سامي حامد/أيام صعبة على مصر!!

تعيش مصر هذه الأيام أياما صعبة للغاية بعد أن دخلت في “حزام التفجيرات”، حيث بات المصريون يستيقظون كل يوم على أخبار انفجار عبوة ناسفة هنا وأخرى هناك، هذا غير تفجير السيارات المفخخة التي تستهدف في الغالب المنشآت العسكرية أو الأمنية، بالإضافة إلى مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين، سواء في الشوارع أو الجامعات والتي زادت بشكل لافت بعد إعلان الحكومة المصرية المؤقتة جماعة الإخوان “إرهابية” وتنتهي تلك المظاهرات كالعادة بسقوط قتلى ومصابين والزج بالمزيد في السجون، فضلا عن بث الشائعات التي أصبحت تتردد بشكل يومي غير هاجس الخوف الذي صار يسيطر على المصريين بصورة مفزعة لدرجة أن إعلانا لإحدى شركات الاتصالات على مواقع التواصل الاجتماعي اعتبروه يتضمن شفرات تدعو لتنفيذ هجمات إرهابية، وهو ما نفته الشركة صاحبة الإعلان تماما، ورغم ذلك استمرت التعليقات حول هذا الإعلان على مواقع التواصل الاجتماعي!!
السؤال إلى متى سيستمر الصراع الدامي بين الحكومة المصرية وجماعة الإخوان؟ هل ينتهي بالانتهاء من التصويت على الدستور؟! .. فجماعة الإخوان المسلمين تدرك تماما أن يومي الـ14 و15 من يناير المقبلين لن يكونا مجرد استفتاء على الدستور، بل استفتاء على شرعية ثورة الـ30 من يونيو التي أطاحت بها وأنهت حكم الرئيس محمد مرسي؛ فإذا قال الشعب نعم للدستور الجديد، فهذا يعني أن الشعب يقول “لا” لجماعة الإخوان ولا لحكم الرئيس محمد مرسي .. ولعل هذا هو ما يدفع جماعة الإخوان إلى تعطيل عملية الاستفتاء على الدستور بأي شكل كان، وإفساد تلك الخطوة بأي ثمن لأنها إن جرت وتم اجتيازها، فهذا معناه أن حقبة حكم الإخوان انتهت رسميا وفعليا بالموافقة على الدستور الجديد!!
إن المتابع للمشهد المصري يجد أن جماعة الإخوان لا تزال مصرة على استمرار الصراع بينها وبين غالبية المجتمع، وبأن هذا الصراع وصل إلى نقطة اللاعودة بينها وبين القائمين على الحكم .. أول هذه الشواهد قبل إعلانها جماعة “إرهابية” هو إعلان جماعة الإخوان مقاطعتها الاستفتاء على الدستور ودعوة الشعب المصري للتصويت بـ”لا” .. بل وإعلان بعض أنصارها نيتهم إفساد هذه العملية والتظاهر أمام اللجان .. أما المشهد الثاني فهو إصرار جماعة الإخوان على التظاهر المستمر وقطع الطرق وتعطيل المواصلات واللجوء إلى العنف في الجامعات بعد انحسار وجودها في الشارع .. أما ثالث هذه الشواهد فهو الطريقة التي تتعامل بها قيادات جماعة الإخوان داخل قاعات المحاكم وعدم اعترافهم بشرعية المحاكمات التي يواجهونها وبأنهم مخطوفون وبأن الرئيس مرسي لا يزال الرئيس الشرعي للدولة، ولعل هذا ما دفع الحكومة المصرية المؤقتة بدورها لقطع كل الطرق أمام جهود المصالحة بإعلانها جماعة الإخوان جماعة إرهابية!!
