طارق الهاشمي/مؤتمر القمة العربي في الكويت .. كأنك يابو زيد ما غزيت !!

على قدر أهل العزم تأتي العزائم، الحكمة التي غدت منذ أن أطلقها الشاعر المتنبي منذ قرون مضرب الأمثال، عزائم متواضعة تقود في العادة إلى إنجازات متواضعة، وهذا هو حال القمة العربية في دورتها الخامسة والعشرين في الكويت.
ورغم أن الثقة الشعبية تراجعت بالجامعة العربية ومؤتمراتها منذ وقت طويل، لكن ما فقدناه اليوم هو قوة الخطاب بعد أن كنا فقدنا اقتران القول بالعمل.
لم يعد الكيان الصهيوني هو التهديد الوحيد لحاضر الأمة ومستقبلها، بل انضم إليه التهديد الفارسي الذي لا يقل عنه خطرا، وكان من المؤمل أن يفضي تعاظم التهديد وتنوعه إلى التقريب في وجهات النظر والتوحد خلف الثوابت والمشتركات على أساس أن “المصائب يجمعنا المصابينا”، لكن الذي حصل هو العكس مع الأسف، حيث تفشت بدل ذلك ظاهرة عدم الاستقرار، ولاسيَّما في العديد من دول الربيع العربي، إضافة إلى حالة تفاقم الشقاق والفرقة بين الدول سواء على الصعيد العربي أو الصعيد العربي الخليجي، وكان المأمول أن تنجح القمة في تخفيف حدة الخلاف بالتركيز على الهم العربي المشترك باعتباره ثابتا من شأنه أن يستقطب الجميع لكن ذلك لم يحصل وعاد القادة إلى دولهم كما خرجوا منها خالي الوفاض من أي قرارات ذات مغزى، وهذا الوضع مع الأسف الشديد من شأنه أن يبقي على حالة الاضطراب قائمة لسنوات قادمة من الزمن.
ملفات ساخنة كان المأمول أن يتصدى لها القادة العرب بجرأة وبمسؤولية وبقرارات حازمة نظرا لخطورتها على الأمن القومي العربي، لكن القمة في بيانها الختامي إما تجاهلتها أو تعاملت معها رغم سخونتها باستحياء كحالة التهديد الإيراني، أو الحصار المفروض على غزة، أو تهويد القدس الشريف أو الاستهداف الطائفي للعرب السنة في العراق، أو البربرية التي يتعرض لها الشعب السوري من جانب النظام بالقتل والتشريد والخراب… والغريب بدلا من الانتصار له كوفئ هذا الشعب صاحب المائة وخمسة وعشرين ألف شهيد وعشرة ملايين مشرد ومهجر بحرمانه من مقعد الجامعة العربية الذي كان منح له في مؤتمر قمة الدوحة قبل سنة!!
من حق الشعوب العربية أن تغضب وأن تفقد الثقة نهائيا بمثل هكذا مؤتمرات، بل من حقها بعد ذلك أن تفكر في خيارات بديلة.
أعجز عن أن أعذر قائدا عربيا وهو يتجاهل حصار غزة والناس تموت، إما لنقص في الوقود أو لنقص في الدواء بفضل الحصار ولديه القدرة المالية الكافية ولا يتكرم!! بل لا أستطيع أن أتفهم موقف مسؤول وهو يتجاهل قتل الأطفال اليومي في سوريا الجريحة بالبراميل المتفجرة أو تهجير العوائل على مدار اليوم والساعة ولا يفعل شيئا، بل يكتفي بالتفرج!! يصعب علي أن أتفهم موقف عدم الاكتراث ومدفعية نوري المالكي وطيرانه تدك بيوت العرب السنة في الرمادي والفلوجة وبهرز والطارمية وجرف الصخر وسليمان بيك، صباح مساء، وفوق ذلك الولايات المتحدة وروسيا وإيران تدعم عدوانه في السر والعلن وكأن العرب لا يعنيهم الأمر، رغم أن العديد منهم قادرون على ممارسة الضغط على هذا الطرف أو ذاك ولا يفعلون!! نعم يصعب علي أن أتصور أن ذلك يحصل والعرب مشهورون بالمروءة والنخوة، لكنه مع الأسف هو واقع الحال، إنه بالفعل زمن الانحطاط.
لدي كلام كثير مشوب بالحسرة والألم.. لكني أقول وبكل موضوعية وتجرد: لو اعتمد خطاب أمير دولة قطر الشيخ تميم كجدول أعمال ربما كانت القمة وفقت في الخروج بقرارات ذات مغزى، لكن وهي قد تجاهلت ذلك فإن الفرصة تكون قد ضاعت. وهكذا يضاف إلى قائمة القمم الفاشلة مؤتمر قمة الكويت.

Related posts

مشهد بائس يتطلب التدخل* ماهر أبو طير

مجدّو أمريكي! أرمجدون انتخابي؟* بشار جرار

الانتخابات الأميركية وسياسة الدعم الثابت لإسرائيل في الشرق الأوسط”* سماح مطر