الرئيس عباس:القدس البداية والنهاية والقلب النابض لفلسطين وعاصمتها الأبدية

عروبة الإخباري – قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس: إن القدس هي البداية والنهاية، ومفتاح السلام، والقلب النابض لدولة فلسطين وعاصمتها التاريخية الأبدية، وينبغي أن تكون العُنوانَ المركزي والأساس في علاقات الدول العربية والإسلامية مع مختلف دول العالم.

وحذر الرئيس عباس في خطابة أمام اجتماع الدورة العشرين للجنة القدس في مراكش، مساء أمس الجمعة، من جسامة الأخطار التي تتهدد القدس والأقصى هذه الأيام، مشددا على حجمِ المسؤوليةِ الملقاة على عاتق الجميع للدفاع عن المدينة المقدسة.

وقال سيادته: لم يكن الأقصى في مرمى التهديد كما هو الآن، فالاحتلال الإسرائيلي يُسَرِّعُ وبشكل غير مسبوق، في تنفيذ ما يعتبرهُ المعركةَ الأخيرةَ في حربه الهادفةِ لمحو وإزالة الطابع العربي الإسلامي والمسيحي للقدس الشرقية.

وأوضح أن سلطات الاحتلال تواصل العمل لتحقيق هدفها النهائي المتمثل بتهويد القدس بالعمل على محاولة تغيير معالم وبنية المشهد المقدسي بأدق تفاصيله، وإحلالِ مشهدٍ مُغايرٍ يخدم أوهامَ الخُرافاتِ وغَطرسةَ القوة، وتنفيذ مخطط تطهير عرقي ضد الفلسطينيين لجعلهم أقلية في مدينتهم، لهم صفة المقيم فقط، مقابل تعزيز الوجود اليهودي ببناء المزيد من المستوطنات، كذلك إفقار المدينة المقدسة وتدمير بنيتها التحتية وضرب مواردها الاقتصادية.

وأكد سيادته أنه في مواجهة كل ذلك، ينبغي أن نركز على أن تكون القدس العُنوانَ المركزي والأساس في علاقات الدول العربية والإسلامية السياسية والاقتصادية مع مختلف دول العالم.

وقال: يجب السعي لتعزيز البنية التحتية للمجتمع المقدسي عبر تبني المشاريع المخصصة لدعم المؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية ومساعدة مختلف قطاعات الاقتصاد في القدس للبقاء والنمو والتطور لدعم صمود المقدسيين .

وأشار سيادته إلى ضرورة تشجيع كل من يستطيع خاصة إخوتنا من الدول العربية والإسلامية إضافة إلى إخوتنا العرب والمسلمين والمسيحيين في أوروبا وأميركا على التوجه لزيارة القدس.

وأشاد بدور المغرب بقيادة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في الدفاع عن القدس الشريف، وبجهود السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، لدعم صمود أهلنا في فلسطين والقدس، وبدور الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني لرعايته للأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس، وشكر جميع قادة الدول العربية والإسلامية على مواقفهم في الدفاع عن القدس ودعم شعبنا لنيل حريته واستقلاله، كما نوه بالدور الرائد الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف في تخفيف معاناة أهلنا في القدس ودعم صمودهم.

وحول المفاوضات الجارية، أكد سيادته تمسكنا بثوابتنا الوطنية، ورفضنا أن تكون المفاوضات غطاءً لاستمرار البناء الاستيطاني فوق أرضنا، ومحاولات إسرائيل تغييب أو طمس أو تأجيل قضية القدس من جدول الأعمال، ومطلب الاعتراف بإسرائيل ‘كدولة يهودية’، ورفضنا كذلك أي وجود عسكري إسرائيلي على أراضينا، وأكدنا أنه لا سلام ولا استقرار ولا اتفاق دون أن تكون القدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولة فلسطين.

وقال الرئيس: في الوقت الذي نؤكد تمسكنا بمتطلبات الحل العادل، تواصل سلطات الاحتلال ارتكاب الممارسات والمواقف التي تهدف لإفشال الجهود السلمية وتعزيز احتلال الأرض الفلسطينية الأمر الذي ينذر بعواقب وخيمة على فرص السلام وعلى الاستقرار في المنطقة.

وفيما يلي نص الخطاب:-
‘بسم الله الرحمن الرحيم’

‘سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ’. صدق الله العظيم

صاحب الجلالة الأخ الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية، رئيس لجنة القدس

معالي الأخ الدكتور إياد بن أمين مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي

أصحاب المعالي والسعادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يطيب لي بدايةً أن أعبرَ لصاحب الجلالة الملك محمد السادس عن جزيل الشكر لحفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة مثمنين في ذات الوقت دعوتكم الكريمة، لانعقاد لجنة القدس.

ولا يفوتنا في هذا المقام، أن نشيد بالدور الكبير الذي تضطلع به المملكة المغربية الشقيقة، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، دفاعاً عن القدس الشريف، وعن هويتها العربية الإسلامية، فأنتم يا صاحب الجلالة إنما تسيرون في ذلك على نهج المغفور له والدكم، صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني.

وكما نشيد بجهود المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، لدعم صمود أهلنا في فلسطين والقدس، كما نشكر جميع قادة الدول العربية والإسلامية على مواقفهم في الدفاع عن القدس ودعم الشعب الفلسطيني لنيل حريته واستقلاله وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وهنا تجدر الإشادة بدور المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة الملك عبد الله الثاني بن الحسين لرعايته للأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس وسعيه الحثيث دائماً من أجل حمايتها.

كما نود الإشادة بالدور الرائد الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف، في تنفيذ عدد من المشاريع، التي ساهمت في التخفيف عن أهلنا في القدس ودعم صمودهم.

وبهذه المناسبة، نقدم الشكر الجزيل للمملكة المغربية، وللدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لمساهمتهم في ميزانية وكالة بيت مال القدس، وندعوهم للاستمرار قي تقديم الدعم اللازم للوكالة، لتمكينها من أداء دورها النبيل في القيام بالمزيد من المشاريع والبرامج، وفق ما تقرره الدول الأعضاء.

أخي صاحب الجلالة،
الإخوة والأخوات جميعا،
لم يسبق أن كان الخطر يحدق بالقدس كما يحدق بها اليوم
لم يكن الأقصى في مرمى التهديد كما هو الآن، ونحن نجتمع اليوم في لحظة دقيقة جداً واستثنائية، تتعلق بعاصمة فلسطين وقلبها النابض، وما تواجهه من تحدياتٍ وأخطارٍ من غير المسموح تجاهلها وعدم التصدي العملي لها .

إن متابعة وقائع ما شهدته وتشهده القدس خلال السنوات القليلة الماضية واليوم من ممارسات الاحتلال، تقود إلى استنتاج واحد، هو أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تُسَرِّعُ وبشكل غير مسبوق، وباستخدام أبشع وأخطر الوسائل، في تنفيذ ما تعتبرهُ المعركةَ الأخيرةَ في حربها الهادفةِ لمحو وإزالة الطابع العربي الإسلامي والمسيحي للقدس الشرقية، سعياً لتهويدها وتكريسها عاصمة لدولة الاحتلال.

وتمثلت ذروة هذه المعركة في الأشهر الأخيرة بالسعي الإسرائيلي اليومي لتحقيق ما يطلق عليه الاقتسام المكاني والزماني للمسجد الأقصى المبارك، بحيث يستباح أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وساحاته أمام صلاة اليهود، وفي صباح كل يوم تقريباً خلال الشهور الماضية يتصدى مواطنونا ببسالة لاقتحامات من أفراد جيش الاحتلال وشرطته والمستوطنين والجماعات اليهودية المتطرفة التي لا تخفي مخططاتها العدوانية والتدميرية للحرم القدسي الشريف.

أخي صاحب الجلالة،
الأخوات والإخوة
إن سلطات الاحتلال تواصل العمل لتحقيق هدفها النهائي المتمثل بتهويد القدس بالعمل على عدة محاور تشمل أولاً: محاولة تغيير معالم وبنية المشهد المقدسي بأدق تفاصيله، وإحلالِ مشهدٍ مُغايرٍ يخدم أوهامَ الخُرافاتِ وغَطرسةَ القوة، متوهمين أنهم بِحُكْم القوة الغاشمة تلك قادرون على ابتداع تاريخ وتثبيت مزاعم، وإلغاء حقائق دينية وتاريخية راسخة.

وفي هذا السياق تشهد القدس تسارعاً غيرَ مسبوقٍ في الهجمة الاستيطانية، وتواصلاً في هدم البيوت التي تحمل رمزية تاريخية، وبناء المستوطنات في أكثر من موقع على أراضٍ تم الاستيلاء عليها من المواطنين، وفي نفس السياق تتم إحاطة القدس بجدار الفصل العنصري، وبطوقٍ من المستوطنات لِعزلِ المدينةِ عن محيطها في الضفة الغربية.

وفي محورٍ آخر يواصل الاحتلال استكمال خطة التطهير العرقي، عبر تنفيذ مخططٍ هدفهُ دفعُ المواطنين الفلسطينيين إلى مغادرة مدينتهم، من خلال إرهاق المقدسيين بترسانة من الضرائب المتعددة والباهظة، المرتبطة بإجراءات عقابية ورفض مَنحِ رُخصٍ لبناء البيوت، والقيام بهدمِ البيوت التي ترى أنها بُنيت دون موافقتها، ومصادرةِ هويات المقدسيين وحرمانهم من الإقامة في مسقط رأسهم.

إن ما تنفذه سلطات الاحتلال هو تطهير عرقي، بكل ما يعنيه ذلك، ضد المواطنين الفلسطينيين، لجعلهم في أحسن الحالات أقلية في مدينتهم، لهم صفة المقيم فقط، مقابل تعزيز الوجود اليهودي ببناء المزيد من المستوطنات.

وعلى محورٍ ثالث تعمل سلطات الاحتلال على إفقار المدينة المقدسة وتدمير بنيتها التحتية وضرب مواردها الاقتصادية، وهي التي كانت على الدوام وفي كل العصور عنوانا للازدِهار ومركزا رئيسا للنشاط الاقتصادي والسياحي والطبي والتعليمي، وحاضنة للنشاط الثقافي والفكري والفني في فلسطين.

فإضافةً إلى تطويق القدس بسلسلةِ مستوطناتٍ وبجدارِ الفصلِ لفصلها عن بقية أجزاء الضفة الغربية، تنصب سلطات الاحتلال الحواجز الدائمة، والتي بموجبها أصبح المواطنون الفلسطينيون ممنوعين من دخول القدس سواءً كان ذلك للصلاة أو للعمل أو للعلاج أو للدراسة أو للتسوق أو لزيارة أقاربهم وعائلاتهم إلا بتصاريح يكون الحصول عليها مستحيلا لغالبية المواطنين.

لقد ولد وكَبُرَ في فلسطين، أيتها السيدات والسادة، جيل ليس بإمكانه التوجه لزيارة مدينته المقدسة، التي تبعد عن مدينته أو قريته أو مخيمه مسافة يمكن قطعها في بضع دقائق أو في ساعة من أبعد الأماكن.

لذلك كله نشدد على جسامة الأخطار التي تتهدد القدس والأقصى هذه الأيام أكثر من أي وقتٍ مضى وعلى حجمِ المسؤوليةِ الملقاة على عاتقنا للدفاع عن المدينة المقدسة.

صاحب الجلالة،
أصحاب المعالي والسعادة
في هذه اللحظة الدقيقة التي نجتازها نخوض أيضا غمار مفاوضات صعبة برعاية الإدارة الأميركية بهدف التوصل إلى السلام العادل المنشود.

وفي هذا السياق فقد تمسكنا بثوابتنا الوطنية التي هي أيضا الثوابت التي دعمتها وتبنتها القمم العربية والإسلامية .

وقد أكدنا على الدوام حرصنا على تحقيق سلامٍ عادلٍ يقوم على إقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلاٍ على أساس القرار 194 كما نصت مبادرة السلام العربية.

وأكدنا أننا نرفض أن تكون المفاوضات غطاءً لاستمرار البناء الاستيطاني فوق أرضنا، وأن دولة فلسطين التي أصبحت عبر تأييد عالمي كاسح تتمتع بمكانة دولة مراقب في الأمم المتحدة ستلجأ لاستخدام الوسائل القانونية والدبلوماسية والسياسية إضافة إلى المقاومة الشعبية السلمية لمواجهة هذه الإجراءات الإسرائيلية.