إذن، جماعة الإخوان والحكومة كلتاهما تصر على استمرار هذا الصراع، وفي المقابل تواصل الحكومة سلسلة القبض على عناصر الجماعة وأنصارها، بل وتوجه اتهامات جديدة إلى قادتها بمن فيهم مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع والرئيس السابق الدكتور محمد مرسي الذي أصبح يواجه 3 قضايا: الأولى قضية قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية إبان فترة رئاسته .. والقضية الثانية التخابر مع منظمات أجنبية قبل وأثناء رئاسته .. والثالثة قضية اقتحام السجون والهروب من سجن وادي النطرون، ولعل قضية التخابر هي أهم القضايا التي يواجهها الدكتور محمد مرسي وقيادات الإخوان وعناصر من حركة حماس وحزب الله اللبناني، حيث يعد “مرسي” أول رئيس في تاريخ مصر يواجه اتهامات بالتخابر مع جهات أجنبية!!
ومن المفارقات الغريبة أنه في الوقت الذي تم فيه إحالة الدكتور محمد مرسي وقيادات الإخوان إلى محكمة الجنايات بتهمة التخابر أصدرت محكمة أخرى حكما ببراءة الفريق أحمد شفيق وعلاء وجمال مبارك في القضية المعروفة باسم قضية أرض جمعية الطيارين، وهي القضية التي كانت أحد الأسباب التي دفعت الفريق شفيق للإقامة في دبي ليبعد عن بطش جماعة الإخوان ومحاولة الانتقام منه بعد التنافس الشرس في الانتخابات الرئاسية بينه وبين مرشح الجماعة الدكتور محمد مرسي الذي فاز في النهاية بفارق 1% من الأصوات عن شفيق، فضلا عن أن جماعة الإخوان تدرك تماما أن الفريق أحمد شفيق كان أحد الأعمدة الرئيسية في نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك وبالتالي يجب محاكمته!!
لقد اعتبر الإعلام الغربي إعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية، ومحاكمة مرسي وقيادات الإخوان بتهمة التخابر ضربتين قويتين للجماعة وخطوة تعكس عزم الحكومة المصرية المؤقتة على مواصلة الضغط على مرسي وجماعته، ورأت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأميركية أن هذه التطورات ستصعب المواجهة المستمرة منذ ستة أشهر بين الحكومة المدعومة من الجيش وأتباع جماعة الإخوان، واعتبرت مقاطعة الإخوان لاستفتاء الدستور يقوض جهود الحكومة لاستخدام هذا الاستفتاء كوسيلة لتعزيز شرعيتها .. فيما رأت صحيفة “ديلي تليجراف” البريطانية أن محاكمة مرسي بتهمة التخابر تمثل تصعيدا كبيرا لمحاولات الحكومة المؤقتة تدمير الرئيس المعزول وجماعته، مؤكدة أن الاتهامات الجديدة فضلا عن قرار الإخوان مقاطعة الاستفتاء على الدستور تنهي أي فرص لإعادة الجماعة إلى المشهد السياسي في مصر من جديد، بينما اعتبرت “واشنطن بوست” الأميركية أن هذه الاتهامات تثير شكوكا حول استقلال القضاء في مصر!!
المهم .. كل الدلائل والمؤشرات تؤكد أن مصر مقبلة في الأيام القادمة وحتى موعد الاستفتاء على الدستور يومي الـ14 و15 من يناير المقبلين على تصعيد خطير طالما أن القائمين على الحكم وجماعة الإخوان يصران على استمرار الصراع فيما بينهما في الوقت الذي يدفع فيه المواطن المصري البسيط ثمن هذا الصراع من معاناته ومن ماله ومن دمه في بعض الأحيان .. ليبقى السؤال: متى تستقر مصر بعد أن عانت من الفوضى ثلاث سنوات إلا قليلا؟!!

Related posts

تجربة النضال الفلسطيني: خصوصية مقاومة تقاوم التعميم* هاني ابو عمرة

كلفة الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي* جواد العناني

هل ستؤثر إدارة ترامب على مسار حروب نتنياهو؟* د. سنية الحسيني