كتب سلطان الحطاب – لم أعرف سفيراً خدم بلده والبلد الذي يمثل بلده فيه كما الشيخ مسلم بن بخيت البرعمي سفير سلطنة عمان الذي انتهت سفارته في الأردن قبل أسابيع فقد أمضى هنا في المملكة ثماني سنوات ظل فيها يترجم رغبة عميقة في خدمة علاقات بلدين أدرك شخصياً أهمية عمقها وتاريخيتها ولذا أنيطت به هذه المهمة ليقوم بها على خير وجه..
كان الشيخ البرعمي موجوداً في كل المواقع والمناسبات الرسمية والشعبية فقد عرفته بيوت العزاء الأردنية والمناسبات الوطنية المتعددة في مقدمة الحضور والمتفاعلين وفي فترته تدفق العمانيون إلى الأردن طلاباً وباحثي علاج وسياح وحتى مستثمرين كما كانت الطريق الأردنية غلى عمان سالكة لم تغلق في وجه أحد..
حين كانت مأساة اللاجئين السوريين تتواصل وتترك ظواهرها الموجعة في مخيم الزعتري كنت أراه هناك أو أصاحبه إلى المخيم..كان له فلسفة خاصة في توزيع المساعدات السلطانية ومساعدات الحكومة العمانية..كان يرى أن هذه الطرود الغذائية الموزعة تتكاثر أحياناً ويضطر الحاصلون عليها إلى بيعها بأبخس الأثمان لحاجتهم الماسة للنقود التي يحتاجونها لأغراض أخرى..فكان يرى أن يوزع على المحتاجين نقداً ليشتروا دواء أو يسددوا التزامات قاسية وقد فعل ذلك بامانة واخلاص ووصلت المساعدات وقد رأيت ذلك في الأردن وفلسطين حيث كان يتوجه أعضاء السفارة في رمضان ليوزعوا في مدن فلسطين وفي القدس ونواحيها..وحيث حملوا اسم عمان إلى كل حي وقرية ومخيم..
حين كنت أقول للسفير لماذا لا تعلنون عن ذلك وعن هذه المشاريع التي تقومون بها هنا وفي فلسطين من بناء مدارس أو المساعدة في بناء المستشفيات أو معالجة المرضى كان يقول “نحن لا نحب ذلك والسلطان لا يريد أن تمجد المساعدات العمانية أو حتى تذكر..يرى أن ذلك واجباً تتراجع قيمته اذا كان فيه منيّة”..لقد تميزت سفارة عمان في زمن الشيخ بدور ريادي لمسه سفراء مجلس التعاون الخليجي لما بذله من دور في بناء التشاور بينهم وفي تصميم أفضل الطرق والوسائل لمساعدة الأردن وايصال رسائله والاجابة على أسئلته وابعاد أي سوء فهم يمكن أن تفرزه تطورات الاحداث..وفي سبيل ذلك واجه سفير عمان من بعض الجهات المغرضة التي لا تحب الأردن وخدمته محاولات للتجريح شجبها الأردنيون المخلصون وادانوها وفي هذا السياق كرم جلالة الملك عبدالله الثاني السفير البرعمي تكريماً خاصاً ومنحه وقتاً للحديث معه و وساماً رفيعاً واستقبله وتحدث اليه وقد انعكس ذلك في مواقف السفير التي ما زالت تترجم حبه للأردن والأردنيين حتى بعد مغادرته..وبعد تراكم أكثر من (30) سنة من العمل الدبلوماسي في أكثر من دولة عربية وغير عربية.
كنت أسمعه وهو يتكلم عن العلاقات الخاصة بين البلدين وعن محبة العمانيين للأردن والأردنيين وخاصة جلالة الملك الراحل وجلالة الملك عبدالله الثاني والذي لم تنقطع زياراته للسلطنة وقد كان مقرراً أن تنفذ احداها قريباً..
السفير الذي عاد لبلاده ويتولى الآن في الخارجية ادارة المشاريع في السفارات الخارجية استطاع أن ينجز هنا في الأردن ولصالح سفارته بناء منزل مميز للسفارة والبدء في مشروع بناء سفارة جديدة قال إن الفضل في ذلك لتوجهات الملك فيها يقدم لعمان من تسهيلات ولمنزلتها عند الأردنيين وتقديرهم العالي لسياسة جلالة السلطان قابوس ..لقد ربطتني بالسفير علاقة صداقة وثيقة طوال سنوات اقامته في الأردن لم يبخل فيها عن تقديم خبرته في أكثر من بلد خاصة في ايران والسودان وقد أفدت من هذه الخبرات ومن متابعة التطورات كصحفي وكاتب كما أفدت من مصداقية الرجل فيما يقول أو يحلل أو ينصح أو يقدم وأعتقد أن الأردن استفاد أيضاً فلم يكن الشيخ البرعمي يبخل باي موقف أو معلومة أو رأي يفيد الأردن فقد ظل قريباً ومتفاعلاً ومحباً طوال فترة سفارته على أمل أن لا يترك رحيله فراغاً وأن يأتي خلفه من ليواصل مسيرة بناء العلاقات الثنائية على نفس السوية والانفتاح
أن ا