تنعقد القمة الخليجية الثالثة والثلاثون في الأسبوع المقبل في دولة الكويت في ظروف غاية في الصعوبة على كل الصعد. لم يعد سرا أن خلافات متصاعدة بين قيادات مجلس التعاون يعمل الشيخ صباح أمير دولة الكويت جاهدا لتقريب وجهات النظر بين القادة الميامين خشية أن تسجل قمة الكويت انفراط عقد المجلس وهذه المرة ستكون بلا رجعة. لكن السؤال إلى أي مدى يستطيع الشيخ صباح تحقيق ذلك الهدف. إن الأمر ليس بالسهل لأن القضايا المختلف عليها جوهرية عند كل رأس من رؤوس مجلس التعاون ولا أعتقد أن أحدا سيتنازل عن موقفه إلا بتنازلات متبادلة.
(2)
على مستوى الداخل الخليجي الجبهة الداخلية ليست كما يجب أن تكون، نجد في الكويت قلقا جماهيريا واشتباكا بين الدولة والبرلمان، تصاعد النعرة الطائفية، أضرب مثلا: موظف إيراني قضى نحبه في بيروت الأسبوع الماضي نتيجة لعمل إجرامي مشين ندينه جميعنا تقام مراسيم العزاء لذلك الموظف في الكويت، علما بأنه لا صلة للكويت بالموضوع، وهناك سابقة أخرى عندما اغتيل مغنية أحد قيادات حزب الله في سورية عام 2008 أيضاً أقيم له مراسم عزاء في الكويت وسؤالي لأهلنا في الكويت هل هذه الممارسات كانت تحدث قبل احتلال العراق 2003. في المقابل قتل موظف في اليمن بدرجة وزير ورغم وجود جالية يمنية في الكويت إلا أنه لم يقم له مراسيم عزاء. ما دلالة تلك المراسيم في مجتمع الكويت اترك لأهلنا في الكويت تفسير ذلك.
في البحرين صراع سياسي يميل إلى العنف له أكثر من سنتين بين الدولة ومواطنيها واتهام دول أخرى بالتدخلات في شأن البحرين وحتما النظام منشغل بتلك الحالة المؤسفة دون أن يجد لها حلا. في السعودية “ضجة ” تستطيع سماعها على وسائل الاتصال الاجتماعي السعودي، وتقرأها في أعمدة كتاب الصحف السعودية، وتسمعها في كل مجلس وحتى تستطيع أن تقرأها في أوجه بعض المسؤولين الذين يظهرون على شاشات التلفزة السعودية. في دولة الإمارات العربية المتحدة حراك لا سابق له في تاريخ الدولة أذكر منه خلايا الإخوان المسلمين التي أعلنت الدولة تفكيكها والقبض على عناصرها وتقديمهم لمحاكمات، وهناك خلل سكاني مخيف في قادم الأيام. وأيضا عمان واجهت حراكا شعبيا كانت حكمة السلطان قابوس أسرع في امتصاص ذلك الحراك والاستجابة لمعظم مطالبه دون إراقة قطرة دم أو تباطؤ في إيجاد الحلول أما دولة قطر فلا ضجيج ولا قلق سياسي كما أعلم لكن همومها العربية والخليجية تتصاعد. ما أردت قولة إن الجبهة الداخلية في دول المجلس ليست على ما يرام.
