المتتبع للقوانين العنصرية التي تسنها الكنيست في السنتين الأخيرتين يلاحظ وبلا أدنى شك: أن العدو الصهيوني يبدو وكأنه في سباق مع الزمن من أجل التضييق على الفلسطينيين العرب في منطقة 48، فلا تمضي بضعة أشهر إلا ومشاريع قوانين جائرة تُسّن وتستهدف الفلسطينيين هناك, إن من حيث التضييق على حريتهم أو من حيث تقييد حركتهم!منذ بضعة أسابيع لا أكثر أنهى الكنيست الإسرائيلي دورته الشتوية بعد إقرار العديد من مشاريع القوانين العنصرية بالقراءات الثلاث: أول هذه القوانين: تمديد قانون لم شمل العائلات الفلسطينية لسنة جديدة, وتحويل قانون منع دخول فلسطينيي الضفة الغربية والقطاع إلى مناطق 48، من قانون أجرائي مؤقت إلى قانون دائم. بموجب القانون يجري تشتيت العائلات الفلسطينية التي أحد الزوجين فيها عربي/عربية من الضفة الغربية أو قطاع غزة أو من أي مكان في العالم.هذا القانون مخالف لكل الشرائع والمواثيق الدولية ويبلغ حجم المتضررين من هذا القانون من خمسين إلى ستين ألفاً. القانون الثاني يمنع الفلسطينيين من الضفة الغربية دخول منطقة 48 دون إذن خاص من السلطات الرسمية تحت طائلة العقوبات, ويخضع للأخيرة كل من يثبت أنه قام بتسهيل دخول أولئك إلى منطقة 48 من أهلها العرب القاطنين فيها.
القانونان الثالث والرابع اللذان أقرهما الكنيست يستهدفان التمثيل السياسي البرلماني لفلسطينيي 48.القانون الثالث يرفع نسبة الحسم في الانتخابات التشريعية الى 3.25% بدلاً من 2%.والنسبة الجديدة لم تصل إليها أية قائمة من فلسطينيي منطقة 48. هذا ما يؤكد أن الهدف من هذا القانون هو إسقاط غالبية اللوائح الفلسطينية في انتخابات الكنيست. بالرغم من أن الكيان الصهيوني يستفيد دعائياً من دخول بعض الفلسطينيين العرب إلى الكنيست, للقول بأن إسرائيل هي دولة”ديمقراطية” والتي طالما تباهت امام العام بهذه الديمقراطية؟!. القانون الرابع يسمى قانون ” استقرار الحكم” وهو يهدف إلى تهميش الأصوات العربية في الكنيست ودورها في إمكانية إسقاط الحكومات الإسرائيلية بالتحالف مع قوائم أخرى. وبموجبه فان إسقاط أي حكومة يحتاج إلى 61 صوتاً وفي ظل رفع نسبة الحسم التي تحد من دخول الفلسطينيين إلى الكنيست يصبح بالمعنى الفعلي أن لا قيمة للأصوات العربية في إسقاط الحكومات أو تشكيلها.
القانون الخامس المقّرْ يستهدف رعاة الماشية العرب وبخاصة في منطقة الجنوب, وهو يعاقب بالسجن أصحاب المواشي الذين تدخل أغنامهم إلى أية حقول زراعية, حتى لو عن طريق الخطأ, لتصل العقوبة إلى ستة أشهر في السجن. القانون السادس يسمى قانون ” الاستفتاء العام” وبموجبه فإن أي اتفاق لإنهاء الصراع ( المقصود مع الفلسطينيين والعرب) تتوصل له الحكومة الإسرائيلية ويتضمن انسحاباً من أراض تقع تحت ما يسمى بـ”السيادة الإسرائيلية ” يتوجب أن يحوز على 80 صوتاً, وفي حالة عدم حصوله على هذه النسبة يتحول إلى استفتاء عام. وبموجب الخارطة الحزبية الإسرائيلية ووجود أحزاب يمينية وفاشية متطرفة في الكنيست فمن الصعب أخذ موافقة 80 نائباً ( فالكثيرون من النواب يعتبرون الضفة الغربية وغزة وهضبة الجولان العربية السورية والقدس ومنطقتها أرضاً إسرائيلية لا يجوز التخلي عنها) وبحكم وجود اليمين المتطرف في الشارع الإسرائيلي بنسبة لا بأس بها، فإن من الاستحالة بمكان أن يفوز أي استفتاء للانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بنسبة 51% , بالتالي فلا قيمة مطلقاً للقرار بأي انسحاب تقرره حكومة إسرائيلية حالية أو لاحقة.للعلم الاحتلال فرض على القدس وهضبة الجولان القانون الإسرائيلي باعتبارها أراضي إسرائيلية.
في الكنيست أيضاً طرح وزير المالية مشروع قانون جديد تُلغى بموجبه ضريبة الشراء وقيمتها 18% من البيوت الجديدة التي يشتريها الأزواج من الشباب, شريطة أن يكون أحد الزوجين قد أدّى الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. معروف أن الفلسطينيين العرب يرفضون تأدية هذه الخدمة، بالتالي فالشباب العرب يستثنوا من هذا القانون ويتوجب عليهم دفع هذه الضريبة. ووفقاً للنائب العربي محمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة, فإن العنصرية في هذا القانون مضاعفة, فمن ناحية فإن الحكومة لا تقيم مشاريع إسكان عامة في المدن والمناطق العربية كما هو الحال في البلدات اليهودية، فهذه المشاريع نادرة جداً لدى العرب،وقد تكون بشكل محدود، وثانياً شرط الخدمة العسكرية الذي هو”كلمة التورية ” للعنصرية الإسرائيلية.
أما النائب زحالقة رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي فقال: إن وزير المالية يائير لبيد يطرح مشروعاً عنصرياً, وهو يريد منافسة أفيجدور ليبرمان بعنصريته وكل ما يطرحه هو عنصري، فلا يكفي حرمان العرب من أراضيهم بل يأتي اليوم باقتراح تخفيضات مفصلة لحرمان العرب منها, ودعا إلى منح العرب تخفيضات في تكاليف بناء بيوتهم.
الغريب: أن العديد من دول العالم وبخاصة الولايات المتحدة وحليفاتها الأوروبيات يُسّوق ” للديمقراطية ” الإسرائيلية باعتبارها “ديمقراطية متطورة؟!” والأغرب أن هذه الدول لا تتكلم جملة واحدة عن العنصرية الصهيونية؟! التي تضاهي أشد الأنظمة فاشية وعنصرية في التاريخ.