محمد صالح المسفر/مجلس التعاون حساب الأرباح والخسائر السياسية

(1)
أستأذن قادة مجلس التعاون الخليجي في المصارحة وتقديم كشف حساب موجز للممارسات السياسية في عالمنا العربي للعامين الماضيين. أبداً بمصر العزيزة، حدثت فيها ثورة شعبية سميت بثورة 25 يناير، وأسقطت نظام حكم حسني مبارك واستبشر شعب مصر خيرا، بعضكم ناصر تلك الثورة وبعضكم ناصبها العداء والكل راح ينفق أموالا كبيرة من أجل تثبيت هذا أو ذاك، حدثت ثورة / انقلاب/ انتفاضة في 3 / 7 / 2013 أطاحت بحكومة منتخبة انتخابات نزيهة شهد بها الصديق والعدو وأتت برئيس مدني مؤهل تأهيلا أكاديميا عاليا، وناشط سياسي (د. محمد مرسي) وبعضكم ناصر ذلك الانقلاب وأغدق عليه، وبعضكم لم يناصره. في هذه الفترة بلغت التقديرات المالية التي دفعت لهذا وذاك في مصر ما يقارب 25 مليار دولار نقدا وعدا ولم يتغير حال شعب مصر واستفاد من تلك الأموال العسكر الانقلابيون ومنظمة الفلول ورهط إعلامي انتهازي في مصر، وتحققت الخسارة لنا هناك.
(3)
في سورية الحبيبة حرب ضروس ضد الشعب السوري العظيم يقودها حكام دمشق وجحافل من شيعة العراق الإيراني ولبنان وإيران وأماكن أخرى من أجل بقاء بشار الأسد في الحكم ولو على جماجم الشعب. لم يكن مجلس التعاون غائبا عن تلك الانتفاضة أو الثورة، عقدت مؤتمرات في معظم عواصم الدنيا تحت مسمى أصدقاء الشعب السوري بما في ذلك عواصم خليجية ولم يقدموا نفعا يذكر. ثوار سورية الحبيبة شبعوا وعودا بتزويدهم بالمال والسلاح النوعي والرجال ولم يصلهم ما وعدوا به، تشرد أكثر من خمسة ملايين مواطن سوري بين الداخل والخارج وأصبحوا بلا مأوى ولا دواء ولا غذاء من الطفل حتى الإنسان المسن، معونات إنسانية متواضعة تصلهم من وقت إلى آخر في مخيمات اللجوء.
لم تدخر قيادات مجلس التعاون جهدا في إمداد الثوار ببعض قطع السلاح، كما أعلنت تلك الدول في وسائل إعلامها، لكنه سلاح تقليدي لا يردع عدوا ولا يحمي صديقا، بذلت أمولا في هذا المجال يقدرها البعض بما يزيد على عشرة مليارات دولار، انقسمت الدول الخليجية في كيفية دعم الثوار فانقسم الثوار وتعددت الفصائل والولاءات.
