إلى الغرب من حيفا بمسافة 80 كيلومترا اي (50) ميل، يقع حقل "تمار" الذي بدأ ضخ أول إنتاج من الغاز قبل عام، بعد أربع سنوات من أعمال التطوير في الجانب الإسرائيلي، بقدرة أولية تبلغ 10 مليارات متر مكعب سنويا. وتملك شركة "نوبل إنيرجي" الأميركية 36 % من هذا الحقل. أما الحقل الثاني، فهو "لفياتان" الذي يبعد 130 كيلومترا أي (81) ميل غرب حيفا في البحر الأبيض المتوسط، وتشارك فيه الشركة الأميركية ذاتها بنسبة 39 %. وما يعنينا أن "نوبل إنيرجي" ستقوم بضخ الغاز من هذين الحقلين غير المتنازع عليهما مع لبنان أو سورية، وفقا لإدارة شركة البوتاس العربية، عبر أنبوب إلى المنطقة الحدودية في الأردن بعد نحو عامين.
الأنبوب الذي سيمتد 15 كيلومترا، ستقع مسؤوليته، وفقا لرئيس مجلس إدارة "البوتاس العربية" جمال الصرايرة، على الشركة الأميركية. وتذهب تأكيدات الصرايرة إلى أن الاتفاقية وقعت لمدة 15 عاما بين "البوتاس" و"نوبل إنيرجي" التي تمتلك حقوقا في حقول الغاز في سائر أنحاء العالم، وأن "لا علاقة تجارية بين شركة البوتاس وأي جهة إسرائيلية، سواء في السابق أو من خلال هذه الاتفاقية"؛ فالعلاقة حصرية فقط مع الشركة الأميركية التي يمكن لها جلب الغاز إلى "البوتاس العربية" من أي مكان في العالم.
وفي التفاصيل أن هذه الاتفاقية تأتي لاستيراد ملياري متر مكعب من الغاز، وفق ضمانات توريد وضعتها "نوبل إنيرجي"، بعقود قيمتها 771 مليون دولار، وبأسعار تفضيلية ستوفر من خلالها "البوتاس" 357 مليون دولار، أو بمعدل 16 دولارا لكل طن منتج. أما المعلومات المتعلقة باستيراد النفط من أي شركات أخرى، ومن مناطق أخرى، فتشير إلى كلفة كبيرة ستتحملها "البوتاس العربية" التي تعاني أصلا بسبب شح مصادر الطاقة، وارتفاع كلفتها إلى نحو 40 % من إجمالي كلفة إنتاج البوتاس.
ما سبق لا ينطوي على تبريرات، بل هو حقائق تكشفها الاتفاقية التي وُقعت الأربعاء الماضي، وثار حولها جدل محلي بشأن استيراد غاز إسرائيلي. وواقع الحال يشير إلى أن "البوتاس العربية" تسعى للتكيف مع تطورات اقتصادية وإنتاجية بعد أن أغلقت مصنعين (الملح والمغنيسيا) في السنوات الماضية، وعقب إغراق روسيا للأسواق بالبوتاس، وفقا لملامح لا تتصل بمعادلة العرض والطلب. وهذا في الوقت الذي تشغل فيه شركتا البوتاس والبرومين نحو 2500 موظف وعامل.
وفي موازاة جهود مقاومة التطبيع الوطنية ضد الكيان الإسرائيلي، والتي شكلت حصنا قويا بعد عقدين على اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل، فإن عدم توفر مصادر الطاقة، ومثلها المياه، في البلاد، والحاجة الماسة إلى هذين المصدرين في الاقتصاد، تجعلان الخيارات المتاحة أكثر ضيقا أمام الحكومة، وكذلك بعض الشركات الكبرى. ويتذكر الأردنيون أن تصريحات رئيس الوزراء قبل ستة أشهر، بشأن أخذ مياه من طبريا لتزويد محافظات الشمال، في مقابل تقديم الأردن لإسرائيل مياها تتم تحليتها في الجنوب، قد مرت من دون جلبة