يا أصحاب الجلالة والفخامة والسمو تجتمعون اليوم في دولة الكويت الشقيقة في ظروف يعيش فيها الإنسان العربي أسوأ مراحل حياته، تحيط بكم ثلاث دول نووية وأخرى تتوالد مفاعلاتها النووية على شواطئكم البحرية وانتم في خلافاتكم منشغلون، الشيوعية عندكم محرمة وحاربتموها سرا وعلانية، والليبرالية عندكم ردة وكفر وزندقة، والإسلام عندكم وحملة لوائه إرهاب وإرهابيون، والقومية والقوميين جاهلية أولى، والشعب العربي بكل مكوناته غير موثوق به، وجيوشكم تشكّون في ولائها وراح بعضكم يستعين بجيوش لم ترها شعوبكم بعد، إلا ذوو البصر (زرقاء اليمامة) والبصيرة، من بين كتائبها ” بلاك ووتر ” المشهورة في تاريخنا الحديث واسألوا الشعب العراقي الحر عنها وما فعلت بهم، واسألوا بعض دول مجلس التعاون عن فيالق المرتزقة الذين يعملون فيها كقوة موازية للجيش الوطني.
غاب العقل عند بعضكم فخسرتم العراق بكل ما يملك ولم تحسنوا حتى التعامل مع علمائه وكتابه ومفكريه الذين ضاقت بهم أرض الرافدين فهاجروا قهرا لا رغبة في الهجرة، واتسعت بعدهم بلاد الرافدين لجنود الظلم والعدوان ومعهم جحافل دعاة الطائفية والطامعين والحاقدين والفاسدين واللصوص والمتربصين بأمتنا العربية فاستفادت من تلك العقول العراقية المهاجرة قسرا دول أخرى وانتم تحرّمون عليهم دخول بلادكم وتعاملتم معهم كأعداء لا ثروة قومية تحافظون عليها ولا شركاء يؤتمنون.
(2)
اليوم يا حكامنا الميامين أنتم مختلفون على أمور ليست واجبة الاختلاف، مختلفون على من يشغل مقعد سورية الحبيبة في قمتكم، مختلفون على ما يجري في مصر هل الحكومة القائمة في مصر اليوم حكومة انقلاب عسكري تم في وضح النهار أم حكومة شرعية؟ أنتم مختلفون في شأن “الإخوان المسلمون” هل هم حركة إرهابية أم منظمة سياسية دينية كحزب الليكود وحزب شاس في إسرائيل والحزب الديمقراطي المسيحي في ألمانيا؟ أنتم مختلفون على إصلاح خلافاتكم من أجل النهوض بالأمة . كنت أتمنى لو انشغلتم بحال مصر التي تغرق في الديون بمبلغ يزيد على 2 ترليون جنيه كيف تنقذونها من تلك الورطة المستعصية، كنت أتمنى لو انشغلتم بإصلاح ذات البين في مصر من أجل شعب مصر وعزها وأن تقفوا مع الشرعية المنتخبة من قبل الشعب للدكتور محمد مرسي لا حبا فيه وفي إدارته للدولة بقدر ما هو حب لشرعية أنظمتكم وحمايتها من سطوة العسكر في لحظة في يوم غير مشمس. كنت أتمنى أن تسلكوا في تعاملكم مع مصر السيسي ورهطه كما تعامل الاتحاد الإفريقي، وكما تعاملت الإدارة الأمريكية، وكما تعامل الاتحاد الأوروبي لا كما يتعامل الخائفون من غضبة شعوبهم.
