عروبة الإخباري – في لقاء لصحيفة الكويتية مع الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية في مملكة البحرين ..تاليا نص الحوار..
قال لي مداعبا في نهاية الحوار «لا تشطب ولا كلمة، كل الكلام الذي قلته أنا مسؤول عنه»، وقبل الحوار شجعني بألا أتردد في طرح أي سؤال، ليقينه بأن من حق الناس أن تعرف كل شيء، وأن العالم قد تغير ولا يوجد شيء يمكن إخفاؤه.
الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية في مملكة البحرين الذي استقبلني في مكتبه بالعاصمة البحرينية «المنامة» بعد جولة سفر طويلة، وبعد أن طلبنا منه عبر رسالة أرسلتها إلى حسابه في «تويتر» طلبت منه إجراء مقابلة فوجدت كل الترحيب، وجرى ترتيب هذا للقاء.
في قاعة الانتظار قبل الدخول إلى الوزير زرت حسابه في «إنستغرام»، ومع هذه النوعية من الوزراء والمسؤولين الذين يتواصلون مع المواطنين، ويجيدون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لا نجد صعوبة في التعرف على ميولهم واتجاهاتهم الشخصية.
عندما دخلت على الشيخ خالد مكتبه قلت: أول شيء نبدأ بالتقاط صورة لحساب «إنستغرام» ثم ننطلق في الحوار..
• ما تطلعاتكم للقمة الخليجية القادمة في الكويت؟
– أنا أتحدث باسم مملكة البحرين، فقد كانت أطروحات جلالة الملك حمد في قمم مجلس التعاون تكاملية اتحادية، وأهم طرح قبل الاتحاد كان موضوع المواطنة الخليجية، والتي طرحها سموه في قمة أبوظبي.
وطرح المواطنة الخليجية سيؤدي إلى التكامل والاتحاد، وهو إحدى اللبنات الأساسية لهذا التكامل، كما أن ورقة البحرين إضافة إلى ورقتي الكويت وقطر، وطرح خادم الحرمين الشريفين، جميعها أدت إلى وضع اللبنات الأساسية للاتحاد، ومن ثم جاء طرح خادم الحرمين الشريفين بضرورة الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتم وضع الأسس واللجان والمبادئ، للمحافظة على سيادة الدول، وجميعها تؤدي لسياسة موحدة في الخارجية والدفاع، وهذا ما يجب أن نسعى لتحقيقه الآن في قمة الكويت والقمم القادمة، لأن محيطنا الإقليمي اختلف عما كان عليه قبل سنتين أو أكثر، فجميع محيطنا الإقليمي يغلي، والمنطقة الوحيدة المستقرة فيه هي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهذا ليس بسبب التحالفات الدولية، بل بسبب استقرار شعوبها.
لذلك، علينا كما كنا دائما في الملمات يدا واحدة، ويجب أن يكون السعي إلى البناء والتكامل في وقت الرخاء والهدوء، ويجب علينا ألا نتوقف، ونحن متفائلون، فالقمة المقبلة بالكويت، بقيادة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، قمة خير، وسموه خير من تكون عنده القمة.
• كانت هناك دائما خلافات خليجية – خليجية، فهل حان الوقت للتخلص من هذه الخلافات؟
– أنا لا أسميها خلافات، وهذا في صلب عملي، وأعمل به بشكل يومي، ليس هناك خلافات بمعنى كلمة خلاف، هناك تباينات واختلاف بالرأي حول موضوع ما، لكن أهدافنا واضحة، والأهداف واحدة، ودائما نحن في الأمور الرئيسة متفقون، لكن أسلوب كل بلد يختلف عن الآخر في التعامل مع بعض القضايا، إلا أننا نتطلع إلى تقليل تأثير هذه الاختلافات والتباينات على مواقفنا، لأن الوقت والظروف والتطورات في المنطقة أصبحت سريعة، ونحن واعون لهذا الأمر.
• هل سترى فكرة التحول من التعاون إلى الاتحاد النور قريبا؟ وهل هناك عوائق تحول دون تنفيذها؟
– هذا بند دائم نناقشه في كل اجتماعاتنا.. هناك عدم اكتمال للعمل، ولا أرى أي عوائق، فكل بلد من دول المجلس طرح فكرة تكاملية بشكل أو بآخر.. سلطنة عمان طرحت موضوع الجيش الخليجي الموحد من قبل، والكويت والسعودية والبحرين طرحت أمورا أخرى، ومن هنا جاءت فكرة الاتحاد، التي لم تأت من فراغ، بل بناء على توجهات ودراسة من جميع دول مجلس التعاون، فمسألة التوجه إلى الاتحاد والتكامل موجودة ومستمرة، لكن مسألة تنفيذ هذه الخطوة عمليا فالبعض يرى أننا جاهزون، ولكن يجب دراستها بشكل أكبر، قائلا «خطواتنا، وإن كانت بطيئة، لكنها واثقة»، فأحيانا السرعة تؤدي إلى الوقوع والسقوط «وأنا أرى أن التأني أحد أسباب استمرار دول مجلس التعاون وسبب بقائه ثابتا ومستمرا حتى الآن»، ونرجو ألا ننظر إلى ذلك بأنه بطء أو مسيرة بها معوقات، بل إننا لا نريد أن نخطو خطوة إلا بعد أن نكون متأكدين منها بنسبة 100 بالمئة.
• تعقد هذا الشهر في الكويت القمة العربية – الأفريقية، هل تعتقد بأن أفريقيا هي معبر مهم لدول الخليج؟
– أفريقيا امتداد طبيعي للعالم العربي كله.. أنا لم أقل الأمة العربية أو الوطن العربي، بل العالم العربي، لأنها الكلمة الحقيقية، لأن العالم العربي عبارة عن قماشة واسعة ملونة فيها الكثير من العرب وغير العرب، هناك البربر والأكراد والدنكة في السودان، كما أن العربية هي اللغة الثانية في تشاد، وجميعهم من المحسوبين على العرب، فنحن لدينا امتداد مع أفريقيا والدول المجاورة للعالم العربي، فأفريقيا علاقاتها طيبة جدا مع دول المجلس بعد حرب أكتوبر 1973، وتطورت منذ ذاك الحين، وهناك الكثير من مجالات التعاون مع الدول الأفريقية الواعدة، والكويت لها دور كبير في هذا الشأن، بسبب دعمها الحكومي للدول الأفريقية، وكذلك عن طريق العمل الخيري الكويتي في القارة الأفريقية، وهناك أسماء مشهودة مخلدة في العمل الإنساني في أفريقيا من الكويت، منهم عبدالرحمن السميط، فنحن عندما نتعامل مع أفريقيا، فإننا نتعامل مع منطقة يربطنا بها تاريخ مشترك طويل، والأساسات لقيام التكامل الاقتصادي معها موجود، وهي أساسات قوية، وأنا متفائل بهذه القمة، لأنها تأتي بعد قمة سرت، وقمة سرت كانت لها تأثيرات سياسية ليست بالضرورة أن تكون فيها نظرة صحيحة، ولكن القمة في الكويت ستركز على تقوية أساسيات العمل المشترك، وهذا مهم جدا.
• ما تقييمك لما يسمى بـ «الربيع العربي»، والذي أدى لأوضاع سيئة في ليبيا وتونس، ومرتبك إلى حد ما في مصر وعدم استقرار في اليمن؟
– هناك سببان.. الأول سوء الحكم السابق، ومنها الدول ذات الحكم الفردي، والذي سقط، ولم تكن هناك مؤسسات لتبقي على استقرار البلد، وهناك بلدان فيها هذه المؤسسات وتغيرت قيادتها، ولكن الدولة ومجتمعها المدني، رغم الصعوبات التي مروا بها، سيقدرون على عدم السقوط.
والنقطة الثانية الرئيسة، هي تطلعات الشعوب.. وللعلم، فإن أكبر الدول التي تسعى لتحقيق تطلعات شعوبها من حيث متطلباتها هي دول الخليج، وتطلعات الشعوب في بعض البلدان وصلت إلى مرحلة ما، بدا فيها أنها ستختطف أو خطفت من قبل أحزاب معينة في دول جعلت تطلعاتها في نطاق حزبي ضيق، وهذا لم يكن المطلب الشعبي عندهم، والآن بعض الدول التي مرت بالتغيرات، تمر بصعوبات، والله يعينهم، وبعضهم يمر بمرحلة تصحيح، في محاولة لإبعاد الدولة عن الاختطاف.
• هل التيارات الإسلامية أثبتت عدم قدرتها على الإدارة؟
– لا أريد أن أسمي تيارات بأسمائها، لكن هناك من وصل إلى السلطة وأثبت أنه ليس قادرا عليها، بمحاولته الاستحواذ على المناصب لمصلحته الحزبية الضيقة، لأنهم يعلمون أنه إذا كانت هناك انتخابات قادمة، فإنهم سيخسرون، فكانت هناك محاولة استيلاء واضحة.
• هل دول الخليج محصنة من امتداد هذا الربيع العربي؟
– نعم، التحصين موجود، ليس فقط بالأمن، فالأمن لا يتوافر إلا إذا توافرت العدالة، ودول الخليج عندما تراها في موازين التنمية البشرية، وموازين الرخاء وموازين النمو في العالم جميعا، ليس فقط بسبب النفط، فهناك دول عربية أخرى نفطية والأمثلة كثيرة، لا أريد ذكرها.. المسألة هي الحكم الرشيد، التحصين موجود، لأن هناك علاقة طيبة ومتجددة بين الحاكم والمحكوم.. نعم، أقول لك الآن إنها محصنة، بسبب العلاقة الراسخة والثابتة في المجتمعات الخليجية.
• مملكة البحرين كانت من أكثر الدول الخليجية التي عانت آثار الربيع العربي؟
– هناك من انتهز الفرصة عندما شاهد ما يجري في البلدان من مشاكل، وهم معروفون بأنهم طابور يأتمر بأوامر خارجية، وحاولوا انتهاز الفرصة والدخول في هذه الموجة، لكن الله سبحانه وتعالى كشفهم، لأنهم ليسوا بحركة حقيقية تدعو لتطلعات الشعب البحريني، فشعبنا يتطلع إلى النمو، ولله الحمد، النمو والرخاء موجودان، وما حدث في البحرين كان حركة انتهازية واضحة.
• هل الشيعة في البحرين يحصلون على حقوقهم كاملة؟
– شيعة البحرين لديهم كل الحقوق، وهم يحصلون على حقوقهم كاملة في المجتمع البحريني، ووصلوا لأعلى السلطات، فهم في السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، وخلال عام 2011 كانت سلطتان في البحرين يرأسهما أبناؤنا الشيعة، فكان مجلس الشورى يرأسه علي صالح الصالح، وهو بحريني، وكان إبراهيم حميدان، رحمه الله، يرأس السلطة القضائية، والحكومة برئاسة صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان حريصة على ذلك، فمسألة عدم وصول الشيعة لمناصب قيادية في البحرين مردود عليها وواضحة، والمواطنون يحظون بحقوقهم كاملة، إن كان هناك بعض التهميش في الخدمات، كما يقولون، فذلك مقدور عليه، وقيل من قبل وتم حله، ولكن أن يصل إلى اتهام البلد بأنها تتخذ مواقف عنصرية ضد شعبها، فهذا لا نقبله، ولا يقبله المواطن البحريني.
• هل خلقت هذه الأحداث نوعا من الجفاء بين المواطن البحريني السني والشيعي؟
– هناك من حاول خلق هذا الجفاء وخلق هذا الشرخ بينهم، لكنه لم ينجح في هذا، ولا أحد يستطيع أن يقول إن هناك وضعا طائفيا في البحرين، كالموجود في دول أخرى بالمنطقة، وهناك من وضعنا في مجموعة واحدة مع العراق وسوريا، وهذا غير صحيح، فلم يقتل بحريني سني بحرينيا شيعيا على أساس طائفي، والعكس أيضا صحيح، نتيجة الأوضاع التي خلقها هذا التيار المؤزم، ولكن إن سألتني عما إذا نجحوا في إحداث فجوة بين الشعب البحريني، فأجيبك أنهم فشلوا فشلا ذريعا في ذلك، البحرين مجتمع واحد ولله الحمد.
• هل توقف الحوار في البحرين حاليا؟
– لا.. الحوار متواصل، ولكن هناك من قرر عدم المشاركة، وهو قرار خاطئ، والحوار ليس بجديد على البحرين، فعبر تاريخنا كل إنجازاتنا وتطوراتنا جاءت عن طريق الحوار، متسائلا: ألم يكن مجلسنا التأسيسي الذي كتب الدستور حوارا، وحوار التوافق الوطني عام 1999، والذي أدى إلى تعديل الدستور عام 2002 والمضي قدما، وحوار 2011 الذي أدى إلى 15 تعديلا دستوريا، ألم يكن حوارا؟ وهذا جزء من مسيرة متواصلة تقوم بها مملكة البحرين كنهج انتهجته على مر العقود، وليس بالشيء الجديد، ونرجو أن يشاركوا فيه بكل مسؤولية.
هناك من يحاول تعطيل مسيرة البلد، ونريد أن نوصل له رسالة، بأنه لن ينجح في إيقاف مسيرة البلد نحو النماء والرخاء وسيادة القانون والاستقرار.
• وماذا عن تقرير بسيوني؟ هل تم تطبيق توصياته؟
– تم تطبيق الكثير من توصياته، منها الإصلاح في القضاء، وتطوير عمل الشرطة والأمن، ومكتب الشكاوى والتظلمات.. وهذه أشياء غير موجودة في المنطقة، ولكن هناك توصيات تتعلق بالمصالحة الوطنية.. نحن لسنا في خلاف حتى تكون هناك مصالحة وطنية، ويمكنك القول بأننا انتهينا من معظم توصيات بسيوني، وأكبر إثبات لذلك ما يشهده الشارع البحريني من هدوء، صحيح أن هناك أعمالا إرهابية أو تخريبا تحدث أحيانا، لكن ليس هناك حركة تغلي وتطبخ في شكل آخر.
• كيف هي علاقة البحرين بإيران؟
– هناك قيادة جديدة بإيران، والاتصالات متواصلة، وقد قابلت وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في نيويورك، وهنأته على منصبه، ولكننا نتطلع إلى لغة جديدة وواضحة، وإلى خطوات عملية في تحسين العلاقة، ليس فقط مع البحرين، ولكن مع جميع دول المنطقة، ونقول لهم إذا خطوتم خطوة سنخطو خطوتين، ولكننا طالما أنهم أعلنوا صفحة جديدة، فإنها تعني لغة جديدة وأعمالا، ونحن نرحب بها.
• هل كان التقارب الأميركي – الإيراني مفاجئا؟
– لا.. فالأمور تتطور ودول 5+1، كانت تتحدث مع إيران، والآن هذا التقارب لايزال في نطاق 5+1، وهو ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، والخلاف الأميركي – الإيراني منذ نهاية السبعينيات إلى اليوم لم يخدم المنطقة، بل أزّم المنطقة، وأدى إلى قيام إيران بأعمال أضرت بالمنطقة، وإصلاح العلاقات الثنائية بينها قد يؤدي إلى الاستقرار في المنطقة، ولكن إن كان هذا الإصلاح متعلقا بدول المنطقة، فالأهم لإيران ليس أن تصلح علاقاتها مع الولايات المتحدة، بل مع دول الجوار، لأنه من يقف معك في الأزمات هم الجيران.
وقد تم توجيه سؤال لي حول الأساطيل الأميركية التي تجول المنطقة، وعما إذا كانت لتهديد الجانب الإيراني، فأجبتهم لا أتمنى في يوم من الأيام أن تكون البحرية الإيرانية جزءا من هذه المجموعة، وهذه القوة البحرية الكبيرة الموجودة في المنطقة لا تفرق بين خليجنا أو خليج عدن، فهذا عمل دولي، ونحن جزء من المجتمع الدولي، وإيران عليها أن تكون أيضا جزءا فاعلا من المجتمع الدولي، وبالأخص مع جيرانها.
• ماذا عن القضية السورية؟
– من المؤسف ما وصلت إليه الأمور في سوريا، نتطلع أن يعقد مؤتمر «جنيف 2»، ونتطلع أن يكون مبنيا على أسس واضحة.. نعلم بأن هناك اختلافا على تفسيرات المواد، وبالذات المادة 14 المتعلقة بالعملية الانتقالية، لكن يجب أن يكون هناك وضوح في الصورة، ويجب أن تكون المشاركة ممن يسعون للسلام، لا من يشاركون يوميا في قتل الشعب السوري.. سوريا مرت بصعوبات على مدى عقود، ولا تستحق ما يحدث لها من وضع صعب.
• هل تعتقد بأن هناك استعجالا من المعارضة السورية في مقاطعتهم؟
– المسألة بدأت بالمطالبات، ولكن حين تمت مواجهتها بالرصاص تأزمت الأوضاع، فهم أخذوا المسألة مبدئية، والشعب يجب ألا يظلم بهذه الطريقة.
«تويتر» متوتر
• ماذا عن حسابكم في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»؟ وهل تستمتعون به؟
– «تويتر» متوتر هذه الأيام.. أنا أكتب أحيانا ما أحب، لأنه يصل للجميع، فقد أصبح وسيلة سريعة لمعرفة الأخبار، والصور في «أنستغرام» يمكن أن تتحدث عن ألف كلمة أحيانا، وهذا هو مستقبل التواصل بين الشعوب، يجب أن يكون هنا وجود للحوار بين أطياف المجتمع، وأنا أتواصل مع الجميع عبر «تويتر»، وليس للمساعدة، فهذا جزء من عملي، ولكن أحيانا أتناقش مع أشخاص قد أختلف معهم في وجهة نظر معينة بكل احترام، وأنا لا أتواصل مع نوعين من البشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأول من يستخدم السب والشتم، والثاني من يخفي نفسه تحت اسم مستعار، لأنه ليست لديه الشجاعة لوضع اسمه أو صورته.