هل تستطيع الكويت انقاذ القمة العربية التي ستستضيفها الاسبوع المقبل، وخصوصاً مع اتساع رقعة الخلافات التي تعصف الآن ما بين المحيط والخليج؟
الواقع ان الكويت التي استحقت ان تكون دولة القمم والمصالحات، على خلفية هندسة بارعة لترميم العلاقات بين العواصم العربية رتبها دائماً اميرها الشيخ صباح، وكان ابرزها القمة الاقتصادية عام ٢٠٠٩، تواجه الآن مهمات صعبة في ظل الاضطراب في العلاقات العربية، ولهذا تحولت الديبلوماسية الكويتية منذ اسابيع خلية ناشطة تتحرك في كل الاتجاهات، في محاولات مستميتة لترتيب الاوضاع ومحاولة اعادة وصل ما انقطع بين الاشقاء.
إن نظرة على الواقع السياسي والامني العربي تكفي لمعرفة المهمات الصعبة الملقاة على عاتق الكويت في هذه الايام، فمنذ قمة انشاص في ايار من عام ١٩٤٦ الى القمة الاخيرة في الدوحة العام الماضي، لم تكن العلاقات العربية في حال من التشظي والاضطراب كما هي عليه الآن، ولهذا على الكويت اجتراح ما يشبه المعجزات في اكثر من مكان، لكي تنقذ “مؤسسة القمة العربية” المهددة والتي سبق ان تعطلت لفترة طويلة بعد اتفاق “كمب ديفيد”.
ثمة ازمة متفاعلة في العلاقات الخليجية بعد استدعاء السعودية ودولة الامارات والبحرين سفراءها في قطر، احتجاجاً على عدم التزام الدوحة الاتفاق الذي كان قد رتبه أمير الكويت انقاذاً للقمة الخليجية الاخيرة، عندما اصطحب الشيخ تميم الى الرياض حيث تمّ التوقيع على اتفاق مع خادم الحرمين الشريفين، تقول الرياض ان الدوحة لم تنفذه.
أزمة العلاقة مع قطر تفجّرت على خلفية اصرار الدوحة على دعم “الاخوان المسلمين”، وهو ما يضرب اصلاً العلاقات بينها وبين مصر. وكان وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد قد زار بداية الشهر القاهرة والدوحة في محاولة لتطويق الخلاف المستشري بين البلدين، وفي هذا السياق لم تتحدث الكويت عن “وساطة” بل عن جهود للتهدئة قبل القمة، ولكن مع انفجار سحب السفراء الثلاثة اصبحت الأمور اكثر تعقيداً.
هناك ايضاً ازمة متفجّرة سببتها الاتهامات التي وجهها نوري المالكي الى السعودية وقطر، والتي انعكست ايضاً على علاقة العراق مع دولة الامارات، التي انتقدت افتراءات المالكي المرتبطة اصلاً بالسياسة الايرانية لضرب العلاقات الخليجية، وهنا ايضاً كانت الكويت تسعى لترطيب الاجواء بين ايران ودول الخليج وهو ما تبيّن من زيارة رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم الى طهران.
إذا اضفنا الوضع الكارثي في سوريا ووقوف الجزائر والسودان الى جانب النظام على رغم كل المذابح، ثم نظرنا الى الوضع المتفجّر في ليبيا، يمكن ان تكتمل خريطة شبكة الازمات العربية العميقة، التي اذا استطاعت الكويت ان تتجاوزها لن تنقذ القمة فحسب بل توقف الانهيار المريع في البيت العربي.
rajeh.khoury@annahar.com.lb