عروبة الإخباري– خاص – تحت هذا العنوان انعقدت ندوة تطوير العلوم الفقهية والتي تتكرر سنويا منذ أكثر من عقد من الزمان إذ مضى على الندوة الأولى (2002) زمنا كافيا لترسيخ تقاليد عميقة ظل يرعاها ويشرف عليها سماحة الشيخ احمد الخليلي مفتي سلطنة عُمان.
وقد كنت حظيت بحضور ندوة العام الماضي وهي الندوة الثالثة عشرة والتي انعقدت تحت عنوان “فقه رؤية العالم والعيش فيه المذاهب الفقهية والتجارب المعاصرة”
وقد علقت على هذه الندوة في أكثر من مقالة لي في جريدة الرأي الأردنية التي أكتب فيها عمودا يوميا.
وقد أغرتني وقائع الندوة وأهميتها وموضوعاتها اللصيقة بالواقع الاسلامي والتحديات التي تواجهه وضرورة مواجهتها والرد عليها بفقه واقعي وافتاء يتناسب ما بين متطلبات الواقع وجوهر العقيدة الاسلامية السمحة في نصوصها المختلفة.
الاقتراب من الواقع القائم والتعامل معه فقهيا من منظور اسلامي تتوافق عليه المذاهب الاسلامية جاء بتوجيه من الامام الخليلي الذي راكم خبرات عميقة وممتدة وعلاقات عريضة وواسعة مع مختلف علماء المسلمين في عديد من مذاهبهم فكانت عُمان موقعا مستقطبا أخذ بروح ومضمون الآية الكريمة”أدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة” مجسدة نهج رسول الله (ص) في التعامل ما بين المسلمين ومع الآخر..
تتفتح هذه الندوة على الآخر وهذا الآخر سواء من المذاهب الاسلامية او الآخر الانساني في دينه وعقيدته ليبني جسورا مشتركة في البعد الانساني والمصالح .فالعالم أصبح قرية وأصبح صغيرا لتعاظم أهمية وسائل الاتصال والمعرفة ..
ولما كان النهج العماني الذي بناه السلطان قابوس ويجري تجسيده بهمة وعمل ابناء السلطنة على مختلف مواقعهم فقد جاءت إناطة هذا العمل لوزارة الأوقاف بحكم تخصصها ورعايتها ليثمر في هذه الندوات العديدة المباركة التي اضطردت مع الامام الشيخ أحمد الخليلي الذي حرص على مواصلتها وتذليل كل العقبات أمامها لما فيه خير للاسلام والمسلمين..
لقد خدمت الاباضية كمذهب اسلامي صافي مسيرة الدين وما زالت وهي الان أكثر قدرة على تقديم نفسها وشرح مضامينها وفقهها في شراكة مع المذاهب الأخرى وفي تصاهر يستفيد من الحوار وبني عليه..
وتأتي هذه الندوة الأخيرة الان والتي عاودت حضورها لأشارك فيها لتأخذ بالمفاهيم المرتبطة بالعيش في مواضيعه المختلفة المتعلقة بالقرآن الكريم والسنة المطهرة والقانون الدولي والخطاب التشريعي لغير المسلمين في القرآن والسنة والمقاصد الشرعية والقواعد الفقهية والتاريخ والاعراف..
ولعل الادارة الناجحة لهذه الندوة المتصلة عبر أعوام والتي تركت آثارها المحمولة الى ديار الاسلام وعواصمه لنرسم خريطة طريق لفقه الواقع والتشارك الاسلامي والانساني انطلاقا من الحرص على المصالح المشتركة في عالم يشكل تحدي الحوار بين الحضارات فيه موضوعا رئيسا لاستمرار تعاون البشرية.
لعل هذه الادارة العمانية المجسدة في رؤية الامام الخليلي هي ما أغراني العام الماضي للحضور الى عُمان والحوار معه في برنامج “حوار مع كبار” الذي بثه التلفزيون الأردني في هذه الفترة وأعاد هذه الحلقة تحديدا أكثر من مرة لما حملته افكار الشيخ الخليلي من أهمية ولما يتوفر فيها من ردود مناسبة على قضايا تعيشها مجتمعاتنا وخاصة شبابنا الذي أولته فتاوى الشيخ الكثير من الاهتمام..
لقد جاء عمل الإعلام العماني الذي يقوده الان شاب واع هو الدكتور عبد المنعم الحسني ليدفع بهذه الندوة الى الواجهة لتكون عنوانا مشتركا لحضورها وللدول التي تمثلت في الحضور لما وفرته هذه من امكانيات مناسبة لنجاحها..
ولعل الأوراق القادمة مع أكثر من عالم ومن أكثر من بلد فيها تشخيص يجب أن يكون دقيقا ونافعا خاصة وأن مجتمعاتنا العربية المضطربة التي تشهد ايقاعات سريعة هي بحاجة الى اعادة بناء واقعها على ضوء فقه جديد أصيل يخدم المشترك الانساني بعد أن أطلت من خلال الفوضى التي عاشتها شوارع عربية كثيرة خلافات واحتقانات مذهبية وطائفية لا بد من الاسراع في معالجتها بالحوار والتبصير بواقع الأمة والحرص عليها..
وزير الإعلام العماني د.عبد المنعم الحسني