عاد سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى البلاد برعاية الله وسلامته بعد أن أدى الأمانة السياسية لإخوانه قادة مجلس التعاون والتي مؤداها أن دول مجلس التعاون الخليجي تمر بمرحلة خطيرة في تاريخها على المستويين الداخلي والخارجي، العلاقات البينية ليست في أحسن حالة، والعلاقات الإقليمية في أسوأ مراحلها، وكانت الحكمة القطرية الشبابية التي يقودها سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني جعلته يقوم بجولة عمل خليجية سريعة ليست في تقديري للتعارف عن قرب والمجاملات وإنما أراد أن يطرح المخاطر ـــ التي تواجه أو ستواجه دول مجلس التعاون في قادم الأيام ـــ بين يدي القيادات والنخب السياسية في هذه الدول وجها لوجه طارحا أفكارا ومقترح حلول لكل أزمات المنطقة العاجلة والآجلة.
ليس سرا أن هناك خلافات بين القيادات الخليجية في مسائل متعددة، منها على سبيل المثال لا الحصر الشأن الإيراني ونزوع الأخيرة إلى ولوجها في معراج التسلح النووي، وتشبيك الساحل الشرقي للخليج العربي بسلسلة صاروخية متعددة الأنساق والمهام موجه إلى غرب الخليج العربي بذرائع متعددة، وقوة بحرية لا يستهان بها إذ أن البحرية الإيرانية تملك ثلاث غواصات حربية وطوربيدات وزوارق حربية سريعة الحركة علما بأن دول المجلس لا تملك غواصة واحدة حسب معلوماتي وأرجو من الله عز وجل أن أن تكون معلوماتي في هذا المجال خاطئة. إلى جانب ذلك فإن النخب الإيرانية في كل مستوياتها ما برحت وعلى اختلاف مناهجها السياسية (إصلاحيين ــ متشددين) تتحدث عن مملكة البحرين سرا وعلانية أحاديث طبعا سلبية، إيران ونفوذها الممتد إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط مرورا بالعراق الشقيق وكذلك سورية، التوجهات الأمريكية والاوروبية المنفتحة نحو إيران وآثار ذلك الانفتاح على دول مجلس التعاون الخليجي.
(2)
في الشأن العربي هناك وجهات نظر مختلفة حول الوضع في سورية، رغم اتفاقهم بأن نظام بشار الأسد لم يعد له مستقبل، ولهم اجتهادات مختلفة في شأن ما سيترتب على المنطقة بعد مؤتمر جنيف 2 إن عقد، وماذا سيكون دور إيران الذي يصر الأخضر الإبراهيمي على حضورها المؤتمر آنف الذكر وما سيترتب على تلك المشاركة من سلبيات على الأمن القومي العربي والخليجي على وجه التحديد. أن مشاركة إيران في أي شأن عربي يجعلها القوة الإقليمية التي لا غنى للغرب ولا الشرق (أعني روسيا والصين والهند) عنها في رسم مستقبل الشرق العربي وتحجيم الدور العربي.
لا جدال بأن هناك خلافات محتدمة في شأن مصر الأمر الذي أدى إلى أن تتناول وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض محطات التلفزة والصحف والمجلات الممولة من قبل بعض دول مجلس التعاون من المس من قناة دولة أو أكثر من دول المجلس وهذا أمر لا سابقة له في تاريخ مجلس التعاون. هناك خلافات بشأن اليمن وما سيؤول إليه من وحدة أو تفكك إلى جانب أمور أخرى تعتصر الخليج العربي.
(3)
في الأيام القادمة سيعقد اجتماع وزاري عربي في القاهرة على جدول أعماله ” الوضع السوري ” ومؤتمر جنيف 2 المقترح، إلى جانب أمور أخرى، يحتاج إلى بلورة موقف خليجي موحد يلتزم به الجميع. في الأيام القادمة ستنعقد قمة عربية إفريقية على أرض الخليج العربي في الكويت وستطرح فيها قضايا هامة منها التعاون الاقتصادي العربي ــ الإفريقي، وأوضاع دول القرن الإفريقي، مشكلة مالي، والصومال وما يجري في كينيا، مياه النيل وما سيلحق بمصر والسودان من أضرار في حالة بناء السدود في دول المنبع، وما يتعرض له المسلمون في القارة الإفريقية إلى جانب النفوذ الإسرائيلي المتصاعد في إفريقيا ولا شك بأن الإرهاب سيكون في أول بنود جدول الأعمال وكذلك محاولات محكمة الجنايات الدولية العبث بسيادة دول القارة والمساس بأمن تلك الدول عن طريق المس بحصانة رؤساء بعض دول القارة الإفريقية.
في ظل هذه الظروف الصعبة كان على سمو الشيخ تميم أمير البلاد المفدى أن يتحرك فورا وعدم الانتظار إلى أن تحتدم الأزمات علينا جميعا، فكانت خطوته الأولى نحو إخوانه وأشقائه قادة مجلس التعاون، زار خلالها دولة الكويت ومملكة البحرين وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة بهدف تنقية الأجواء بين أطراف قادة مجلس التعاون وتدارس الموقف بشأن القضايا آنفة الذكر واتخاذ قرارات جماعية في شأنها.
آخر القول: وفق الله قادتنا لتوحيد مواقفهم الوطنية تجاه القوى الأخرى، ووفقهم لحماية الوطن والمواطن على قاعدة المساواة والمشاركة في صناعة القرارات المصيرية.