في حضور اربعين دولة، وخلال اربعين دقيقة، قدم وليد المعلم نموذجاً حياً عن الارهاب الذي يمارسه النظام السوري منذ اربعين عاماً. ليس في وسع احد ان ينكر ان المعلم والوفد السوري حاولا ارهاب مؤتمر “جنيف 2″، وهو ما يعكس سيكولوجياً ثقافة الترهيب المنسحبة عليهم منذ اربعة عقود، إذ لم يتنبه المعلم الى انه راح يقمع بان كي – مون لا بل قمعه امام انظار العالم، لكن عمليات القمع السورية برزت في محطات اخرى في مونترو:
السفير بشار الجعفري قمع الامم المتحدة “لأن تنظيمها للمؤتمر كان مخيباً للآمال” ربما لأن الدول الاربعين التي حضرت تؤيد انتقالاً سياسياً يوقف المذبحة المتمادية في سوريا، ولأنها كانت غاضبة امام صور التعذيب الخارجة من سجون النظام والتي نشرتها “الغارديان” وبثتها “سي ان ان”.
الجعفري متخم بثقافة الترهيب، فعندما سأله الصحافيون عن صور 11000 معتقل ماتوا تحت التعذيب في سجون النظام لم يحاول ان ينكر، قال في بساطة ان التعذيب موجود في معظم دول العالم، والأمر ليس غريباً فلطالما هو ايضاً عذّب الوفود بخطبه امام الامم المتحدة.
الوزير عمران الزعبي هرب غاضباً من سؤال صحافي سوري تكرر 16 مرة: “لماذا لا تلقون البراميل المتفجرة على “داعش” و” النصرة” بل على بيوت الناس؟”. كان يمكن ان يذهب هذا الصحافي لملاقاة وجه ربه لو كان في دمشق. ولأن النظام عمّق في جماعته ثقافة الترهيب، لم يتردد الصحافيون الذين ارسلهم الى المؤتمر في الاطباق بالزعيق في وجه صحافية غربية لأنها استهجنت تصفيقهم بعد خطاب المعلم، رغم اشتباكه المعيب مع بان كي – مون… ثم ألم تلاحظوا حبور اعضاء الوفد السوري عندما واصل المعلم قمع بان المبتسم!
اذا كانت هذه تصرفات وزراء النظام وديبلوماسييه، فكيف تكون تصرفات سجّانيه في الاقبية التي خرجت منها تلك الصور المخيفة؟ لهذا ليس كافياً ابداً مستر جون كيري ان تظهر الانفعال في مؤتمرك الصحافي بعد صمت اميركي عن المذابح مستمر منذ ثلاثة اعوام، ولا يكفي ان تقول: “بشار الاسد هو من يجذب الارهاب من انحاء العالم، ولا يمكن ان نقبل بأن تبقى السلطة في يد فرد واحد او عائلة، ولا سلام واستقرار وانقاذ لسوريا من التجزئة والتقسيم ما دام بشار في السلطة”… هذا كلام يحتاج الى ترجمة!
ذهب النظام لتحويل جنيف مؤتمراً يلزّمه وحلفاءه “الحرب على الارهاب”، لكنه قدم عرضاً ارهابياً مذهلاً، حتى احمد الجربا غرق في الضحك… اما المعلم ورفاقه الذين يعرفون انهم ارتكبوا اخطاء قد لا يغفرها النظام، فعليهم ان يتذكروا ان جنيف افضل مكان في العالم لطلب اللجوء السياسي!