عروبة الإخباي – دعا العين الدكتور وجيه عويس الى احداث مراجعة شاملة في قطاع التعليم العالي لاعادة الالق الذي تميز به منذ تأسيس اول جامعة في المملكة.
وقال وزير التعليم العالي الاسبق الدكتور عويس خلال اللقاء الشهري الذي تنظمه جمعية حماية المستهلك، ان تزايد اعداد الطلبة غير المدروس خلال السنوات السابقة كان على حساب الجودة.
واضاف ان سياسة التعليم العالي عموما تعاني من جملة من الاختلالات التي تراكمت عبر مراحل متتالية ابرزها تناقص وعدم استقرار الدعم المالي للجامعات وثبات الرسوم الجامعية التي لا تغطي اكثر من 30% من تكلفة الطالب وكانت النتيجة الحتمية عجز موازنة الجامعات وتفاقم مديونيتها.
ولفت عويس الى ان من جملة الاختلالات ايضا عدم تعديل سياسة القبول وتخفيض اعداد الطلبة الملتحقين في الجامعات، وتزايد عشوائية طرح التخصصات دون ادنى مراعاة لحاجة السوق مما زاد من معدلات البطالة، بالاضافة الى ضعف بعض الادارات الجامعية الرسمية ومبالغة بعض الرؤساء بالتعينات والقبول الجامعي مما زاد في الترهل الاداري وانخفاض مستوى التعليم.
وقدم الدكتور عويس عددا من الحلول العملية لتصحيح مسيرة التعليم العالي بما يخدم الوطن والمواطن ومنها استمرار الحكومة في تسديد مديونية الجامعات واعادة هيكلة الرسوم الجامعية لبعض التخصصات المكلفة تدريجيا وعدم تحميل الجامعات اعفاءات الرسوم الجامعية من الجهات المختلفة، بالاضافة الى تخفيض عدد الطلبة المقبولين في الجامعات وتجميد والغاء بعض التخصصات المشبعة والتوسع في الكليات التقنية وتوجية نحو 40% من خريجي الثانوية العامة لها.
واكد الدكتور عويس ان بداية التعليم العالي وتحديدا في المرحلة التي امتدت منذ العام 1962 الى 1987 كانت بداية صحيحة وموفقة مع إنشاء أول جامعة في العام 1962 وهي الجامعة الأردنية، وكان مستواها الى جانب جامعات أخرى أنشئت لاحقا ممتازا، بالاضافة الى أن عدد الطلبة الى أعضاء هيئات التدريس كان متوازنا ونقل الاردن الى مراحل متقدمة على المستوى الإقليمي والدولي وأصبح معنى الاستثمار مهما جدا لان التعليم هو اكبر استثمار.
وقال أن هذه المرحلة تميزت بعدة ميزات اهمها القرار الاستراتيجي باصدار قانون الرسوم الاضافية عام 1965 الذي ينص على تحويل الرسوم الاضافية للبنك المركزي واعتماد سياسة القبول على رغبة الطالب وقدراته في التخصصات المختلفة، اضافة الى تعزيز مفهوم استقلالية الجامعات ومنحها صلاحية القبول دون تأثيرات او ضغوط خارجية.
وأشار الى ان المرحلة التي امتدت من العام 1987 لغاية العام 1997 شهدت تزايدا على التعليم العالي حيث تضاعف عدد الطلبة اربع مرات وعدد اعضاء هيئة التدريس حوالي ثلاث مرات، كما زادت وتنوعت التخصصات، اضافة الى انشاء 3 جامعات رسمية وتأسيس 10 جامعات اهلية، كما بدأ العمل بالبرنامج الموازي في جامعة العلوم والتكنولوجيا عام 1996، الا ان المرحلة شهدت عدة قرارات خاطئة وضعت مسيرة التعليم العالي امام مزيد من التحديات ابرزها تخلي الحكومة عن دعم الجامعات وانشاء جامعات خاصة داخل الجامعات الرسمية ، مما ادى ذلك الى نتائج كارثية على مستوى التعليم العالي.
ولفت الى انه في الوقت الذي أصبحت الشهادة الجامعية مصدر أمان عند كثير من الناس حيث صار الأهل يدفعون أبناءهم دفعا للدراسة في الجامعة مهما كانت الظروف لأنها مطلب هام بغض النظر عما إذا كانت هذه الشهادة ستوفر فرص عمل أم لا وبات المهم ان يحصل الطالب على شهادة جامعية، وفي هذه الفترة زاد عدد الجامعات وتضاعف عدد التخصصات وهنا للأسف فقدنا أول ميزة وهي عدم مواءمة التخصصات الجامعية لسوق العمل، وصارت فوضى القبولات واضحة بشكل كبير حتى فقدنا السيطرة على القطاع الى حد كبير وبتنا نعجز عن التخطيط لهذا القطاع الهام وصولا الى مشكلة أعمق وهي كيفية تخفيض أعداد الطلبة المقبولين في مؤسسات التعليم العالي.
وبين الدكتور عويس انه خلال السنوات الماضية زاد عدد الخريجين من الجامعات بشكل كبير، فمثلا لدينا 20% من خريجي درجة البكالوريوس هم عاطلون عن العمل الى جانب 49% في صفوف الإناث، ومما زاد المشكلة تعقيدا السماح إنشاء الجامعات الخاصة وهذا لا يعني أنني ضد هذه المؤسسات، فهي ساهمت في تقليل عدد ممن يرغبون في الدراسة وأصبحت أمرا واقعا على أي حال، لكن المأخذ عليها انها جامعات ربحية واستثمارية حتى وان كانت مسجلة اسم جامعة غير ربحية وهذا مصدر قلقنا لان التعليم صار مصدرا للربحية وهذا خطا كبير.
وحذر الدكتور عويس انه إذا لم نسارع في حل مشكلة التعليم العالي فإننا نخشى أن نصل الى حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي أيضا فهناك عائلات لديها عدد من الخريجين عاطلين عن العمل وهذا سيكون له مردود سلبي على الأمن الاجتماعي وربما السياسي إذا بقينا نراوح مكاننا مع ان الأصل أن يكون الحال جاهزا منذ 25 عاما.
حضر اللقاء الذي اداره رئيس “حماية المستهلك” العين الدكتور محمد عبيدات عددا من الساده النواب والاعيان وبعض رؤساء الجامعات واكاديميين من مختلف الجامعات والتخصصات.-(بترا)