عروبة الإخباري – أعترف ولأول مرة رئيس أركان جيش الحرب الإسرائيلي شاؤول موفاز بشراسة المقاومة الفلسطينية في معركة مخيم جنين، واصفاً تلك المعركة بـ”الحرب الحقيقية”.
وفي سلسلة اعترافاته أوضح أن الرئيس الأمريكي جورج بوش أرسل رسالة في أتون معركة جنين قال فيها:” عرفات زعيم إرهاب يجب استبداله “.
وهذا نص ما أوردته الصحف العبرية خلال مقابل شاؤول موفاز…
مرت 12 عاما على اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية في عملية أطلقت عليها اسم “السور الواقي” التي بدأت في التاسع والعشرين من آذار عام 2002 والتي نفذت بالتزامن مع عملية أخرى أطلقت عليها قوات الاحتلال اسم “ملقط الجراح” التي استهدفت المدن الكبرى في الضفة الغربية باستثناء مدينة أريحا والخليل والتي امتدت بعد فترة قصيرة لتشمل الامتداد الريفي، تلك العملية التي يدعي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في تلك الفترة “شاؤول موفاز” عبر مقابلة صحفية خص بها يوم الاثنين، موقع “والله” الالكتروني بأنها غيرت مسار الحرب على “الإرهاب” الفلسطيني.
ورد الفلسطينيون على العملية الإسرائيلية بتفجير سيارات مفخخة وتنفيذ عدة عمليات تفجيرية استهدفت العمق الإسرائيلي لكن العملية الإسرائيلية تواصلت، وأسفرت إسرائيليا عن مقتل 29 جنديا إسرائيليا وإصابة أكثر من 100 آخرين واستشهاد 497 فلسطينيا وإصابة 1447وفقا للإحصاءات الإسرائيلية، واعتقال مئات الشبان الفلسطينيين بحجة انتمائهم للمنظمات والمجموعات المسلحة وتدمير البنية التحتية لهذه المنظمات ومصادرة كميات من الأسلحة والذخائر، وفقا للإحصاءات الإسرائيلية.
واستهل موقع “الله” الالكتروني ملخص المقابلة الخاصة التي اجرها مع “موفاز” بنشر تلخيص لمحادثة هامة جرت بين موفاز ورئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الحين “ارئيل شارون” وذلك على خلفية العملية التي استهدفت “فندق بارك” بمدينة “نتانيا” والتي وصفتها إسرائيل ولا زالت بالمأساة الكبيرة والتي شكلت السبب المباشر لاجتياح قوات الاحتلال للضفة الغربية والشروع بعملية “السور الواقي”.
وجاء في المحادثة:
شارون: ماذا نفعل؟
موفاز: لا يمكن الاستمرار بهذه الطريقة يجب علينا القيام بشيء مختلف.
شارون: اتفق معك، لكن ماذا يعني ذلك؟
موفاز: علينا استدعاء الاحتياط.
شارون: طيب هل استدعيت الاحتياط ؟” وكان لهجة شارون لهجة تحث موفاز على القيام بعملية”.
موفاز: لا. سنعرض عليك توصيتنا بهذا الخصوص.
شارون: جيد تعال مع توصيات محددة.
“لقد فهمت من هذه المحادثة بأنني أتمتع بالدعم ويوجد لي غطاء قوي وبات كل شيء من هذه اللحظة في ملعبنا وبات واجب الإثبات يقع على عاتقنا وكانت محادثة شارون الثانية مع وزير الجيش “فؤاد بن اليعازر” والذي أيد هو الأخر ضرورة القيام بعملية” قال موفاز في بداية المقابلة.
