اذا صح ان انقساماً يضرب في صفوف “الائتلاف الوطني السوري” حيال الذهاب الى مؤتمر جنيف، فذلك يعني ان هناك في المعارضة من يعمل مقاولاً عند سيرغي لافروف لجعل المؤتمرالمذكور تماماً مثل ما حذّر منه فرنسوا هولاند، اي تسليم السلطة من الاسد الى الاسد!
لكن القصة لم تعد تتوقف عند ما تريده المعارضة او ما لا تريده، بعدما نجح الروس في اسقاط الشعب السوري من المعادلة وكل القتلى من الحساب السياسي والاخلاقي، وباتوا ينادون بما لم يعد يعترض عليه الاميركيون اي جعل مؤتمر “جنيف – 2” يعمل لمهمة واحدة هي محاربة الارهاب. ومحاربة الارهاب التي يتبناها النظام بطبيعة الحال، تعني في نظر الروس ان على المعارضين وهم “الارهابيون” الذين ذبحهم الاسد بالبراميل المتفجرة وصواريخ “سكود” وحتى بالكيميائي، ان يدفنوا قتلاهم ويعودوا الى بيت الطاعة للقتال مع النظام ضد “النصرة” و”داعش”!
طبعاً ليس هناك من لا يريد ان تسقط صفحة هذا الطفر الارهابي التكفيري الذي ولد من رحم النظام مرتين بهدف تشويه صورة المعارضة والثورة. المرة الاولى عندما تم اطلاق الارهابيين من السجون السورية ودسّهم في صفوف المعارضة، والمرة الثانية بعدما تمادى النظام في مسلسل المجازر بحماية سياسية من روسيا ودعم عسكري من ايران، وهو ما ادى الى تسلل عناصر التشدد الى الساحة السورية، التي يبدو واضحاً ان الاميركيين والروس ارادوها منذ البداية بمثابة مسلخ يستجلب الارهابيين ليقتلهم بما يسرّ قلب موسكو، وينهك النظام ويضعف “ايران النووية” عبر تفكيك جسر نفوذها الممتد من مشهد الى غزة مروراً بالعراق وسوريا ولبنان، بما يسرّ قلب واشنطن وتل أبيب!
مؤتمر جنيف بصيغته الروسية لن يقدم حلاً للازمة السورية، فالواضح من كلام سيرغي لافروف انه يريده مناسبة دولية لإعادة انتاج الاسد رئيساً على بلد كان قد حوّله مقبرة لأهله عبر اصراره منذ اليوم الاول على الحل العسكري الذي دعمته موسكو وحمته بالفيتو والسلاح، والمطلوب منه الآن وحتى من ضحاياه المعارضين تحويله مقبرة للارهابيين والتكفيريين الذين استقدمتهم رائحة الدم الى سوريا!
تبلغ الوحشية بالروس والخساسة بالاميركيين درجة الامتناع عن التصريح او اصدار بيان ولو من بضع كلمات كاذبة، تستنكر او تدين حملة البراميل المتفجرة التي تحوّل أحياء كاملة في حلب مقبرة للاطفال والمدنيين، لكن هذا ليس بمستغرب فالذين تعاموا عن المقتلة الكيميائية في الغوطتين، ثم صفقوا للاسد لأنه سلّم ترسانته الكيميائية لا يرون ما يجري هناك!
“جنيف 2” سيكون مقبرة “جنيف 1″، لأن الانتقال السياسي لم يعد مطلوباً، بل المطلوب استسلام المعارضة والعمل مرتزقة عند النظام!