وقد رفضنا بحسم محاولات إسرائيل تغييب أو طمس أو تأجيل قضية القدس من جدول الأعمال، وأوضحنا أن لا سلام ولا استقرار ولا اتفاق دون أن تكون القدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولة فلسطين.

كما أبرزنا تمسكنا الصارم بسيادة دولة فلسطين على كل ذرة من ترابها وحدودها وثرواتها الطبيعية وأجوائها، ورفضنا لأي وجود عسكري إسرائيلي على أراضيها.

كما أننا أكدنا ومن حيث المبدأ رفضنا القاطع لمطلب الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، فبجانب أننا لا نقبل أبداً المس بحقوق اللاجئين التي كفلها القانون والقرارات الدولية، وحقوق المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، فإننا وفي الأساس نرفض محاولة شطب روايتنا التاريخية ومحو ذاكرتنا الجمعية ومحاولة تزييف التاريخ باغتيال حقائقه الراسخة .

وفي الوقت الذي نؤكد تمسكنا بمتطلبات الحل العادل فإن سلطات الاحتلال تواصل ارتكاب الممارسات والمواقف التي تهدف لإفشال الجهود السلمية وتعزيز احتلال الأرض الفلسطينية الأمر الذي ينذر بعواقب وخيمة على فرص السلام وعلى الاستقرار في المنطقة.

صاحب الجلالة
أصحاب المعالي والسعادة
في مواجهة تحديات اللحظة وأخطارها نثق أننا سنخرج من هذا الاجتماع بما يسهم بقوة في الدفاع عن القدس والأقصى.

وفي البداية أؤكد أنه ينبغي علينا أن نركز على أن تكون القدس العُنوانَ المركزي والأساس والجوهري في علاقات الدول العربية والإسلامية السياسية والاقتصادية مع مختلف دول العالم.

وفي الوقت نفسه يجب السعي لتعزيز البنية التحتية للمجتمع المقدسي عبر تبني المشاريع المخصصة لدعم المؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية ومساعدة مختلف قطاعات الاقتصاد في القدس للبقاء والنمو والتطور لدعم صمود المقدسيين .

كما تبرز ضرورة أن نشجع كل من يستطيع وبخاصة إخوتنا من الدول العربية والإسلامية إضافة إلى إخوتنا العرب والمسلمين والمسيحيين في أوروبا وأميركا على التوجه لزيارة القدس.

إن تدفق الحشود إليها وازدحام شوارعها والأماكن المقدسة فيها، سيعزز صمود مواطنيها، ويسهم في حماية وترسيخ هوية وتاريخ وتراث المدينة المُستَهدَفَيْن بالاستئصال، وسيُذَكِّر المحتلين أن قضية القدس هي قضية كل عربي وكل مسلم وكل مسيحي. وأؤكد هنا أن زيارة السجين هي نصرة له ولا تعني بأي حال من الأحوال تطبيعا مع السجان.

صاحب الجلالة،
السيدات والسادة،
إن رسالة أهلنا في القدس إليكم تقول:
نحن أهل الأرض المقدسة، أهل الرباط، نُدرك حجم المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا، ويُشرفنا حفظ الأمانة التي أودِعنا إياها، ولنا الفخر أننا نقف في قلب المعركة وفى خط الدفاع الأول عن القدس.

فالقدس هي البداية والنهاية، وهي مفتاح السلام، والقلب النابض لوطننا عاصمة وطننا التاريخية الأبدية، دولة فلسطين المستقلة.

عهدنا ثابت كما هو دائما لله العلي القدير، ثم لأشقائنا العرب والمسلمين والمسيحيين، ونُؤكد لكم أننا صامدون هنا، راسخون هنا، كنا هنا، وسنبقى هنا نحمي قُدسُنا، وحتما سيأتي يوم حريتنا واستقلالنا.
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

“النزاهة” تستضيف وفداً أكاديميّاً من جامعة القدس الفلسطينية

ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 43,391 منذ بدء العدوان الإسرائيلي