خالد الزبيدي/مائة برج مفقود في عمان

لا يحتمل عقل غالبية المسؤولين فكرة امتلاك مائة مستثمر محلي ابراجا على غرار امارة دبي، الكويت، والبحرين، ويبدوا انهم لايتعايشون مع هذه الفكرة، حيث ان بناء مثل هذه الابراج (وهي سمة من سمات غالبية عواصم العالم)، تنتج شريحة او طبقة من الرأسمالية الوطنية تظهر نتائج اعمالهم على ارض الواقع، وعلى شهود الاعيان، وتكون محل تقدير واعجاب لمثل هذه المنجزات.
يبدو ان فكرة نجومية القطاع الخاص التي تتكرس بشخوص القائمين على الاعمال الفريدة والنوعية، تخيف مسؤولين رسميين في معظم مواقعهم بتفاوت، وهذا النوع من المسؤولين يحرص على استئثاره بالقرار والحكمة والمعرفة، ويخشى المغامرة جراء السماح بتشييد سلسلة من الابراج لها الكثير من المزايا اقتصاديا واستثماريا وتجاريا وبيئيا.
وفي هذا السياق فإن السؤال الطبيعي الذي يطرح …لماذا لم يستطع اي من كبار المستثمرين ورجال الاعمال الاردنيين والخليجيين والاجانب انجاز تشييد برج واحد في الاردن بخاصة في عمان خلال الـ 25 سنة الماضية؟، بينما استطاعت على سبيل المثال امارة دبي الفقيرة بالنفط والغاز تشييد قرابة الف برج مختلفة الارتفاعات اعلاها برج خليفة، واول برج شيد قبل نحو ربع قرن هو ابراج الامارات البالغ ارتفاعها 50 طابقا، وبقدر اقل استطاع مستثمرون محليون واجانب تشييد الابراج في مصر ولبنان ومعظم الدول الخليجية.
هذا السؤال وغيره من الاسئلة تطرح على اصحاب القرار المعنيين بنهضة التطوير والاستثمار العقاري، والجهات التي تمنح التراخيص وتتابع سير العمل لمعاملات ومشاريع المستثمرين، لاسيما وان عمان كانت قبل سنوات عاصمة انيقة رشيقة حافلة بالفرص يفضلها المستثمرون افرادا وشركات وصناديق استثمارية، ووفدوا الى البلاد بأفكارهم واموالهم ومشاريعهم، الا انهم وخلال فترة زمنية قصيرة بعمر الاستثمار والتنمية فضلوا الارتحال الى اماكن اكثر تسهيلا واقل تعقيدا لمشاريعهم.
لقد سنحت امامنا فرص عديدة لنشكل نموذجا حقيقيا ومركزا اقليميا لاستقبال الاستثمارات الجديدة عقب الازمة المالية العالمية، ثم ما يسمى بـ « الربيع العربي» الا اننا كنا وما زلنا نهدر الفرصة تلو الاخرى، بينما نحن في امس الحاجة اليها، ويمكن القول اننا كثيرو البدايات التي لا تسمح بقرار او بدون الاستمرار لجني الثمار، وبدون مجاملة او تجميل، وحسب تقارير دولية نحن من الدول التي تسهل لدخول المستثمرين الى البلاد، اما بالنسبة للتطبيق فأن الصورة مختلفة تماما، الامر الذي يضعف قدرة الاقتصاد الوطني في رسم صورة مشرقة جاذبة امام المستثمرين.
هناك تجربة تمهد لتحول نوعي في التعامل مع الاستثمارات، وهذه التجربة مردها شروط المنحة الخليجية التي دفعت القطاع العام الى تقديم دراسات كاملة لضمان تمويل المشاريع، ومن المؤمل ان يتم التعامل مع القطاع الخاص المحلي والخارجي بنفس المعايير لإعادة اطلاق مبادراته.

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات