السفارة الاذربيجانية في عمان تحي الذكرى الثانية والعشرين لمذبحة خوجالي

عروبة الإخباري – تحيي جمهورية أذربيجان هذه الأيام الذكرى الثانية والعشرين على مأساة مدينة خوجالي إحدى أبشع المآسي في تاريخ أذربيجان خلال القرن العشرين، حيث قامت القوات المسلحة الأرمينية في ليلة السادس والعشرين من فبراير 1992م بالهجوم علي مدينة خوجالي الأذربيجانية، وذلك بدعم ومساعدة من الفوج 366 مشاه التابع للجيش السوفيتي والمقيم بمدينة خانكندلي القريبة من هناك.

وقد أسفر هذا الهجوم عن تدمير مدينة خوجالي بالكامل، وراح ضحيته 613 شخص من الأذربيجانيين الأبرياء، من بينهم 106 نساء، 63 طفلاً، و70 مسنا، وتم القضاء علي ثماني أسر بالكامل، وهذا بجانب اعتقال 1275 شخصا أذربيجانيا، منهم 150 شخصًا لا يُعرف مصيرهم حتى الآن.

لقد سعت أرمينيا منذ أن استقلت جمهورية أذربيجان عن الاتحاد السوفيتي السابق في 18 أكتوبر 1991م الى تكثيف سياستها المعادية لأذربيجان، وأحتلت منطقة قراباغ الجبلية التي تمثل عشرين بالمائة من أراضي أذربيجان، وقامت قبل ذلك بطرد 200 ألف أذربيجاني من أرمينيا عام 1988م. وأدت هذه السياسة التي تنتهجها أرمينيا إلى تدمير مئات القرى الأذربيجانية، وإراقة دماء عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء، وطرد وتشريد آلاف المئات من المدنيين العزل، ولكن بالرغم من هذا كله تعد مأساة خوجالي هي الأشهر حدة وبشاعة في كل هذه الأحداث.

ولكن هناك سؤالا يطرح نفسه هو لماذا مدينة خوجالي بالذات التي تقع بها هذه المأساة؟

وللإجابة على هذا السؤال المهم علينا أن نعرف أن مدينة خوجالي تقع وسط منطقة قراباغ الجبلية الأذربيجانية المحتلة حاليًا من قبل الأرمن، ولها موقع استراتيجي مهم في هذه المنطقة. وتعد مدينة خوجالي هي ثاني أكبر المناطق السكنية للأذربيجانيين بعد مدينة شوشا في منطقة قراباغ الجبلية ويعيش بها سبع آلاف نسمة. وهي علي بعد عشرة كيلو مترات من مدينة “خانكندلي” في الجنوب الشرقي من أذربيجان، عند سلسلة جبال قراباغ، كما يوجد بها المطار الوحيد بمنطقة قراباغ الجبلية بأكملها.

ولقد اعترف الجانب الأرميني بعد ذلك بأن الهدف الأساسي من هجومه على مدينة خوجالي هو تدميرها وإخلاء طريق “عسكران خانكندلي” المار بها، والاستيلاء على المطار الموجود في حوزة الأذربيجانيين.

ويجدر بنا في هذا المقام الإشارة إلى أن مدينة خوجالي هي مدينة يسكنها الأذربيجانيون منذ زمن بعيد، حيث يوجد بها حتى يومنا هذا  آثار تاريخية قديمة، وبها آثار حضارة خوجالي جداباي الأذربيجانية التي تعود إلى القرنين الرابع عشر والثاني عشر قبل الميلاد. وعثر بها أيضًا علي آثار مدفونة تعود إلى نهاية العصر البرونزي وأوائل العصر الحديدي مثل بعض الصناديق الحجرية، والسراديب والمقابر الضخمة. وغير ذلك من الآثار التي تعود لحضارة الأذربيجانيين القدامى.