استبشرنا خيرا عندما جاء رجل المهمات الصعبة الأمير بندر آل سعود ووعد وهدد ولم نر بارقة أمل. راهن الكل على أمريكا والغرب في دعم الثوار بالسلاح ولكن الغرب وجد انقسامات وحركات إسلامية متعددة، فامتنع عن تسليح الثوار وتركهم والمواطنين عامة لسلاح الدمار الشامل والبراميل المتفجرة المنصبة على المدن الآهلة بالسكان. أكثر من دولة خليجية ذهبت لمغازلة موسكو وتوقيع عقود تسلح روسية واستثمارات وتعاون استخباراتي عن الإسلاميين بما يقدر بثلاثين مليار دولار، ولم تغير روسيا موقفها من دعم بشار الأسد وإيران رغم ما فعل الخليجيون. روسيا تقدم للأسد كل ما يحتاجه في مقاومة الثوار لوجستيا وتسليحا، وإيران حدث ولا حرج رمت بكل ثقلها العسكري والمال والسلاح والرجال والوقود ولا تنكر فعلها. مشتريات دول الخليج للسلاح في عام 2011 من أمريكا 123 مليار دولار (الأهرام الرقمي ــ هالة إبراهيم).. والسؤال: ما فائدة هذا السلاح الذي لم يحقق نصرا للشعب السوري؟
تنظيم “داعش” في سورية والعراق، من إنتاج النظام السوري ومدد إيراني والدليل أن بشار الأسد لم يقاتلها ولم تقاتله، وهدفها التصدي للجيش الحر وطرده من المناطق المحررة. إنها قضت على تنظيم صقور الشام وأحفاد الرسول المعارضين للحكم في دمشق، إنها جزء من تركيبة النظام السوري الإيراني العراقي، فلماذا يا قادتنا الميامين لا تنصرون حركات المعارضة المسلحة وتمدونهم بكل احتياجات المعركة كما تفعل إيران؟! لقد حققنا خسارة في سورية.
(4)
العراق، لقد استطاع المالكي وبتخطيط وتوجيه من طهران وبإشراف قاسم سليماني مسؤول فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني والحاكم الفعلي للعراق تشكيل “تنظيم القاعدة في العراق وتنظيم داعش في سورية والعراق” وتزويدهما بكل الاحتياجات والحرب الجارية في الأنبار اليوم هي نتاج ذلك الجهد الإيراني.
إن الهدف الأعظم لإيران والمالكي هو اغتيال كل الرافضين للهيمنة الإيرانية والطائفية الشعوبية في العراق الشقيق، وتثبيت جذور الطائفية في العراق وسورية، قد يقول البعض هذا حس طائفي، وردي، هل هناك طائفي أكثر من المالكي في بغداد عندما وقف خطيبا في كربلاء وقال فيما قال: “القبلة كربلاء، ونحن جيش الحسين في حرب مع جيش يزيد، وأن بيننا وبينهم يعني، أهل الأنبار وسنة العراق، بحرا من نار”. هل سمعتم ما قاله خطيب جمعة طهران (3 / 1) أحمد خاتمي وحللت أجهزتكم الأمنية مضمون خطبته؟
خطيب الجمعة (3 / 1) الشيخ السديس في الحرم المكي أكد أن القبلة مكة ولكنه لم يشر بسبابته ويتهم المالكي ومن يناصره بالردة عن الإسلام، لأنه أنكر ركنا من أركانه عندما قال القبلة كربلاء، خشي الشيخ السديس أن يتهم بالطائفية، وأن أهل السنة من أتباع محمد عليه السلام يتعرضون للقتل والملاحقة وقد قضى من علمائهم الكثير على أيدي أحفاد العلقمي.
خطباء الجمعة في مساجد وجوامع دول المجلس محذور عليهم تناول الظلم الذي يتعرض له أهل السنة في العراق وسورية وحتى إيران، وعلماء وخطباء أتباع طهران في كل مكان لا يتورعون عن النيل منا وخلفاء رسول الله وبعض من آل بيته.
إن آهل العراق من الشيعة والسنة الرافضين للمالكي ونهجه وهيمنة إيران يتعرضون للإبادة الجماعية تحت شعار محاربة تنظيم داعش والقاعدة في غرب العراق وشماله وحزام بغداد السني وأنتم يا قادتنا الميامين لم تنصروا من يستغيث بكم وهذا يشكل خسارة لكم وللأمة.
آخر القول: لقد حققتم خسائر كبيرة في تعاطيكم السياسي في الوطن العربي، ناصرتم العسكر في مصر وتحولت مصر إلى كابوس على الكل، وتقاعستم عن دعمكم للثورة السورية، وتتجاهلون ما يحدث في العراق، وإيران التفت عليكم من كل الجهات. فهل أنتم تعقلون؟!!

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري