أصدر مركز “أدفا” الإسرائيلي لأبحاث القضايا الاقتصادية –الاجتماعية تقريرا للعام 2013 وترجمه إلى العربية الباحث برهوم جرايسي.
التقرير يبين بشكل لا لبس فيه الهوة الاقتصادية الاجتماعية بين كل من السكان اليهود والعرب وأيضاً بين اليهود الغربيين (الأشكناز) واليهود الشرقيين (الحريديم) في الكيان الصهيوني.
يظهر من التقرير أن الفجوات التاريخية بين أوضاع العرب واليهود اتسعت كثيراً في العام 2013، فمثلاً على صعيد البطالة فإن نسبتها العامة في إسرائيل تبلغ 6.5%, بين اليهود تقل عن 5% بينما النسبة لدى العرب تتراوح ما بين 23-25%. أما أسوأ نسبة بطالة فتجدها في صحراء النقب وتتراوح بين 31-37% تليها أم الفحم، فنسبة البطالة فيها تصل إلى 30%, في بلدات الشمال تصل إلى 27%, وفي الناصرة تصل إلى 14%.
بالنسبة لمعدلات الرواتب فإن معدل رواتب اليهود الغربيين يصل إلى 142% أما اليهود الشرقيون فيصل إلى 109%، أما بين العرب فيصل إلى 66% من الرواتب.
بالنسبة للفقر الرسمي فإنه بين فلسطينيي منطقة 48 فإن نسبة الفقر تصل من أربعة – ستة أضعاف عما هي عليه بين اليهود. أما نسبة الفقر على مستوى الأفراد بين اليهود في حدود 15.6% بينما بين فلسطينيي 48 ترتفع إلى 50.5%.
أما بالنسبة بين الأطفال فهي لدى اليهود تبلغ 21.5% وترتفع بين أطفال فلسطينيي 48 إلى 59.5% ولكن في حالة الفصل بين اليهود وتحديداً “الحريديم” الذين يعيشون حياة تقشفية ويرفضون الانخراط كلياً في سوق العمل عن سائر اليهود فإن نسبة الفقر لدى اليهود تنخفض إلى ما دون11%.
من أرقام التقرير تتضح الفروقات الاقتصادية-الاجتماعية بين اليهود والعرب. وهذه الهوة طبيعية في دولة عنصرية تمارس سياسة التمييز العنصري بين ساكنيها.
من الأرقام يمكن الاستدلال على الحقائق التالية:
أولاً: زيف ديمقراطية إسرائيل، هذه التي تتشدق بها صباح مساء، والأدهى أن الدول الغربية تردد هذه المقولة البعيدة كل البعد عن الحقيقة، وتسمي إسرائيل بواحة الديمقراطية في صحراء الدكتاتورية، بالطبع في إشارة للعرب. لقد أصدر مركز عدالة (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل) تقريراً مفصلاً عن الانتهاكات الحكومية لحقوق الأقلية العربية فيها, وقدمّته إلى اللجنة المنبثقة عن هيئة الأمم المتحدة التي تعنى بمكافحة التمييز العنصري، وجاء تقديم التقرير رداً على تقرير رسمي إسرائيلي توخى الإشارة إلى التوجه الرسمي الإسرائيلي في التعامل مع حقوق الأقلية العربية.
التقرير يشير إلى وجود 20 قانوناً مميزاً ضد المواطنين العرب في إسرائيل. وباستعراض ما جاء فيه وفي النشرات التي تصدر عن المركز يتضح أن 17 قانوناً منها هي قوانين مميزة بشكل مباشر وصريح، فهي إما تتعلق بحقوق المواطنين اليهود فقط أو أنها تحد من حقوق المواطنين العرب في الكيان الصهيوني.
أما القوانين الثلاثة الباقية فرغم لغتها المعتدلة ونصها المحايد فإن مدلولها غير المباشر مجحف ومميز ضد المواطنين العرب وتتعلق القوانين الــ17 بمجالات مختلفة.
ثانياً: المجالات التي تمارس فيه الدولة الصهيونية ضد فلسطينيي منطقة 48 هي قوانين أساس (تأسيس الدولة) مصادر القانون الإسرائيلي, حقوق المواطنين, حقوق المشاركة السياسية، حقوق الإسكان والأرض، الحقوق الثقافية, حقوق التعليم، الحقوق الدينية، الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والعمل، التحريض العنصري الممارس من قبل الدولة وسلطاتها الرسمية ضد الفلسطينيين العرب بشكل عام.
ثالثاً: كما يبين تقرير”أدفا” فإن التمييز قائم أيضاً بين اليهود الغربيين والشرقيين وهذا ليس بجديد، فمصادر اليهود الشرقيين تؤكد هذه الحقائق, إضافة إلى الإحصائيات العديدة المنشورة ومنها التقرير الذي استعرضنا فحوى أرقامه. لا ننسى أن الأمم المتحدة كانت قد أصدرت قراراً اعتبرت فيه “الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”. أما من حيث إلغاء هذا القرار فمعروفة الظروف التي جرى إلغاؤه فيها، بعيد انهيار الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية وتفرد الولايات المتحدة بزعامة العالم في زمن القطب الأوحد.
رابعاً: الهدف الإسرائيلي بالمعنى الإستراتيجي هو: خلق ظروف اقتصادية – اجتماعية – سياسية لأهلنا في منطقة 48, بهدف دفع العديد منهم وخاصة الشباب إلى مغادرة فلسطين المحتلة عام 48. ولذلك فإن إسرائيل قامت وما زالت تقوم بسن القوانين التشريعية التي تحد من حقوق الفلسطينيين في منطقة 48، فمثلاً يمنع على الفلسطينيين إحياء ذكرى النكبة، وأصبح من حق وزير الداخلية الإسرائيلي سحب المواطنة من أي عربي إذا ما كان يهدد الأمن الإسرائيلي، إضافة إلى تفصيلات أخرى كثيرة، لعل من أبرزها أيضاً قانون يربط بين الاستفادة من مؤسسات الدولة وبين تأدية الخدمة العسكرية للشباب، معروف أن الشباب الفلسطينيين العرب لا يؤدون هذه الخدمة، السجن سنوات عديدة لكل من يسيء إلى “الدولة اليهودية”.
وبالعودة إلى التقرير يبين مركز “أدفا” في تقريره المذكور أن الفقر بين العائلات في إسرائيل ارتفع منذ العام 2003 إلى العام 2013 بنسبة 7.1% ولكن بين العائلات اليهودية وحدها ارتفع بنسبة 1.4%. أما بين العائلات العربية فقد ارتفع بنسبة 14%.
نتائج نضعها برسم كل الذين يعتقدون بديمقراطية الكيان الصهيوني ويتغنون به.