لم يكن الهجوم علي مدينة خوجالي مفاجئا، بل كان مخططًا ومدبرًا من قبل. فقد حاصر الأرمن المدينة منذ أكتوبر 1991م (أي منذ بداية إعلان أذربيجان لاستقلالها عن الاتحاد السوفيتي). وفي 30 أكتوبر من العام نفسه مُنع وصول الحافلات إليها، وأصبحت وسيلة المواصلات الوحيدة لهذه المدينة هي “طائرات الهليكوبتر”. وقدمت آخر “طائرة هليكوبتر” إلى خوجالي في الثامن والعشرين من يناير 1992، وبسبب إسقاط طائرة الهليكوبتر المدنية من سماء مدينة شوشا راح ضحيتها 41 شخصا، لم يعد هناك اي وسيلة للمواصلات ،  وقطع التيار الكهربائي عن المدينة اعتبار من الثاني من يناير 1992م ، ورغم ذلك بقيت المدينة صامدة بفضل شجاعة أهلها، وجسارة المدافعين عنها. لالذي تمثل على شكل عن مجموعة دفاعية محلية مسلحة بأسلحة بسيطة، وجنود من رجال الشرطة والجيش الوطني.

أحكمت القوات الأرمينية حصارها علي المدينة منذ  بداية النصف الثاني من شهر فبراير حيث كانت تشن عليها هجمات يوميًّا وتقوم بإطلاق النار علي المدينة ، حيث ارتكبت  تلك الجريمة البشعة في ليلة السادس والعشرين من فبراير 1992.

وقد شاءت الاقدار بأن يكون هناك من يسجل وقائع تلك المأساة  من الاعلامين والصحفيين حيث كانت  “الصحف العالمية شاهد عيان” لتلك المجزرة الغير مبررة ،    

فقد كان هناك شهود عيان قدموا شهاداتهم  والتي وردت بالصحف العالمية قائلين : لقد ألقى الإعلام العالمي عقب حدوث مأساة خوجالي الضوء على تلك الجريمة التي ارتكبها الأرمن في حق الإنسانية جمعاء وليس في حق الشعب الأذربيجاني فحسب، حيث زار العديد من الصحفيين الأجانب والمحليين مكان الحادث وشاهدوا عن قرب ما حدث هناك بالتفصيل، ومثال ذلك، الصحفي الفرنسي جان ايف يونت الذي يروي عن هذه الأحداث ما يلي: “لقد شاهدنا مأساة خوجالي، ورأينا مئات من جثث الموتى، من بينهم النساء والشيوخ والأطفال، والأشخاص الذين كان يدافعون عن خوجالي. لقد أتيحت لنا طائرة هيلوكبتر. وكنا نصور ما تراه أعيننا ونحن في الجو،. وفي هذه الأثناء أطلقت الوحدات العسكرية الأرمينية على  طائرتنا النار، واضطررنا أن ندع التصوير ونعود. لقد سمعنا الكثير عن الحرب، وقرأت كثيرًا عن غدر الفاشيين الألمان،

ولكن الأرمن فاقوا ذلك بقتلهم الأبرياء والأطفال في عمر الخامسة والسادسة. ولقد رأينا في المستشفيات والمعسكرات وحتى في رياض الأطفال وفصول المدارس عددًا كبيرًا من الجرحى”!

وثمة اعترافات كثيرة بخصوص مأساة خوجالي ليس فقط من الأجانب، بل من العديد من الأرمن أنفسهم ونكتفي هنا بشهادتين اثنتين، أحدهما لـ”سرج ساركسيان” الرئيس الأرميني الحالي ، حيث يقول:

“كان الأذربيجانيون يعتقدون قبل خوجالي أنهم يمزحون معنا ، ويظنون أن الأرمن شعب لا يمكن أن يرفع يده على السكان الأبرياء. لقد استطعنا التعامل مع هذا الأمر. فماذا حدث”؟!