س: في لحظة تحولت أجواء الاحتفال بالعيد والفرح إلى أجواء كئيبة، لقد وضع قائد القوات البرية العقيد “حغاي مردخاي” أمامك على الطاولة ورقة مثنية تضمن تفاصيل العملية التفجيرية في فندق “بارك” ماذا دار في خلدك ومر عليك في تلك اللحظة؟
ج: سوف، يتلقى رئيس الأركان الكثير من الأوراق أثناء الاحتفالات والمناسبات في وقت لا يمكنه فيه أن يتحدث وحينها كنا قد احتسينا الكأس الثانية في احتفالات ليلة عيد الفصح حينها تقليت الورقة التي كتب فيها أن انفجارا وقع في فندق”بارك” وان رئيس الوزراء يريد ان يتحدث معي بشكل عام حين كانوا يقدمون لي مثل هذه الأوراق لم ينتظروا الجواب بل كانوا يقدمونها وينصرفوا لكن هذه المرة انتظروا إجابتي كيف يجب مواصلة الليلة؟ وهنا طلبت من الحاخام “فايس” صاحب الدعوة لاحتفالية ليلة الفصح أن يستمر بالاحتفال كالمعتاد وطلب من مدير مكتبي أن يهتم باستدعاء جميع أعضاء هيئة الأركان مرتدين ملابسهم العسكرية، وان يطلب منهم الحضور في مقر القيادة وسط تل ابيب منتصف الليل تماما حتى نتمكن من إجراء تقييم للأوضاع. لقد كان وضعا لا يمكن احتماله وغير معقول اذ كان منذ فترة طويلة نواجه عمليات انتحارية وقلت أكثر من مرة بان الانتحاريين لا يهتمون بطريق عودتهم إلى المنزل ومن هنا علينا نحن ان نصل إليهم في بيوتهم قبل ان يخرجوا لتنفيذ عملياتهم.
س: كان من المتوقع منك أن تأمر الجنود والضباط الحاضرين بمواصلة الاحتفال فيما أنت تغادر إلى مقر القيادة للتحضير لنوع ما من الرد لكنك اخترت مواصلة الاحتفال معهم لماذا؟
ج: في هذه اللحظات يشعر رئيس الأركان أولا وقبل كل شيء بالألم لكنه لا يمكنه البقاء طويلا في منطقة الألم كما لا يمكنه الظهر بمظهر المحبط لان الإحباط والألم لا يعتبر خطة عمل وعليك الانتقال فورا من هذه المشاعر إلى خطوط المنطقة العملية وخطوط الأفعال والتفكير في كيفية منع العملية التفجيرية القادمة والإحداث القادمة وكيف تمنح سكان إسرائيل الأمن والأمان، وأخذت في اللحظات التالية أفكر بما علي ان اقترحه وماذا علي أن أقول لرئيس الحكومة ووزير الجيش وللمجلس الوزاري المصغر في اليوم التالي ماذا يجب ان افعل، وكنت احدث نفسي وأقول لن نرد بنفس الطريقة لن نكرر ما نفعله يجب علينا القيام بشيء مختلف بحجم وقوة مختلفة من شانه ان يغير جدول اعمل الإسرائيليين اليومي بشكل جوهري.
وصلت الى مقر هيئة الأركان العامة وأول شيء فعلته الاتصال برئيس الوزراء وبعد ذلك الاتصال بوزير الجيش وكانت المكالمة قصيرة جدا وحاسمة جدا رسمت في الواقع مسار العملية وطريقة عملينا المستقبلية واستهلت المحادثة باتفاقنا حتى الاثنين بان الحديث يدور عن تفجير صعب جدا جدا لا يمكن لإسرائيل أن تمر عليه مرور الكرام ويجب علينا القيام بعمل ما.
حين سألني “اريك” ماذا يعني شيئا أخر؟ قلت له نحن سفي ريقنا لاستدعاء الاحتياط وفهم بصفته رجل عسكري قديم ومدرب مؤهل جدا بأنني سأوصي بضرورة القيام بعملية كبيرة لدرجة أن القوات النظامية الإسرائيلية لا تفي بالغرض لذلك يجب علينا استدعاء الاحتياط وبعد هذه المحادثة ومحادثة مماثلة مع وزير الجيش عقدنا اجتماعا في هيئة الأركان لتقييم الوضع طلبت في نهايتها من أعضاء هيئة الأركان إن يطرحوا تصورهم ووجهة نظرهم لأعرف فيما إذا كانوا يقفون على نفس الخط حيث أقف وان اعرف بماذا يفكرون وماذا يجب ان نفعل كان إجماعا تقريبا بأننا في طريقنا للقيام بعمل مختلف تماما.
وسبق لموفاز ان قدم قبل عام من عملية “نتانيا” خطة أطلق عليها اسم “حقل الأشواك” قام الجنرال “غال هيرش” مع مرور الأيام بتغير اسمها لتصبح “السور الواقي” وكان جوهر الخطة يقوم على فكرة تدمير وتفكيك البنية التحتية “الإرهابية” الفلسطينية في الضفة الغربية.