(3)
على المستوى الخارجي فالخلاف محتدم دون أسباب جوهرية لذلك الاحتدام، تقول الأنباء المسربة عبر وسائل الإعلام أن قمة الرياض الثلاثية (الملك عبد الله آل سعود، الشيخ صباح أمير الكويت ، والشيخ تميم أمير دولة قطر) وتحركات الأمير سعود الفيصل بين بعض دول مجلس التعاون وكذلك تحركات الشيخ عبد الله بن زايد وزير خارجية الإمارات في ذات المجال كلها تعبر عن احتدام الخلافات في الشأن الخارجي، سورية، مصر، اليمن، تونس، إلخ). عندما يسمع المواطن الخليجي أن قادته مختلفون في شأن الدول المشار إليها أعلاه ينتابه القلق، ألم تكونوا متفقين على إسقاط النظام في دمشق بكل الوسائل؟ وشاركتم في ليبيا، ألم تكونوا متفقين في إزاحة علي عبد الله صالح بموجب مبادرتكم الخليجية التي تبنتها الأمم المتحدة ورغم إرادة الشعب اليمني؟ نعلم أنكم مختلفون في شأن مصر البعض ضد الانقلاب العسكري والآخر يبارك الانقلاب العسكري ويمده بالمال الوفير، أيضاً البعض يبارك مطالب الشعب المصري وثورة 25 يناير في إسقاط حسني مبارك والآخر يعمل على عودة هياكل نظام مبارك تحت عباءة الانقلاب العسكري (الفريق السيسي). إنها أمور لا تستحق خلافاتكم والأوضاع من حولكم متصاعدة في غير صالحكم.
(4)
يا قادتنا الميامين: اعلموا حق العلم بأن دوائر الشر تحيط بنا جميعا في الخليج العربي، العراق تعتصره حرب التفجيرات وتنهشه الطائفية وتهيمن عليه إيران وتسير دفة الحكم من طهران وأعوانها في كل زاوية من زواياه العراق الشقيق الذي لم نحسن التعامل معه قبل الاحتلال وبعده ووصلت نيرانه إلى الحدود السعودية الكويتية، سورية الحبيبة تدور على أرضها حرب ضروس تقودها إيران وتمولها، يساندها قوى وجيوش من العراق ولبنان وأماكن أخرى من العالم العربي والأجنبي بشعار طائفي عقيم لحماية بشار الأسد ونظامه في مواجهة قوى أخرى وطنية سورية يساندها متطوعون من أماكن أخرى أسوة بما يفعل النظام السوري، وهذه القوى تعمل على إسقاط النظام وقيام نظام حكم الشعب يختار قادته لتحقيق مطالبهم في الحرية والكرامة والمساواة، ولبنان متحفز لحرب قادمة، ومصر يا قادتنا الميامين تسبح في فوضى لا سراة لها ولن تصلحها أموالكم واليمن وصلتها الأيدي الإيرانية والمال والإعلام كما تقول مصادر الحكومات الخليجية واليمنية والإيرانية الرسمية والشعبية والحرب محتدمة هناك من صعدة إلى عدن، والصومال يستغيث وسوف تغيثه إيران وأنتم في خلافاتكم تتنازعون.
المرحلة القادمة علينا إقليميا ودوليا مرحلة دقيقة وبالغة الحساسية إنها تتطلب موقفا خليجيا واحدا متناغما وجبهة داخلية متماسكة وذلك لن يتم إلا بإجراء إصلاحات جوهرية على النظم السياسية القائمة، وهناك الاتفاق الغربي (5 + 1) وإيران، اعترف الاتفاق لإيران بحقها في تخصيب اليورانيوم في حدود 5 %، ونذكر بأن إيران عندما فرض عليها الحصار الاقتصادي عام 2006 كانت تملك 3000 جهاز طرد مركزي وفي حالة تشغيل كامل تستطيع إنتاج يورانيوم مخصب بما يقدر 3.5 % أما إيران اليوم وخلال الحصار الاقتصادي فإنها استطاعت أن يكون لديها 18000 جهاز طرد مركزي تستطيع تخصيب اليورانيوم بما يقدر 20 % وهذه الكمية كما يقول الخبراء قادرة على إنتاج الوقود اللازم لإنتاج سلاح نووي. إن الاتفاق آنف الذكر لم يلزم إيران بتفكيك برنامجها النووي وتسليم كل الوثائق المتعلقة بالمشروع كما فعلوا بالعراق. إن الاتفاق يلزمها ” بتقليص ” وليس ” تفكيك ” برنامجها، كما يلزمها “تجميد” وليس” تدمير” ما تملك. فماذا أنتم فاعلون؟
آخر القول: لن تكون تنازلات إيران مجانية ولا بد أن تقبض الثمن وهو تسييدها على المنطقة. وأنتم في خلافاتكم محتدمون؟!