والشهادة الثانية للكاتب والصحفي الأرميني المقيم حاليًا في لبنان “داود خيريان”، والذي يروي في كتابه المعنون “في سبيل الصليب” بفخر عن مذبحة خوجالي ، فيقول:

“في برد الصبح القارس، كان يجب علينا أن نقيم جسرًا من الموتى للعبور من المستنقع الموجود بالقرب من منطقة “باشيولاق”. لم أرد السير فوق جثث الموتى. فرأى ذلك العقيد أوانيان، فأشار لي “لا تخف”. فوضعتُ قدمي في صدر جثة طفلة في التاسعة أو الحادي عشرة من عمرها، وبدأت السير. لقد غرقت قدماي وملابسي في الدم، لقد عبرتُ بهذه الطريقة فوق 1200 جثة”.

أما عن الجانب الأذربيجاني ودوره في نشر حقائق هذه المأساة، فقد قامت أذربيجان بالعديد من الإجراءات والتدابير خلال الأعوام الماضية، لكشف حقائق الأرمن عن طريق نشر الكتب باللغات الأجنبية، وإصدار النشرات والوثائق التي تبين مأساة خوجالي على جميع الأصعدة الدولية.

ومن هذا المنطلق أطلقت السيدة، ليلي علييف نائبة رئيس مؤسسة حيدر علييف الخيرية والمنسقة العامة لحوار الثقافات في منتدى الشباب لدى منظمة التعاون الإسلامي حملتها الدولية “العدالة نحو خوجالي”.

وتهدف الحملة إلى إطلاع المجتمع الدولي على حقائق مأساة خوجالي، والحصول على تقيمها الحقوقي والسياسي والمعنوي من قبل المجتمع الدولي، وتنفذ الحملة من قبل مئات من المتطوعين في أكثر من 35 دولة حتى الآن.

ونتيجة لجهود الجانب الأذربيجاني في المحافل الدولية، تفاعل المجتمع الدولي بهذه الأحداث وأدان هذه الاعتداءات الواقعة على الشعب الأذربيجاني، وصدر عن منظمات التعاون الإسلامي عدة قرارات تستنكر فيها العدوان الأرميني وتطالب بالانسحاب الأرمني غير المشروط لجميع القوات الأرمينية من الأراضي الأذربيجانية المحتلة.

كما اعترف اتحاد برلمانات دول منظمة التعاون الإسلامي مرة أخرى بمأساة خوجالي في دورته السابعة التي عُقدت مؤخرًا في مدينة باليمباتج الإندونيسية، وأضاف بندًا بالمؤتمر تحت عنوان “اعتداء أرمينيا علي أذربيجان” ينص علي ما يلي: “يدعو المؤتمر برلمانات الدول الأعضاء فيه إلي الاعتراف بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها القوات المسلحة الأرمينية ضد الأذربيجانيين الأبرياء في السادس والعشرين من فبراير، ويطالب بمعاقبة مرتكبي هذه المذبحة”. ويجدر الإشارة إلي أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اتخذ قرارات رقم 822، 853، 874، 884 بشأن عدوان أرمينيا علي أذربيجان، وكذلك صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات رقم 60- 285، 62- 243 بشأن “الوضع في الأراضي الأذربيجانية المحتلة”.

إن انتهاك حقوق الإنسان بشكل سافر علي يد الأرمن ومعاونيهم المشاركين في مذبحة خوجالي يعتبر انتهاكًا صريحًا للاتفاقيات الدولية مثل “اتفاقية جينيف”، و”الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، و”الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية”، و”إلاعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة”. وبالرغم من كل ما ذكر من قرارات وكتابات بشأن مذبحة خوجالي، علينا أن نعترف أن العالم لا يزال

 يعلم القليل عن الجرائم التي ارتكبها ولا يزال يرتكبها الأرمن ضد الشعب الأذربيجاني.

Related posts

عقدٌ من الابتكار.. زين تحتفل بمرور 10 أعوام على تأسيس منصّتها للإبداع (ZINC)

وَقْف ثَريد يطلق الحملة الإغاثية غزة لنا فيها أخوة

بنك القاهرة عمان يفتتح فرعه الجديد في تاج مول