وكشف “موفاز” في المقابلة الصحيفة ولأول مرة بان خطة مماثلة كانت مطروحة في تلك الأيام للتعامل مع قطاع غزة أيضا.
س: ماذا دفعك لاتخاذ قرار بتنفيذ عملية من هذا النوع؟
ج: سألنا أنفسنا كل ليلة ثلاثة أسئلة مركزية الأول هل هناك ضرورة وكان الجواب “نعم” إذ لا يمكننا الاستمرار هكذا بل يجب علينا تغير الأجندة اليومية ونحن من يتوجب عليهم ان يقرروا كيف يغيرون الأجندة اليومية. السؤال الثاني هل نمتلك القدرة؟ لقد تدربنا على ذلك قبل عام من الملية وكل سرية ولواء وكتيبة وفرقة عسكرية كانت تعرف بالضبط مهمتها.
أمام السؤال الثالث يقول “هل نمتلك الشرعية للقيام بذلك؟ حتى لا نشرع بعملية ما وبعد ساعتين يقوم العالم بإيقافنا أنا شخصيا شعرت بأننا نمتلك الشرعية سواء داخل إسرائيل أو أمام العالم الذي فهم بأننا لا مكن ان نسمح باستمرار هذا الوضع وفي تلك الليلة أجملت الصورة بان الجيش وبعد الانتهاء من تقييم الوضع بالقول بان الجيش جاهز ومستعد لتنفيذ عملية “السور الواقي” وعلينا تحضير كل ما يترب على ذلك حتى ظهيرة اليوم التالي بما في ذلك تجنيد الاحتياط وعرض الوضع امام رئيس الوزراء ووزير الجيش والكابينت.
س: لم توجه أي معارضة للعملية؟ واسلوبها؟
ج: لم تكن معارضة للفكرة الرئيسية بل كانت فروق طفيفة تتعلق بالأسلوب مثل كيف نفتتح المعركة هناك من اعتقد بضرورة شن العملية ضد جميع المدن الفلسطينية في نفس اللحظة وجميع مخيمات اللاجئين وهناك من يعتقد بضرورة القيام بالعملية بشكل تدريجي وطرح سؤال حول من أين نبدأ العملية بأي مكان؟ هل نبدأ في رام الله او نابلس؟ لكن كان هناك إجماع حول العملية وللخطوة الكبيرة وكان من المهم بالنسبة لنا ان تكون النتائج حاسمة وقاطعة في نهاية العملية وكان من الممنوع ان تنتهي العملية بعلامات استفهام.
س: هل طرحت خلال العملية أفكار لم تقبل بها ولم تصادق عليها؟
ج: كانت خطط لجزء من الأفكار التي لم اقبل هبا ولم أصادق عليها لأنني اعتقدت بان درجة المخاطرة فيها عالية لذلك طلبت منهم تغيير الخطط واحد النماذج البارزة كانت تتعلق بمنطقة القصبة بمدينة نابلس، حيث كان يتوجب على قوات المظليين دخول المنطقة وكانت الخطة الأولى تقول بدخولهم عبر الشوارع والأزقة لكنني توقعت أن تكون هذه الشوارع والأزقة مفخخة وان هذه الخطة لا توفر حماية كافية فطلبت منهم تغيرها وفي النهاية قدموا لي فكرة تحولت مع الأيام إلى إحدى أساليب عملية السور الواقي والمتمثلة بفكرة المرور من بيت إلى بيت لتصبح هذه الطريقة إحدى الصور الهامة المتعلقة بالعملية وهي صورة الجنود وهم يقتحمون مخيمات اللاجئين من بيت إلى بيت وليس عبر الشوارع والأزقة بل نحدث فجوات في جدران المنازل وهذه الطريقة أثبتت نفسها عبر نجاح كبير وعبر عدد الإصابات المنخفض جدا ومكنتنا من تحقيق المهمة بأقل ثمن.
