راجح الخوري/المسلخ السوري… ومسخرة جنيف!

لا يجادل عاقل في ان الانحياز الروسي الى النظام السوري والتعامي الاميركي عن مسلسل المذابح التي تعرض لها السوريون منذ كانوا يتظاهرون صارخين “سلمية سلمية” قبل ثلاثة اعوام تقريباً، هما اللذان سيجعلان من سوريا “امارة كبرى للقاعدة”، حيث تنشط الآن “النصرة” و”داعش” شريكين مضاربين في القتل الى جانب النظام، إن لم يكن لمصلحته وبتكليف منه!
ولا يجادل عاقل في ضرورة محاربة الارهابيين، الذين لا يهددون مستقبل سوريا وحدها، بل اصبحوا يشكلون خطراً اقليمياً ودولياً، ولكن هذا لا يمنع من القول، ان الذين تآمروا على الشعب السوري وثورته منذ البداية، هم الذين استقطبوا العناصر الارهابية الى سوريا، برعايتهم الوحشية لمسلسل المذابح التي تمادى النظام في ارتكابها الى حد استخدام السلاح الكيميائي.
في هذا السياق يفترض ان لا ينسى المرء مقاولي شراء الوقت تلو الوقت للحل العسكري الذي اصرّ عليه النظام منذ اللحظة الاولى، ولم يكن هناك من ارهاب او ارهابيين لا في مدرسة درعا ولا في غيرها.
وفي هذا السياق ايضا يكاد كلام سيرغي لافروف يثير التقزز عندما يقترح ان يكون هدف مؤتمر جنيف محاربة الارهاب، هذا الارهاب الذي ولد من رحم سياسات روسيا ليترعرع بعدما افشلت “المبادرة العربية” وتبنت الحل العسكري تسليحاً وسياسة عبر “الفيتو”، ثم تفخيخاً لـ”جنيف – ١” ثم افشالاً لكوفي انان، عبر الاصرار على ان ليس في سوريا ثورة بل ارهابيون وتكفيريون، في حين شكّلت رعاية المجازر البوابة التي سيعبر منها الارهابيون الى سوريا!
لم يكن الموقف الاميركي افضل من الموقف الروسي، فعندما يتحدث جون كيري عن “وحش الارهاب الذي اطلقه بشار الاسد ويتولى تغذيته لأنه يريد ان يلعب ورقة الادعاء انه البديل الافضل من هؤلاء المتطرفين وهناك مؤشرات على ذلك”، يجب ان نتذكر كيف لعبت الادارة الاميركية دور الشريك المضارب مع روسيا في رعاية المسلخ السوري، الذي من الواضح انه يلبي رغبة واشنطن وتل ابيب في اضعاف النظام وتحالفاته الاقليمية، ويلبي رغبة موسكو في الحفاظ على مواقع نفوذها الاقليمي، وفي القضاء على اكبر عدد ممكن من عناصر التطرف، ولطالما سرّ قلبها لسقوط المقاتلين الشيشان الذين كانوا اول من وصل لنصرة “الاشقاء الذين يذبحهم النظام بالنار الروسية”!
قياساً بالواقع الميداني وعندما تجد المعارضة انها بين نار النظام من جهة ونار “النصرة” و”داعش” من جهة اخرى، يصبح كل حديث عن “جنيف – ٢” اشبه بالوهم، حتى لو كان لافروف يريد له ان يكون مؤتمراً لمحاربة الارهابيين الذين حملتهم سياسات بلده الى المسلخ السوري… ولوران فابيوس ليس المتشائم الوحيد حيال المذبحة ومسخرة جنيف!

rajeh.khoury@annahar.com.lb

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري