خالد الزبيدي/الاستقرار الاقتصادي المنشود في إقليم ملتهب

اظهرت دراسة دولية حديثة الحاجة الملحة لمباشرة إصلاحات جريئة في السياسات الاقتصادية بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي، والنمو المنشود، وتوليد فرص عمل جديدة في المنطقة، وتستعرض الدراسة اقتصادات كل من الاردن ومصر وليبيا والمغرب واليمن وتونس، وتخلص الى ان آفاق الاقتصاد قصيرة الأجل لا تزال محفوفة بالتحديات وأن الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي يمثل الأولوية في الفترة القادمة.
ويؤكد دارسون وباحثون ان معامل الارتباط قوي بين الاستقرار الاقتصادي والاستقرار السياسي، وان الاخفاق الاقتصادي في توليد المزيد من فرص عمل جديدة، وتحسين مستويات المعيشة، وتعميق التباطؤ من شأنه ان يذكي مطالبات عامة الناس ويسرع التغيير والتحول، وان الاحباط المسيطر على الشارع العربي سببه انحراف ثورات ما يسمى بـ (الربيع العربي) الذي تغرب قبل ان يشتد عودته، وتم السطو عليه، و/او انحرافه بعيد جراء سياسات الجزرة والعصا، وهنا فان محركات التغيير مازالت كامنة في المنطقة وتتهيأ لمرحلة جديدة، وهذه المحركات …اخفاق الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بتفاوت في عواصم التغيير العربي.
وباعتبار ان الاستقرار الاقتصادي هي اليافطة العريضة لاي اصلاح حقيقي يجب بالضرورة ان يولد المزيد فرص عمل جديدة لدرء مخاطر الانفجار الشعبي، ويخفف الفقر والبطالة الذي بلغ مستويات لا يمكن تجاهلها، وتحسين مستويات المعيشة بعد ان تضررت بقوة بعد ان تآكلت القدرة الشرائية للسواد الاعظم من مواطني دول المنطقة، وفي هذا السياق فأن مجموع السياسات الاقتصادية الكلية لم تستطع وقف انهيار المعطيات من بطالة وفقر وتدني مستويات المعيشة، ولكل عاصمة من عواصم المنطقة خصوصيتها، الا ان القاسم المشترك لها هو نقص فرص العمل وارتفاع البطالة واتساع نطاق الفقر.
وبالعودة الى دول المنطقة .. تونس وليبيا ومصر واليمن والعراق وسوريا فهي تشهد حالة من ضعف متباين في الاستقرار الامني والسياسي، اما الاردن فينعم باستقرار سياسي وامني، الا ان جميع عواصم المنطقة تتشارك في تأزم اقتصادي متفاوت، وان السياسات الكلية كثيرا ما تتحدث عن الاصلاح الاقتصادي والمالي، الا ان النتائج مغايرة تماما لما يطرح، فالعجوز المالية على ارتفاع وتتبعها المديونية ( الداخلية والخارجية) التي تسجل عاما بعد آخر ارقاما قياسية جديدة، واسهل تبرير للحكومات والمسؤولين في تشخيص الواقع الاسود اما التدخل الخارجي او تداعيات الازمة المالية العالمية التي اصبحت خلف معظم الدول المتقدمة والناشئة وتداعيات « الربيع العربي» الذي اختص بدول المنطقة ولا يغادرها برغم القتل والتدمير الذي وصل مستويات لايمكن لاي عاقل ان يتقبلها او حتى يفسرها من العامة او النخب من سياسيين او باحثين.
الاستقرار الاقتصادي ضمن السياسات الراهنة والمواقف المحلية او الاقليمية والدولية مازال بعيد المنال، وان الاستسلام للواقع الراهن كمن يقف امام فوهة بركان لا يمكن التنبؤ بانطلاقه…وهذا هو التحدي الاكبر امام المنطقة وشعوبها ونظمها دونما استثناء .

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري