أشاع بدء تنفيذ الاتفاق الموقت بين الدول العظمى وإيران في شأن وقف برنامجها النووي أجواء من الاحباط الشديد في إسرائيل، خصوصا وان هذا الحدث يجيء على خلفية الازمة المستجدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والتي تسببت بها الانتقادات الشديدة التي وجهها وزير الدفاع موشي يعالون الى وزير الخارجية جون كيري.
وعلى رغم كل المساعي التي بذلتها الولايات المتحدة والدول الست العظمى في الدفاع عن فوائد الاتفاق الديبلوماسي مع إيران كونه يحول دون استخدام الخيار العسكري والتسبب بنشوب حرب شاملة في المنطقة ستدفع إسرائيل ثمنها، لا يزال المسؤولون الإسرائيليون مقتنعين بأن إيران تخدع العالم، وأن هدفها هو التخلص من العقوبات الدولية وفي الوقت عينه مواصلة تطويرها للقنبلة النووية بعيداً من انظار مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
شكل قبول بنيامين نتنياهو على مضض بالاتفاق الموقت مع إيران نهاية الحملة التي خاضها ضد البرنامج النووي الإيراني منذ وصوله الى الحكم عام 2009. والاهم من ذلك نهاية التهويل الإسرائيلي بالهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية الذي احتل مركز النقاشات الإسرائيلية – الأميركية طوال العامين الماضيين، وكان موضع خلاف كبير في الآراء بين الطرفين، وخصوصا في ظل تشبث إسرائيل بالمزج بين التهديد العسكري والمحادثات الديبلوماسية، ورغبة الرئيس باراك أوباما في استنفاذ الخيار الديبلوماسي قبل الحديث عن حل عسكري للأزمة.
بعد دخول الاتفاق الموقت مع إيران حيز التنفيذ، والبدء بالمحادثات في شأن الاتفاق النهائي، وجدت إسرائيل نفسها محشورة في الزاوية، وعاجزة فعلاً عن لجم اندفاع إدارة أوباما نحو اتفاق سريع مع إيران بأي ثمن. فوجهت اهتمامها نحو المبادرات التي يقوم بها مجلس الشيوخ الأميركي لسن قوانين تقضي بفرض عقوبات جديدة على إيران إذا تبين انها خرقت القيود التي فرضها عليها الاتفاق في جنيف ولا سيما منها تلك المتعلقة بعمل أجهزة الطرد المركزي وتخصيب الأورانيوم.
وبالفعل تبذل إسرائيل عبر اللوبي اليهودي المؤيد لها في الكونغرس وفي مجلس النواب الأميركي جهدا لدفع هذه القوانين، التي لا يمكن في كل الاحوال ان تدخل حيز التنفيذ اذا فرض عليها الرئيس الأميركي الفيتو، لكنها في حال اقتراحها تشكل ضغطاً على أوباما، وتطعن في شرعية العملية التفاوضية التي يقودها مع إيران.
في هذه الاثناء، تجند إسرائيل جميع مساعيها لجمع الادلة الاستخبارية على ان إيران تخدع المجتمع الدولي، ومواصلة استعداداتها لشن هجوم عسكري منفرد على المنشآت النووية الإيرانية يتوقع بعض المعلقين الإسرائيليين حصوله في فصل الصيف أو الخريف المقبل.