في اللقاءات الإعلامية التي أجريت، خلال الأسبوعين الأخيرين، مع دولة الرئيس الدكتور عبد الله النسور، التلفزيونية، منها، أو في اجتماعاته مع الكتاب والصحفيين ومقدمي البرامج الاذاعية والتلفزيونية الاردنية الخاصة، تحدث دولته بإسهاب عما قامت به حكومته خلال العام الأول من توليها شؤون البلاد. لم يترك تفصيلا صغيرا مما يهم المواطنين الاطلاع عليه، إلا ووقف عنده بمعلومات وافية يقدر لها، لو وصلت لهم، أن تساهم في حشدهم لصالح برامجها في المعافات الوطنية.
كان حديثه، في هذه اللقاءات، أشبه ببيانات لنيل ثقة المواطنين بحكومته وبرامجها ونهجها في مواجهة التحديات، وما أضطرت إليه من قرارات صعبة، أثناء ذلك. وهي ثقة ستكون، إذا قورنت بالثقة التي تحصل عليها الحكومة، في مجلس النواب، المشروع الأصعب بين المشروعين
ففي مجلس النواب يسمع المجتمعون كل ما يقال من قول، تحت القبة، ويرون، لقرب في المكان والزمان، كل ما يحدث من حركة وتصرف، فتصل المعلومة الواحدة، بنفس القوة والوضوح، للنواب أنفسهم، كما للمراقبين الذين يستطيعون، تحت التأثير المباشر للحدث، أن يعرفوا مدى ثقة المجلس بالحكومة.
أما على مستوى فضاء الدولة، فوصول المعلومة للمواطنين بالوضوح اللازم والإحاطة الكاملة ببيئته، يكونان، أحيانا، بعيدي المنال، وخاصة، حين يتمكن المتضررون من سياسة الحكومة، وهم الأقلية، دائما، من قطع الطريق، عليها، فيكونوا، بفعل قربهم من الناس، أو ترتيب ذلك القرب، الأعلى صوتا والأوضح نبرة، وربما، ولفترة تطول أو تقصر، وليس ذلك مهما لهم، الأكثر تأثيرا. ذلك يمثل تحديا مضافا لكثير من التحديات الأخرى التي لا بد من التصدي لها.
هذه الحقيقة العملية التي تثقل على الوطن والمواطنين، نكاد نجزم أن الرئيس، بما يمتلكه من دقة ملاحظة وإحاطة بكامل الصورة، يعرفها جيدا؛ كما أنه لا يغفل عن الانتباه أن طريق الإصلاح كثير اللفات الخطرة المليئة بزوايا معتمة لا بد من إلقاء الضور الساطع عليها حتى تشف عما تخفي، فيسهل تجنب ما تنطوي عليه من مخاطر.
كانت موضوع ارتفاع الأسعار، مثلا، واحدا من هذه الزوايا المعتمة المزروعة بكل ما يعيق الحركة أو يفجرها، أحيانا، وذلك لعلاقته بحياة الناس المعاشية. لذا وقف الرئيس مطولا عندها، ليتحدث فيها، وخيارات الحكومة نحوها وما أَكرهت عليه فيها، فوصف الوضع المالي الكارثي للدولة الذي واجهته، منذ اليوم الأول.
كان «وضع الخزينة أقل من صفر؛…ولم يكن بالإمكان الاقتراض من البنوك التجارية….خوفا من انهيار الدينار؛…وأن الدولة لم تتلق دعما سنة 2102 مما كان مقررا لها،» فاضطرت الحكومة لاعتماد إجرءات تصحيح اقتصادي أوصى بها الخبراء؛ وعلى رأسهم خبراء صندوق النقد الدولي، فتم رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء ليوفر مئات ملايين الدنانير، فيعتدل الوضع بعض الشيء. لم يتضرر الفقراء وهم الغالبية العظمى من الناس، 75% منهم، بل طال الضرر القادرين على الدفع، فكان هذا الهجوم على الحكومة.
كما أوضح الرئيس سياسات الحكومة إزاء عدد كبير من الموضوعات التي تهم المواطنين، بشفافية كاملة حسب أفضل شروط الشفافية اللازمة لبناء الثقة العامة وفتح كافة المجالات لشعبنا للمساهمة في إغناء حياتنا الديمقراطية؛ فهو يعلم جيدا أن جهود الحكومة، وحدها، لن تكون كافية لإنفاذ كامل المهمة بالصورة المطلوبة.