راجح الخوري/شعب السيسي و”شعب” بوتفليقة!

إذا كانت حركة التغيير المصرية التي فجّرت ثورتين في اقل من عامين، قد دفعت المشير عبد الفتاح السيسي أخيراً الى ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة، فان قرار عبد العزيز بوتفليقة الترشّح لولاية رئاسية رابعة يقفل الابواب في وجه اي تغيير في الجزائر.
بين مصر والجزائر يبدو المشهد متناقضاً. كان يمكن القول ان “الربيع” ممنوع من دخول الجزائر لو لم يتحوّل هذا الربيع سقوطاً في الفوضى الدموية على ما تبيّن في الاعوام الثلاثة الماضية، لكن من الواضح ان مصر تسلك الطريق الصحيح، في وقت تراوح الجزائر داخل دائرة بوتفليقة المغلقة منذ عام ١٩٩٩.
أن يرشّح السيسي نفسه للرئاسة، من منطلق قوله “لا احد يستطيع ان يصبح رئيساً لمصر من دون ارادة الشعب وتأييده، ولا يمكن ان يجبر احد المصريين على انتخاب رئيس لا يريدونه” فهذا كلام محترم، اما ان يرشّح بوتفليقة نفسه لولاية رابعة وعبر رسالة الى الشعب، تقول ان حاله الصحية لن تحول دون ترشّحه، على رغم انه امضى اربعة اشهر في المستشفى خارج الجزائر بعد اصابته بجلطة دماغية، فهو ما يدفع معارضيه الى القول: “كيف يستطيع الادعاء انه قادر على تسيير البلد وهو لا يقدر على الوقوف ساعتين أمام التلفزيون ليعلن ترشيحه”؟
واذا كان من المعروف ان المصريين نظموا حملة واسعة عنوانها “كمّل معروفك”، دعت السيسي الى الترشّح للرئاسة بعد “معروفه” المتمثّل بازاحة محمد مرسي و”الاخوان المسلمين” عن الحكم منعاً لوقوع مصر في حرب اهلية، فان بوتفليقة الذي يعد الآن باجراء اصلاحات دستورية كان قد عدّل الدستور عام ٢٠٠٨ الذي يمنع الرئيس من الترشّح لولاية ثالثة وها هو يذهب الى الرابعة!
السيسي يقول إنه يترشّح على خلفية طموحه لتلبية حاجة المصريين الى الكرامة والامن والحرية والخبز، ويصارح الشعب بواقع الأحوال الصعبة في مصر وخصوصاً في موضوع الخبز، وهو يدعو المصريين الى التكاتف والعمل ومواجهة المهمات العسيرة واستعادة مصر وبنائها، وبوتفليقة يختزل الجزائريين بقوله: “قرّرت حتى لا أخيّب رجاءكم الترشّح للانتخابات… ويعزّ عليَّ ان لا استجيب نداءاتكم في البقاء ولاية جديدة، وعقدت العزم على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، باعتبار ان الولايات الثلاث الماضية كانت مجرد تمرين رئاسي!
المصريون انتظروا طويلاً ان يعلن السيسي ترشيحه، وهذا سيشكّل فواتير باهظة تترتب على نتائج حكمه، لأن آمالهم بتحسّن شامل للوضع بلغت حدود السماء في بلد ينتج من الافواه اكثر من قدرته على انتاج الخبز، وبوتفليقة لا يحتاج حتى الى اجراء الانتخابات إذا كان الجزائريون ينامون امام ابوابه طالبين منه الاستمرار وهذا ليس صحيحاً على الاطلاق!

rajeh.khoury@ annahar.com.lb

Related posts

الموازنة العامة.. تعزيز الثقة والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات*د. محمد أبو حمور

مشهد بائس يتطلب التدخل* ماهر أبو طير

مجدّو أمريكي! أرمجدون انتخابي؟* بشار جرار