د.خليل العناني/تحديات تواجه “خارطة الطريق” في مصر

كان من المفترض أن تؤدي “خارطة الطريق” التي تم وضعها في الثالث من يوليو إلى تهدئة الأوضاع في مصر وأن تعيد البلاد إلى الطريق الصحيح نحو الديمقراطية. بيد أن ما يحدث منذ الثالث من يوليو وحتى الآن يشير إلى أن مصر لا تزال تعاني من آثار عدم الاستقرار والتوتر بين القوى السياسية.
حسب “خارطة الطريق” فإنه من المفترض أن يتم الانتهاء من تعديل دستور 2012 وأن يتم طرحه للاستفتاء قبل نهاية العام الجاري. وبعد ذلك تجري الدعوة لانتخابات برلمانية ورئاسية خلال الربيع والصيف المقبلين على أقصى تقدير.
وقد بدأت لجنة الخمسين تعديل الدستور قبل شهرين ومن المفترض أن تقوم
بتقديم النسخة النهائية في موعد أقصاه الثالث من ديسمبر المقبل.
تكشف متابعة النقاش داخل لجنة الخمسين على وجود انقسامات عديدة داخل
اللجنة سواء بين الإسلاميين (الذي يمثلهم هنا حزب النور السلفي والأزهر)
والعلمانيين أو بين الإسلاميين والأقباط. بيد أن أكثر الانقسامات وضوحا
هو الخلاف بين الجهات التنفيذية والقضائية. فمن جهة فإن ثمة خلافات حادة
داخل الهيئات القضائية (مجلس الدولة، المحكمة الإدارية العليا، مجلس
القضاء الأعلى) حول نصيب كل منها في الدستور. وقد وصل الأمر مؤخرا إلى تقديم رئيس هيئة النيابة الإدارية استقالته بسبب ما رآه جورا وتعديا على اختصاصات الهيئة لصالح جهات قضائية أخرى. وهو أمر يثير الدهشة والاستغراب خاصة وأن السلطة القضائية في مصر تتمتع بالاستقلال عن غيرها من السلطات ورغم ذلك فإنه تواجه العديد من الانقسامات.
من جهة أخرى، فإن ثمة خلافات حول طبيعة نظام الحكم في مصر وصلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات رئيس الحكومة والبرلمان. ويبدو أن ثمة اتفاقا حول اتباع نظام رئاسي مختلط بحيث يحتفظ لرئيس الجمهورية بصلاحيات معتبرة في حين يعطي رئيس الحكومة صلاحيات محدودة. ووفق بعض التسريبات فإن رئيس الحكومة سوف يتم اختياره من بين أعضاء الحزب الفائز بأغلبية المقاعد في البرلمان. وتبقى كلمة السر في التعديلات الدستورية الراهنة هو “الحصانة”، حيث يسعى كل طرف إلى الحصول على قدر من الحصانة وعدم الرقابة القضائية. وهنا يمكن
الإشارة إلى مطالب المحامين والقضاة والصحفيين بقدر من الحصانة
القانونية. ناهيك عن دعوات البعض لتحصين المؤسسة العسكرية ووزير الدفاع خلال الفترة المقبلة. وبغض النظر عن الجدل حول مواد الدستور الجديد، فإن السؤال الرئيسي هو:
ماذا سيحدث إذا لم يحظ هذا الدستور بالموافقة الشعبية التي حظي بها
دستور 2012؟ هنا سوف يعود الجميع إلى مربع الصفر.

د. خليل العناني
كاتب وأكاديمي مصري

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري