نواف ابو الهيجا/”برافر لم يمر” كيف؟

تراجعت أعتى الحكومات العنصرية المتطرفة في الكيان الصهيوني عن إقرار وإنفاذ مشروع قانون (برافر). كان المشروع سيدمر أكثر من أربعين قرية عربية في النقب، وكان اسحابها في الداخل ويبعثرهم ويستولي على أراضيهم مع أن مجموعهم كان أكثر من أربعين ألف عربي فلسطيني. ومساحات الأراضي التي كان العدو سيصادرها أكثر من 800 ألف فدان.
كيف تراجع العدو عن إنفاذ هذا المشروع؟ ولماذا؟ حقيقة الأمر أن الأهل في الوطن المحتل وقفوا صفا واحدا وقلبا واحدا ضد المشروع ورفعوا شعار (برافر لن يمر). وكان العدو قد عمد إلى تدمير بعض القرى في النقب إلا أن الأهالي عادوا إليها وبنوها من جديد. قرية العراقيب وحدها دمرت نحو ستين مرة وكان أهلها يعيدون إليها الحياة والبناء ويعودون إليها. وحدة الموقف وصلابته لم تقتصر على الأهل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 بل كان الموقف موحدا في الضفة الغربية وفي القطاع وفي كل أماكن نزوح وتجمع الفلسطينيين في أرجاء المعمورة.
هذا الموقف وصل إلى الرأي العام العالمي الذي عبر عن استهجانه وشجبه الخطوة العنصرية التي ذكرت العالم بعنصريي جنوب إفريقيا الذين هزمهم الموقف الدولي العام وإصرار شعب جنوب إفريقيا على الحرية والكرامة ورفض النظام العنصري الذي كان مهيمنا هناك، وبقيادة الزعيم الراحل نيلسون مانديلا استطاع العالم أن يهزم النظام العنصري في جنوب إفريقيا.
التضامن العام مع شعب فلسطين أشعر الكيان العنصري الصهيوني بخطر العزلة التي كان سيعاني منها في حال إقدامه على الخطوة العنصرية الفاضحة وسيعريه كنظام فصل عنصري (أبارتايد) تماما كما كان حال نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
وكان الموقف العربي عموما أقل من مستوى التحدي، لكنه أسهم مع الإصرار العربي الفلسطيني في إرغام العدو على التخلي عن المشروع، خاصة أن الكيان الصهيوني يعاني من وجود غضبة عالمية وعربية وإسلامية شعبية ضده بسبب سياساته القمعية الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني ورفضه قرارات الأمم المتحدة ذات الشأن واعتماده منهج العسف والظلم والإرهاب ومصادرة الأراضي والاغتيالات والاعتقالات التعسفية بحق المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وفرض حصاره الجائر على نحو مليون وثمانمئة ألف فلسطيني في قطاع غزة.
إن تضامن الشعب الفلسطيني ووحدته وتضامن العرب وأحرار العالم مع الشعب الفلسطيني كانت العوامل التي أرغمت المحتلين على التراجع، برغم أن حكومة نتنياهو هي الحكومة الأعتى عنصرية وتطرفا في تاريخ هذا الكيان الغريب عن المنطقة وعن منطق التاريخ ومساره.
هذا درس يجب أن تعيه القوى والفصائل والأحزاب الفلسطينية قبل سواها، وتتعلم الدرس الواجب أن تتعلمه بمعاني ودلالات وإمكانيات الوحدة الوطنية على تحقيق الكثير مع الإصرار والتمسك بالحق والثوابت، والانتفاض على كل ما يقوم به العدو وصولا إلى ممارسة مشروعة للكفاح المسلح لإجبار العدو على الرضوخ وإيصاله إلى مرحلة الاستسلام أمام حقنا في أرضنا ووطننا الفلسطينيين.

نواف أبو الهيجاء كاتب فلسطيني

Nawaf.m.abulhaija@gmail.com

Related posts

كلفة الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي* جواد العناني

هل ستؤثر إدارة ترامب على مسار حروب نتنياهو؟* د. سنية الحسيني

السمهوري: رسالة واضحة للرئيس ترامب بأهمية دعم حق فلسطين بالحرية والإستقلال والإلتزام بمبادئ الامم المتحدة وتنفيذ قراراتها