رندة حيدر/معضلة نتنياهو

خلال الأيام المقبلة سيكون على الإسرائيليين والفلسطينيين أن يتخذوا موقفاً واضحاً وحاسماً من اتفاق الاطار الذي سيطرحه عليهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال زيارته الحالية للمنطقة. وستكون للقرار الذي سيتخذه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو انعكاسات كبيرة وعميقة ليس على مستقبل النزاع الفلسطيني –الإسرائيلي فحسب بل على مكانة إسرائيل الدولية وعلى العلاقات الأميركية – الإسرائيلية خلال السنوات الثلاث لولاية أوباما الثانية.

تشير التقديرات الى ان اتفاق الاطار المقترح سيتضمن وضع الأسس لبناء دولة فلسطينية مستقلة منزوعة السلاح ضمن حدود 1967 المعدّلة، واعترافاً فلسطينياً بيهودية دولة إسرائيل في مقابل اعلان القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. كما سيتضمن انسحاب الجيش الإسرائيلي من جميع مدن الضفة في مقابل استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في غور الأردن مدة 15 سنة، والوجود المشترك مع القوات الفلسطينية على المعابر مع الأردن. اما التنازل الفلسطيني الاكثر ايلاماً، فهو القبول بالاقتراح الأميركي ان يكون حل مشكلة اللاجئين ضمن الدولة الفلسطينية ومعنى ذلك التنازل عن حق العودة.
بالنسبة الى نتنياهو زعيم التحالف الحكومي اليميني، ان قبول ما يعرضه كيري هو خطوة جبارة وتتطلب شجاعة كبيرة، لانها تعني عملياً القبول بتقسيم ما يسميه اليمين الإسرائيلي أرض – إسرائيل الكاملة، والاهم القبول بتقسيم القدس، والتخلي عن حلم اليمين ببقاء القدس موحدة الى الابد تحت السيادة الإسرائيلية. ولكن مقابل هذه الخطوة، يمكن نتنياهو أن يدعي امام جمهوره انه حقق هدفاً صهيونياً آخر لا يقل أهمية عن ذلك هو الحصول على الاعتراف بيهودية الدولة، ومعنى ذلك عملياً التخلي النهائي عن الحقوق الفلسطينية في ارضهم، والتنكر للخطاب التاريخي الذي لطالما حملته حركة التحرير الفلسطينية عن سلب اليهود حقوق الفلسطينيين بالقوة.
خلال الأيام الاخيرة وقبل مجيء كيري الى المنطقة، قام نتنياهو بعملية جس نبض وسط معسكر اليمين القومي وسعى الى طمأنة المخاوف وازالة القلق من تقديم تنازلات كبيرة للفلسطينيين. فهل يعني هذا ان نتنياهو يوشك ان يوافق على اتفاق الاطار الذي يحمله كيري؟
يواجه نتنياهو اليوم معضلة حقيقية. فاذا رفض اقتراح كيري يكون قد حكم على بلده بالعزلة الدولية وتسبب بأزمة في العلاقات الأميركية – الاسرائيلية وزعزع شرعية إسرائيل وجعلها تبدو دولة احتلال. اما اذا قبل بالاقتراح فقد يؤدي ذلك الى تقسيم المجتمع الإسرائيلي وتأليب معسكر اليمين القومي عليه.
ليس واضحاً حتى الآن الثمن السياسي الذي سيحصل عليه في مقابل توقيعه اتفاق الاطار. لكن المرجح ان يكون كبيراً ودسماً وخصوصا من حيث المساعدات العسكرية والاقتصادية.

Related posts

كلفة الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي* جواد العناني

هل ستؤثر إدارة ترامب على مسار حروب نتنياهو؟* د. سنية الحسيني

السمهوري: رسالة واضحة للرئيس ترامب بأهمية دعم حق فلسطين بالحرية والإستقلال والإلتزام بمبادئ الامم المتحدة وتنفيذ قراراتها