سمير الحجاوي/المعارضة تذبح الثورة السورية

يصعب أن تجد ثورة في العالم ابتليت بممثلين أسوأ من المعارضة السورية، لأنها مفككة ومتناحرة ومتنافرة ومختلفة بلا أولويات واضحة.. معارضة تحول بعضها إلى “دكاكين” لهذه الدولة أو تلك، تحولت إلى وبال على الشعب السوري الذي قدم الغالي والنفيس من أجل إسقاط نظام الأسد الإرهابي.

لقد ثبت أن المعارضة السورية تهتم بكل شيء إلا بانتصار الثورة السورية وتحقيق مطالب السوريين بالحرية والكرامة والعدالة، ويزيد من الطين بلة دخول مقاتلي دولة البغدادي المارقة “داعش” على الخط لتزيد من معاناة السوريين وتؤخر سقوط النظام الأسدي، ويزيد من المصيبة أن “أصدقاء سوريا” ليسوا أكثر من أكذوبة، تعمل ضد الشعب السوري أكثر مما تعمل لصالحه، بل إن الدول التي تمول “الدكاكين الثورية في سوريا” لا هم لها إلا منع الثورة من الانتصار، وحرف البوصلة عن مطالب الشعب السوري.

حدثني بعض الأصدقاء السوريين الذين يشاركون في اجتماعات المعارضة عن قصص يندى لها الجبين، وعن سيطرة المال على القرار، وعن تحكم بعض الدول العربية بمفاتيح “المعارضات السورية”، وتحويلها إلى أدوات لأهداف غير أهداف الثورة، وتمكين من لا يملك مقاتلا واحدا على الأرض من التحدث باسم الثورة السورية، وهم الذين لم يطلقوا يوما رصاصة واحدة ولا ذاقوا ويلات التشرد والحرمان والمخيمات وغبار الصحراء أو الثلوج التي هدمت الخيم فوق رؤوس ساكنيها.. فهذه المعارضة البائسة اليائسة لا هم لها سوى “تفكيك الثورة” للوصول إلى معادلة “نظام لا يهزم وثورة لا تنتصر” من أجل إقرار مبدأ تقاسم السلطة والمحاصصة الطائفية.

أشعر بالأسف والأسى أن أتحدث عن هذه الحقائق المرة، ولكننا يجب أن نصارح أنفسنا وأن نكون صادقين مع الجميع في تبيان “بؤس” هذه المعارضة التي ركبت “عنوة” فوق أكتاف الشعب السوري بقوة المال والنفوذ والتقاطعات الدولية والإقليمية، وأشعر بالحزن عندما أقول إن هذه المعارضة غير أمينة على الثورة السوية، لأن ضررها أكثر من نفعها.

هذا الأداء البائس للمعارضة يدفع باتجاه المشاركة في مؤتمر اغتيال الثورة بسكاكين عديدة ومنها سكاكين “المعارضات” التي تزعم أنها تمثل الثورة، وهو “مؤتمر جنيف” الذي تحول إلى مسلسل مكسيكي أو فلم هندي.. جنيف1. . جنيف2، مع وجود فارق كبير بين المسلسلات المكسيكية والأفلام الهندية ألا وهو أن النهاية فيها سعيدة” بينما نهاية “مسلسل جنيف” تعيسة كما تشير كل الدلائل والمؤشرات، نهاية تعني بقاء نظام الأسد وتقاسم السلطة معه والاعتراف بدور إيران وحزب الله ونوري المالكي وروسيا، وحقهم في رسم مستقبل سوريان الأمر الذي يعني الإطاحة بكل مطالب الشعب السوري الذي ثار من أجل التخلص من بشار الأسد ونظامه ومؤسساته الأمنية وشبيحته وحكم الأقلية الطائفية الدموية.

المعارضة السورية “تناضل بالمفاوضات والمؤتمرات والفنادق” بينما يقاتل آلاف من عناصر مليشيا حزب الله وأبي الفضل العباس العراقية ومليشيات الدفاع العلوية والحرس الثوري الإيراني بشراسة وضراوة على الأرض، ويذهب حسن نصر الله زعيم مليشيا حزب الله إلى اعتبار أن المعركة ضد الثورة السورية “معركة وجودية” لمواجهة “كل الأخطار التي تشكلها الهجمة الدولية الإقليمية التكفيرية” مهددا أن الحزب لن ينسحب من سوريا “ما دامت الأسباب قائمة”، معتبرا أن الشيعة يواجهون “أخطارا إستراتيجية ووجودية”.

هذه هي إستراتيجية “أصدقاء بشار الأسد الحقيقيين”، التي مكنت الأسد ونظامه الإرهابي من الصمود في وجه الثورة السورية، وهو ما عبر عنه أحد قياديي حزب الله في حديث لجريدة تايمز البريطانية بقوله:”لولا وقوف حزب الله مع نظام الأسد لسقط في غضون ساعتين” مؤكداً أنه “من غير المقبول أن يسقط نظام الأسد، لأن حزب الله سيكون محاصراً بالأعداء في سوريا”، وهذا التفكير يضع الشعب السوري في خانة الأعداء ضد مشروع حزب الله وإيران ومن خلفهما روسيا بالطبع.

لابد من الاعتراف أن تدخل المليشيات الشيعية “حزب الله وأبي الفضل العباس والحرس الثوري” قد غير من موازين القوى على الأرض، وخلق حالة من “التوازن الميداني” إلى حد ما، وهذا من شأنه أن يترجم على طاولة المفاوضات في جنيف إلى قرارات تؤدي إلى تقاسم للسلطة مع نظام الأسد، وتحويل الثورة إلى “قضية محاصصة طائفية” كما هو الحال في لبنان والعراق، وهو ما تسعى إليه إيران وحزب الله والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا التي كانت أول من حذر من أن سقوط الأسد يعني إقامة نظام “حكم سني متطرف”، ولهذا يتسابق الجميع من أجل طرح سيناريوهات لتشكيل حكومة توزع فيها الحقائب طائفيا، ويتسابق الجميع على رفع شعار “حماية الأقليات” في الوقت الذي تبيد فيه إحدى هذه الأقليات الأكثرية، وقتلت ما يزيد على 150 ألف سوري حتى الآن.

هكذا يتصرف أصدقاء الأسد الحقيقيون، وهكذا تتصرف المعارضة السورية وأصدقاء الشعب السوري”غير الحقيقيين”، والضحية هو الشعب السوري والثورة السورية ومستقبل سوريا والعرب بل ومستقبل الإسلام نفسه.

أضف إلى:

Related posts

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات

العرس ديموقراطي والدعوة عامة!* بشار جرار

انشاء سوق طوعي لأرصدة الكربون قد يساعد شباب ريادة الأعمال على إيجاد فرص عمل* د. حازم الناصر