س: نجح رئيس السلطة في ذلك الحين ياسر عرفات بخداع المستوى السياسي بكل ما يتعلق بالسيطرة على المنظمات “الإرهابية” وحتى نجح بخداع مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنية ماذا كنت تعتقد أنت شخصيا في تلك الأيام؟
ج: عرفنا منذ اندلاع الانتفاضة ان عرفات هو قائد “الإرهاب” لقد أراد تحقيق الأهداف التي طالب بها “إقامة الدولة الفلسطينية” عبر وسائل العنف و” الإرهاب” وسفك الدماء واصدر أوامره لقوات التنظيم والأجهزة الأمنية الفلسطينية بضرورة قتل الخروج لقتل اليهود والإسرائيليين وهو من أمر بتنفيذ العمليات “الانتحارية” وكان علينا ان نوقف العمليات “الانتحارية” وكان واضحا ان يد عرفات هي العليا وهو من يقف وراء هذه العمليات ومع الأيام أثبتت الأدلة التي وجدناها خلال عملية “السور الواقي” مثل السيطرة على سفينة “كارين A” دون ادنى شكل بان عرفات هو قائد هذا الإرهاب واعتقد بان الدول الغربية اعترفت بهذه الحقيقة.
وكتب الرئيس بوش في رسالته “السور الواقي” بشكل واضح بان عرفات هو زعيم “الإرهاب” ويجب تغيره واستبداله وكان هذا الموقف احد النتائج بعيدة المدة للعملية العسكرية.
س: تميزت هذه العملية بكثرة الإشاعات التي كان من الصعب على الجيش في البداية نفيها، كيف تعاملت هيئة الأركان مع التقارير التي تحدثت عن عمليات خطف وإسقاط مروحية؟
ج: يتلقى رئيس الأركان معلوماته من قسم العمليات والاستخبارات حيث لا مكان للإشاعات وفقط ينقلون لك معلومات ومعطيات ويجب عليك أن تدرسها وتتخذ على أساسها القرارات صحيح كان هناك إشاعات ويجب عليك أن تكون قادر على تحصين نفسك في وجه هذه الإشاعات وان تركز تفكيرك على المعلومات والمعطيات التي يقدمونها لك صحيح وجهنا لحظات صعبة وكان لنا لحظات صعبة للغاية أيضا وأنا اعتقد بان لحظات القتال داخل جنين وخاصة داخل مخيم جنين كانت لحظات غاية بالقسوة والصعوبة وتصرف الجيش هناك باتزان كبير معرضا نفسه لمخاطر كبيرة.
س: ما هي أصعب لحظات عملية “السور الواقي” من وجهة نظرك كرئيس أركان؟
ج: كانت الصعوبة تتمثل باستمرار التفجيرات والعمليات داخل العمق الإسرائيلي حتى أثناء العملية العسكرية أنت تعمل ضد مدينة اثر أخرى ومخيم لاجئين اثر مخيم ولا زالت التفجيرات تهز المدن الإسرائيلية هذه لحظات صعبة جدا وكما قلت سابقا محظور علي أن اظهر كمحبط وان أقول “اوكي نحن نستسلم للواقع” وعلى العكس منذ لك ضاعفنا الضغط ووسعنا نطاق العملية وامنت بان التصميم والإصرار والمواظبة واستكمال المهمة المتمثلة بوقف التفجيرات الانتحارية ستأتي بالنهاية بالأمن للإسرائيليين وهذا ما حدث.
س: كان هناك الكثير من الانجازات مثل التكتيك القتالي الجديد من ناحيتك ما أهم انجازات العملية؟
ج: كان اهم انجاز هو إدراك المنظمات “الإرهابية” خاصة حماس والجهاد بانه وفي اللحظة التي يقرر فيها الجيش الإسرائيلي أن يقاتل يفعل ذلك حتى النهاية ويحقق النصر وكان مهما بالنسبة لي ان نخرج من هذه العملية بشعور بأننا انتصرنا على “الإرهاب الانتحاري” ولا يمكن ان نوقف مثل هذه العمليات بشكل مطلق لكننا انتصرنا على هذا النوع من “الإرهاب” وأوقفنا العمليات الانتحارية، كما أوصينا بإقامة الجدار وهذا الدمج الذي خلقناه بين حرية العمل للجيش في الضفة الغربية وفي كل المدن حقق الحد الأعلى من نتائج عملية “السور الواقي” وذلك على شكل وقف العمليات الانتحارية.