عروبة الإخباري – قال سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات الدينية، ان الهوية العربية الجامعة تصطدم بمسألة الجنسيات والهويات الضيقة داعياً إلى التمييز بين الهوية والجنسية، وتعزيز القدرة التحمّلية للمنطقة من خلال التأكيد على الهوية المشتركة.
ولفت خلال لقائه في كنيسة مار شربل عدداً من أبناء الجالية اللبنانية في المملكة، امس، الى أن هناك توافقاً ضمنياً بين الهويات المتعصبة على تدمير الهوية العربية المستقرة مشدداً على ضرورة النظر في أسباب الهجرة القسرية من المنطقة.
وقال سموه ان أشكال التمييز لم ينصّ عليها في الدساتير، ولا يكفي أن تعالج من خلال القوانين، فمسائل مثل الإعاقات والجندرة والطائفية والعرقية تصبح في هذا السياق مجالاً للّهو والعبث من قبل الكثيرين.
وشدد الأمير الحسن على ضرورة الربط بين استقلالية الرأي واستحضار المعايير العالمية في سياق تطبيقها في المنطقة العربية تطبيقاً علمياً مدروساً مستذكراً أن الحروب الكونية الكبرى، التي كانت في أساسها حروباً أهلية أوروبية، قد دفع ثمنها العرب، الذين لا يزالون يدفعون ثمن حريتهم بسبب إقحام المنطقة في الصراعات على حساب الكثير من حقوق الإنسان.
وأضاف سموه أن الحقد على الهوية العربية أصبح وكأنما هو الأساس لبناء كيانات الكراهية داعياً إلى تفعيل الصناديق السيادية العربية في مواجهة هذه المسألة من خلال تمكين المواطن العربي وتعزيز مفاهيم الخير والزكاة على أرض الواقع.
ودعا قمة الكويت التي يجري الإعداد لعقدها يومي 25 و26 آذار الحالي إلى تكليف مجموعة من أصحاب الرأي لوضع سيناريوهات علمية ومدروسة لمستقبل المنطقة العربية وخير شعوبها. وقال الأمير الحسن ان المسيحية في الشرق أساس من أسس تكوين الهوية العربية الإسلامية مشدداً على ضرورة التفكير في آليات لإدارة الفضاء الديني وإجراء الحوار الجاد بين أتباع المذاهب الإسلامية المختلفة، إذ لا بدّ حسب سموه – من التعامل بذكاء مع الواقع الإسلامي المتنوع.
وأكّد سموه “أن لبنان أكبرُ من وطن، إنّه رسالة، كما صرّح البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته لبيروت في سنة 1997، ولا يمكن أن تكونَ للبنان رسالةٌ في هذا العالم من دون المحبّة والتسامح والوحدة الإنسانيّة، والق يَم التي أبدعَها طيلة تاريخ ه الحضاري”.
وتساءل سموه: كيف يستطيع اللبنانيون في الخارج طرح القضية اللبنانية على العالم وحماية أرض لبنان ومياهه ونفطه وغازه من الأطماع الإسرائيلية “المعلنة”، ومن الصراع على الحدود المائية في البحر الأبيض المتوسط؟. كما تساءل الأمير الحسن: هل نستطيع أن نتحدث عن تخفيف آثار الأزمة السورية على الواقع اللبناني والأردني، وربما العراقي، دون الحديث عن خطة إقليمية، داعياً إلى عقد مؤتمر إقليمي لمعالجة أمن المنطقة، وهذا أمر لن يتم حسب سموه في ظل “الفوضى المستدامة” التي تعيشها المنطقة.
وقال سموه ان عملية الإصلاح في المنطقة، وبالأخص الإصلاح التربوي، تحتاج إلى توفير القاعدة المعرفية للكفاءات العربية، إذ ثمة معاناة شديدة بسبب غياب المعرفة وغياب الأولويات وتفضيل المشروعات على الرؤية بدلاً من تكاملهما.
وأضاف الأمير الحسن أننا مررنا بمئة عام من التاريخ المرّ، ولا يجب أن نطرح من معادلاتنا تضحيات من سبقونا، إذ لا بدّ من استكمال المعرفة بالفكر وتوظيفها وتكييفها لخدمة مستقبلنا، وفي هذا السياق لا بدّ من استراتيجية عربية للاتصال فيما بيننا أولاً ومع العالم الخارجي ثانياً.
وكان اللقاء بدأ بكلمة ترحيبية بسموه من قبل كاهن رعية كنيسة مار شربل المارونية في الأردن المونسنيور جهاد ناصيف، تلتها كلمة سفيرة الجمهورية اللبنانية ميشلين باز، فكلمة المهندس فؤاد فرحان أبو حمدان، رئيس لجنة الجالية اللبنانية في الأردن.
وجرى في نهاية اللقاء حوار بين الحضور وسمو الأمير الحسن تناول بعض المفاصل الرئيسة ذات العلاقة بواقع المنطقة العربية ومستقبلها.بترا