عروبة الإخباري – أجرى جلالة الملك عبدالله الثاني مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في العاصمة البريطانية لندن، امس الأربعاء، مباحثات ركزت على علاقات التعاون الثنائي، والتطورات الراهنة في الشرق الأوسط، خصوصا الجهود المتصلة بإحياء عملية السلام، ومستجدات الأزمة السورية، وذلك في إطار التشاور والتنسيق المستمر بين القيادتين الأردنية والبريطانية.
وأكد جلالة الملك ورئيس الوزراء البريطاني حرصهما المتبادل على تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين والنهوض بها في مختلف المجالات، مشددين على إدامة التنسيق المستمر في القضايا ذات الاهتمام المشترك، نظراً لما يتمتع به البلدان من علاقات صداقة قوية وتاريخية.
واستعرض جلالته مع كاميرون، خلال جلسة المباحثات، الجهود المبذولة لمساعدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على تحقيق تقدم فعلي في مفاوضات السلام لحل جميع قضايا الوضع النهائي، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية.
ولفت جلالته، في هذا الصدد، إلى أهمية الدور البريطاني بالتعاون مع الأطراف الدولية الفاعلة، لتقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين ودعم جهود تحقيق السلام.
كما تناولت المباحثات مستجدات الأوضاع على الساحة السورية، والجهود المبذولة لحل الأزمة هناك، حيث جدد جلالته، في هذا الإطار، التأكيد على موقف الأردن الداعم للمساعي الدولية الهادفة لإيجاد حل سياسي شامل، يوقف إراقة الدماء ويحافظ على وحدة سوريا.
ولفت جلالته، خلال لقائه كاميرون، إلى الأعباء الكبيرة التي يتحملها الأردن جراء استضافته أكثر من نصف مليون لاجئ سوري على أراضيه، مثمنا دعم بريطانيا للمملكة في هذا المجال، وداعيا في الوقت ذاته، المجتمع الدولي إلى زيادة حجم مساعداته للأردن لتمكينه من مواصلة تقديم خدمات الإغاثة للاجئين السوريين.
من جهته، أعرب رئيس الوزراء البريطاني عن تقديره لمساعي جلالة الملك الموصولة لتعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ودعم جهود تحقيق السلام استنادا إلى حل الدولتين، مشيداً بحكمة جلالة الملك في قيادة عملية الاصلاح الشامل في الأردن.
وعبـّر كاميرون عن تقديره وبلاده للدور الأردني في استضافة اللاجئين السوريين وتقديم خدمات الرعاية الأساسية لهم، رغم ما يعانيه الأردن من ضغوط متفاقمة على موارده المحدودة، مؤكدا ضرورة تكثيف المجتمع الدولي جهوده لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الداخل السوري، وبما يلبي احتياجات الشعب هناك.
وتناول اللقاء علاقات التعاون بين البلدين والفرص المتاحة للبناء عليها في المجالات كافة، خصوصا الاقتصادية منها.
من جانب آخر، بحث جلالته وخلال لقاء منفصل جمعه مع وزير الخارجية البريطاني وليم هيج، الأوضاع في المنطقة، خصوصا ما يتصل منها بجهود تحقيق السلام، وبالتطورات في سوريا، والتحضيرات الدولية الجارية لعقد مؤتمر جنيف 2، والقضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين.
وأكد جلالته خلال اللقاء أن الأردن سيواصل العمل مع بريطانيا وكل الأطراف ذات العلاقة لدفع جهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط استنادا إلى حل الدولتين، محذرا جلالته من أن إضاعة فرصة تحقيق السلام، ستدفع بالشرق الأوسط نحو المجهول.
وشدد جلالته، خلال اللقاء الذي تناول أخر مستجدات الوضع في سوريا، أن استمرار الأزمة السورية سيفاقم معاناة الشعب السوري ويقود إلى تداعيات سلبية على أمن واستقرار المنطقة.
واستعرض جلالة الملك خلال اللقاء الخطوات الإصلاحية التي يقوم بها الأردن، وما تم في هذا المجال.
من جانبه، أكد هيج أن بريطانيا حريصة على تطوير علاقات الصداقة والتعاون مع الأردن، مثمنا دور جلالته في التعامل مع التحديات التي تواجه الشرق الأوسط، وجهود جلالة الملك لتحقيق الإصلاح في الأردن.
وعبر وزير الخارجية، خلال اللقاء عن تقديره للعلاقات الثنائية الوثيقة والتاريخية بين الأردن وبريطانيا, ومشيدا في الوقت ذاته بالجهود الأردنية لاستضافة ما يزيد عن نصف مليون لاجئ سوري.
وقال هيج “بريطانيا مستمرة في دعم الأردن في جهوده الإغاثية، حيث وصل الدعم البريطاني على شكل مساعدات إنسانية لهذا الأمر نحو 89 مليون جنية استرليني حتى الأن، وذلك للتعامل مع أزمة اللاجئين”.
ورحب الوزير هيج بمشاركة جلالة الملك في المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي التاسع الذي استضافته العاصمة البريطانية لندن، وأشاد بالخطاب الذي ألقاه جلالته أمام المشاركين في المنتدى.
وأشار وزير الخارجية البريطاني إلى أهمية البناء على الزيارة الناجحة لولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، مطلع العام الحالي إلى الأردن، وتوقيع مذكرة تفاهم بين مركز الملك عبدالله الثاني للتنمية، ومؤسسة أمير وليز الخيرية.
وتزامن مع اللقاء، تم الإعلان عن مبادرة لإحدى المؤسسات الخيرية التابعة لولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، لتدريب الشباب الأردني وتنمية القدرات الفردية لديهم، وتوفير فرص عمل لهم ودعم المشروعات الناشئة، وتقديم النصح والإرشاد في هذا الإطار.
وهذه أول مبادرة تنفذها المؤسسة خارج بريطانيا على المستوى الدولي، حيث سيزور المملكة فريق فني بريطاني خلال الأسبوع المقبل لتقييم الاحتياجات التدريبية للشباب في الأردن، وتصميم البرامج التي تلبي هذه الاحتياجات، وتقييم المبادرات المطبقة ومحاولة دمجها مع المبادرات المشابهة لها، وتطوير شراكات محلية ملائمة في هذا المجال.
وكانت عمان قد شهدت الشهر الحالي، انعقاد أعمال المنتدى الأردني البريطاني للأعمال، والذي يأتي في إطار تعميق علاقات التعاون الاستراتيجية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية بين البلدين، شارك فيه أعضاء من غرفة التجارة العربية البريطانية، وعدد من ممثلي كبرى المؤسسات والشركات الاقتصادية البريطانية.
وحضر اللقاءين رئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري، والسفير الأردني في لندن مازن الحمود، وعدد من كبار المسؤولين البريطانيين، والسفير البريطاني في عمان بيتر ميليت.