا ونظامها. علّق: “ولماذا تتخلّى؟ ثم مَن يقول، أو بالأحرى يؤكّد، أنها تفاوِض المجتمع الدولي وأميركا من ضمنه بنيّة صافية؟ اذا انتُخب جمهوري لرئاسة أميركا بعد أوباما وإذا سيطر الجمهوريون على الكونغرس بمجلسيه معه ماذا ستفعل أميركا مع إيران سواء كانت الـ5+1 وقَّعت معها اتفاقاً نووياً أم لا؟”.
بماذا أجبتُ المسؤول المهم نفسه في مركز البحث الواشنطني العريق وصاحب الخبرة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي؟
sarkis.naoum@annahar.com.lb