أبلغ أحد طلاب الثانوية العامة خمسة من زملائه قبيل الامتحان بساعة واحدة فقط بان لديه نسخة مسربة من الأسئلة مطالبا رفاقه بالإطلاع، لكنهم تجاهلوا الأمر ليكتشفوا لاحقا بان النسخة كانت أصلية وحقيقية وان زميلهم حصل عليها عبر والده الذي يعمل في وزارة الداخلية.
امام مدرسة اخرى قدم طلاب في الثانوية روايات مختلفة تحدثوا فيها عن احد المسؤولين بمهمة أمنية مهمته استلام وتسليم ومرافقة الاسئلة.. هذا الشخص طلب الف دينار مقترحا على الطلاب تقاسمها مقابل تسليمهم النسخة الاصلية من الامتحان قبل ساعتين على الاقل من وقتها.
احد اقاربي وهو طالب تهامس مع رفاقه حول الاسباب التي دفعت زميلا لهم يجلس في آخر مقعد من حيث التحصيل لمغادرة قاعة امتحان الكيمياء وهو في حالة فرح يؤكد بانه سيحصل على علامة كاملة فقد خدمه احد الجيران مقابل مبلغ مالي بسيط وقدم له السؤال والجواب .
يتداول المجتمع عشرات القصص من هذا النوع، وثمة قرائن وأدلة وبراهين على ان اسئلة الامتحان تم تسريبها في النهاية بالرغم من الاطلالات المتلفزة المتتالية لوزير التربية والتعليم ومن كل الاجراءات الوقائية التي اتخذت او اعلنت .
معنى هذا الكلام باختصار ان معالي وزير التربية والتعليم ومن خلفه كادر الوزارة أخفقا تماما في تامين عدم تسريب اسئلة الثانوية .
وهو اخفاق نقول مسبقا بان الوزير شخصيا لا يتحمل مسؤوليته بل الحكومة برمتها ومن بعدها المجتمع ولاحقا الارادة السياسية التي هزمها بامتياز في معركة النزاهة هنا نفر من لصوص الأسئلة وتجار الامتحانات يمثلون شبكة خبيثة ومجرمة تضرب في قلب وعقل المجتمع .
هذه الشبكة تفعل فينا كاردنيين أسوأ مما يفعله العملاء والجواسيس وترتكب فينا جريمة يندى لها الجبين لا تدانيها من حيث تأثيرها السلبي القاتل أية جريمة اخرى لأنها باختصار تعبث في مستقبل هذا الوطن وهي بالتالي ترتكب جريمة ترقى الى مستوى الخيانة العظمى ليس فقط لامانة المسؤولية ولكن للشعب والملك والدولة.
المؤسف جدا في هذا الموضوع ان شبكة تسريب الاسئلة تقدم لنا بالبرهان الساطع دليلا على انها عابرة للحكومة وللوزراء وحتى للارادة السياسية ولارادة المجتمع وهي شبكة لا تتميز بعبقرية التزوير والتضليل والافلات من الرقابة فقط بقدر ما تمثل جزءا من أسوأ الناس بيننا .
من ينجحون بتسريب الاسئلة والمتاجرة بها في المحصلة هم موظفون عموميون او حراس كلفوا بمهمة نقل الاسئلة من مكان الى اخر او اشخاص لديهم اطلاع على الية كتابة واعداد ونقل وتغليف نماذج الاسئلة وأغلب الظن ان الخلية السرطانية هذه تستقر في مؤسسات حيوية بالتاكيد جزء منها يعشعش بالقرب من وزير التربية والتعليم شخصيا.
المخجل هو ان هذا الاجرام في تسريب وبيع الاسئلة يجد مواطنين مغفلين وطلابا بائسين يستطيعون شراء الاسئلة او التفاعل مع هذه الجريمة كما تفاعل بعض المواطنين مع جريمة الغش نفسها.
الحل الوحيد بما ان شبكة تسريب الاسئلة أقوى من الجميع هو حصريا الغاء هذا الامتحان البائس السقيم وايجاد اليه بديلة عنه تسمح بالعدالة وتستثمر في المستقبل.