أعترف بانني قضيت أوقاتا طويلة، ومملة غالبا، في محاولة معرفة فكر الداعية يوسف القرضاوي، وتطلب ذلك مراجعة بعض كتبه، ومشاهدة بعض مقابلاته الصحفية والتلفزيونية، وسماع ردوده على الاسئلة، وتتبع المضجر من محاضراته، وقد وجدته شخصا تقليديا جدا في فهمه وتواصله، ويفتقد القدرة على الاسترسال بطريقة منطقية، ربما بسبب كبر سنه، حتى مخارج الألفاظ لديه ترهق من يحاول تتبع ما يقول. وقد عجبت، لوهلة، للكيفية التي استطاع فيها بلوغ «مكانته»، ونجاحه في خلق تلك الهالة شبه «المقدسة» حول نفسه، ولكني تذكرت القول المحلي «قالوا والنعم بفلان، قلنا من ردى ربعه»! فالقرضاوي الذي يعتبر الأب الروحي لتنظيم الإخوان المسلمين، ورئيسا «لعلماء» المسلمين، وغير ذلك من مناصب، لم يكن ليصل إلى تلك المكانة، حسب اعتقادي، لولا وقوف الآلة الإعلامية للإخوان وأموالهم وراءه. ولا ننسى دور أجهزة إعلام قطر وترويجها لأفكاره. كما أن انبهار البعض بشخصه ربما يعود للمؤلفات العديدة التي وضعها خلال مسيرته الدعوية، والتي كانت سياسية اكثر منها دينية، وكانت في غالبيتها كلاما مكررا أو اجتهادا فيما لا اجتهاد فيه، فكيف نقر بكمال الدين، ثم يسمح لكل من هب ودب، أو من لم يهب ولم يدب للزيادة فيه، وتأويل ما يشاء وتفسير ما يشتهي؟ كما أن مؤلفاته في غالبيتها مملة وتخوض فيما لا يلزم، ولا تختلف في خطها العام عن الفكر العام للإخوان الذين غطوا ضحالتهم الفكرية بإعلامهم القوي وأموالهم الطائلة التي جمعوها في غفلة من الزمن من السذج، ومن طالبي الأجر والثواب، وهي الثروات التي سخرت في النهاية لراحتهم الشخصية وتطلعاتهم السياسية، وأفضل مثال على ذلك تجربة وصولهم إلى الحكم في مصر، واصرار قيادتهم على «تنصيب» مرسي رئيسا، وهذا كشف سذاجتهم السياسية! وبالتالي نعتقد بأن مرحلة القرضاوي -الذي طالبت مصر قطر بتسليمه لها، لأنه مطلوب للعدالة فيها- قد قربت، وسينكشف سريعا.
ملاحظة: كلما شاهدت مقطعا للأحاديث والقصص التي كان يلقيها بعض رجال الدين المصريين، في حقبة حكم الإخوان القصيرة لمصر، من أمثال محمد حسان، وابو إسلام، والحويني، وغيرهم، شعرت بالفزع لذلك الخطر الرهيب الذي كانت ستتعرض له عقلية 80 مليون مصري، لو استمر حكم أولئك الجهلة أكثر من ذلك.
أحمد الصراف
habibi.enta1@gmail.com
www.kalamanas.com