في مذكرات غيتس: نتنياهو عاق وسطحي ومتغطرس واولمرت ابتز واشنطن لقصف سوريا

عروبة الإخباري – يتطرق وزير الدفاع الاميركي السابق روبرت غيتس في مذكراته تفصيلا الى السجالات والمواجهات، الحادة احيانا، التي حصلت بينه وبين مسؤولين بارزين، وبينه وبين بعض الزعماء الاجانب الذين تعامل معهم خلال خدمته أربع سنوات ونصف سنة وزيرا للدفاع في ولايتي الرئيسين جورج بوش وباراك أوباما، ويتحدث في أكثر من مناسبة عن مخاوفه من ان يؤدي نفوذ اسرائيل في البيت الابيض، خصوصا من خلال نائب الرئيس ديك تشيني، الى توريط الولايات المتحدة في حروب جديدة على ايران أو سوريا. ومع ان معارضة غيتس الخيار العسكري للتخلص من المنشآت النووية الايرانية والسورية كانت معروفة، الا انه في كتابه الذي صدر قبل يومين بعنوان “الواجب: مذكرات وزير دفاع في حال حرب” يتناول ببعض التفاصيل طبيعة المناقشات وحدتها بين أعضاء مجلس الامن القومي والمسؤولين في البيت الابيض ومع مسؤولين أجانب وخصوصا الاسرائيليين.

يقول غيتس إن اسرائيل قدمت الى الولايات المتحدة ربيع 2007 أدلة مقنعة على ان كوريا الشمالية تعمل لبناء مفاعل نووي في سوريا. وأشار الى ان ادارة الرئيس بوش كانت منقسمة حيال سبل التعامل مع هذا الامر، وخصوصا ان اسرائيل هي مصدر الخبر ويمكن ان تستخدم ذلك للضغط على واشنطن. ويضيف انه طلب وضع خيارات عسكرية للرئيس بوش. ويشير الى ان التقرير ركز على “كيفية تعطيل الدعم السوري لحزب الله في لبنان، وتحديدا كيف يمكن ان نمنع حزب الله من اطاحة الحكومة اللبنانية الضعيفة اذا كان ذلك جزءا من الرد على ضربة عسكرية لسوريا”. ويوضح ان ردع “حزب الله” بشكل ناجح يتطلب “استخدام قوات اميركية برية، وهو امر لن يفعله الرئيس”. وخلال النقاشات التي تلت ذلك، كان غيتس يجد نفسه في مواجهة تشيني الذي كان يدعو الى قصف الولايات المتحدة المنشاة السورية في اسرع وقت ممكن. وكان تشيني يرى ان تدمير المنشاة السورية سوف يكون ايضا بمثابة رسالة قوية الى ايران كي تتخلى عن برنامجها النووي، وانه يمكن في هذا السيناريو قصف مخازن الاسلحة التابعة لـ”حزب الله” في سوريا. لكن تشيني كان وحيدا في هذه المناقشات، اذ كانت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “السي آي إي” مايكل هايدن في معسكر غيتس.
وفي اجتماع مهم للبحث في ما يمكن فعله في شأن المنشأة النووية في سوريا في تاريخ 17 حزيران 2007، تحدث غيتس عن اسباب معارضته للدخول في نزاع عسكري مع سوريا، وقت لا تزال الولايات المتحدة متورطة في حربين ضد دولتين مسلمتين، وان آخر ما تحتاج اليه واشنطن هو حرب اخرى على دولة مسلمة. وشرح ان اميركا يجب الا توجه ضربة عسكرية لدولة لم تستخدم العنف ضدها، مذكرا بأن الرئيس الراحل رونالد ريغان ندد بتدمير اسرائيل المفاعل النووي العراقي في 1981. وقال إن ضرب الولايات المتحدة المنشأة السورية سوف يثير عاصفة احتجاجات في المنطقة وأوروبا. لكن غيتس وافق مع الجميع على انه يجب منع سوريا من التحول دولة نووية، وانه يوافق على استخدام القوة، ولكن فقط كآخر خيار، ودعا الى استخدام الوسائل الديبلوماسية اولاً.
وعندما شدّد رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك ايهود أولمرت ضغوطه على البيت الأبيض لتدمير المفاعل السوري، شعر غيتس “بقلق حقيقي، لأن الرئيس مؤيد قوي لاسرائيل مثله مثل تشيني وهو معجب جداً بأولمرت” وتالياً فان بوش يمكن ان يسمح لاسرائيل بالتخلص من المفاعل. وفي وقت لاحق يضيف غيتس “حذرت الرئيس من أن اولمرت يريد ان يفرض علينا ما يريده”. ورأى ان أولمرت عملياً يبتز الولايات المتحدة لأن مفهومه للمساعدة الاميركية هو أن تقصف واشنطن المفاعل، وتالياً “فان الولايات المتحدة صارت رهينة لصنع القرار الاسرائيلي”.
ومع ان غيتس يعترف بأن مخاوفه من ردود فعل سورية أو اقليمية لم تكن في محلها (سوريا لم تكشف أولاً ان مفاعلها دمّر)، إلا انه بقي على موقفه المبدئي المعارض للجوء اولاً الى الخيار العسكري. واشار الى ان حقيقة كون العراق وسوريا لم يردا على تدمير اسرائيل مفاعليهما النوويين، قد عزز اقتناع الاسرائيليين المتشددين الذين يقولون أيضاً إن تدمير المنشآت النووية الايرانية لن يؤدي الى رد جذري وخطير.
ويتحدث غيتس عن سجالات حادة جرت بينه وبين بنيامين نتنياهو الذي خلف أولمرت، ويعتبره عاقاً ولا يقدر المساعدات العسكرية التي قدمتها له ادارة الرئيس أوباما. ومشاعر غيتس السلبية حيال نتنياهو لها جذور عميقة وتعود الى الانطباع العدائي الذي خرج به غيتس عندما زاره نتنياهو للمرة الأولى بصفته نائب مستشار الامن القومي السابق برنت سكوكروفت خلال ولاية الرئيس جورج بوش الاب. ويقول غيتس في مذكراته: “شعرت بالاهانة نتيجة سطحيته وانتقاداته لسياسة الولايات المتحدة، هذا اذا لم نتحدث عن غطرسته وطموحه الجامح، وقلت عندها لمستشار الامن القومي برنت سكوكروفت إنه ينبغي ألا نسمح لنتنياهو بالعودة مرة أخرى الى البيت الأبيض”.

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

الانتخابات الأميركية… نهاية للحرب على غزة أم استمرار لها؟

(فيديو) الرئيس الأستوني: يجب حل العديد من الأمور قبل الاعتراف بفلسطين