(3)
يقول الكارهون والرافضون لتولي أي حزب إسلامي السلطة في أي بلد عربي: إنهم لو تمكنوا من المسك بزمام السلطة فلن يترجلوا عن صهوتها أبد الدهر وسيعضون عليها بالنواجذ. ذلك احتمال افتراضي لا يمكن البناء عليه، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ألم يحكم معمر القذافي أربعين عاما ولم يترجل إلا بالقوة المسلحة الدولية والعربية والليبية؟ ألم يحكم علي عبد الله صالح اليمن ثلاثين عاما ونيف جر على اليمن كل مصائب الدهر ولم يخرج من قصر الرئاسة إلا بالقوة القاهرة ؟ وكذلك حسني مبارك هل قبل بتداول السلطة سلميا أم بقي حتى أزيح بإرادة الشعب ؟ وماذا تقولون عن حكم بيت الأسد في سورية هل استجاب لمطالب شعبة في الإصلاح ومحاربة الفساد وهدار كرامة الإنسان في سورية وقبل بتداول السلطة سلميا أم أنه يصر على حكم سورية الحبيبة ولو جعلها حجرا على حجر كما يفعل اليوم؟ وما حكم النظم الوراثية في هذه الحالة؟ هل قبل احدهم بتداول السلطة ولو كان مع أفراد أسرته قبل التفاف الساق بالساق؟ لم يفعلها أحد منهم غير أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ولم يسلم من الانتقاد من قبل بعض الحكام العرب على ما فعل لأنه سجل سابقة تاريخية في سجل الحكم الوراثي في الوطن العربي.
(4)
يا زعماءنا المبجلين أعلم أن جدول أعمال قمتكم في الكويت بنوده كثيرة ووقتكم محدود وصحة بعضكم لا تسمح بالجلوس لساعات طويلة لمناقشة بنود جدول الأعمال، سيتضمن جدولكم قضايا منمار وما يحيق بإخوانكم في الإسلام هناك، وما يجري لهم في جمهورية إفريقيا الوسطى، وجمهورية مالي والنيجر وجنوب إفريقيا وسد الحبشة الذي يبنى على نهر النيل وإيران ومشروعها النووي وما يجري في أوكرانيا والصومال واليمن وسورية وما يجري على أرضها هل تحل سلميا أو عسكريا والعراق والطائفية والبحرين والتهديدات التي تتعرض لها، والإرهاب وما أدراكم مالإرهاب.
كنت أتمنى يا زعماءنا المخلصين أن تحدد قمتكم أربع قضايا لا خامس لها لمعالجتها واتخاذ قرارات في شانها ملزمة لكل القادة العرب أولها: اليمن والمحافظة على وحدته وانتشاله من ما هو فيه من اقتتال وماسي لا حدود لها، ثانيها: سورية والانتقال بها من مرحلة التدمير الشامل والتهجير القسري للمواطنين إلى مرحلة السلام والأمن ولو عن طريق إزالة حكم بشار الأسد، ثالثها: فك حصار غزة من قبل مصر ونصرة الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه، والرابع: إسقاط حكم المالكي في العراق الذي طغى في البلاد وأكثر فيها الفساد والخامس: إنها الفرقة بينكم واعتماد حسن النية في تعاملكم ولا تقهروا شعوبكم وتلاحقونهم بتهمة محاربة الإرهاب والإرهابيين واعلموا أن أمنكم لن يتحقق وشعوبكم مقهورة من قبلكم.
(5)
يا أصحاب الجلالة والفخامة والسمو اعلموا حق العلم أنه كلما زادت قبضتكم الأمنية على شعوبكم وكلما تعددت الأجهزة الأمنية في دولكم فإن ذلك يدل على أنكم لستم على حق في كثير من الأمور ولا بد من مراجعة أسلوب إدارتكم لدولكم، وتأكدوا بأنه كلما قويت شوكة الأجهزة الأمنية ونالت تأييدكم كلما كان ذلك إضعافا لسلطتكم وانعداما لهيبتكم.
آخر القول: ليكن قدوتكم في الحكم عمر بن الخطاب الذي قال عنه الأعرابي ” حكمت ياعمر فعدلت فأمنت فنمت” فهل منكم من يفعل ما فعل ابن الخطاب؟!!.