يبدو أن الاتصال مقطوع ما بين جنيف (1) وجنيف (2) والمحاولات التي يبذلها الأخضر الابراهيمي هي محاولة لبناء جسر إلى جنيف (2) يعبر اليه الفرقاء السوريون ومن حالفهم في الخندقين، والابراهيمي قبل غيره وبحكم خبرته يدرك أن النفق لا تظهر نهايته وأن عنق الزجاجة السورية أضيق بكثير من القدرة على تمرير كل هذه المكونات وخاصة ايران وما تمثل واصرارها على بقاء النظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد لأن الرهان الايراني هو عليه شخصياً وليس على مكونات الدولة السورية في حين قد يتجاوز الروس هذه النقطة الى الحفاظ على ما تبقى من بنية الدولة السورية وخاصة الجيش وبعض المؤسسات الأخرى حتى لا تنفرط الدولة السورية وتتفتت وتتشظى وتدفع أطراف محلية واقليمية ودولية ثمن ذلك..
الأخضر الابراهيمي أدرك أن الغرب وخاصة الولايات المتحدة أخذت معظم ما تريده من الأزمة السورية وهو انتزاع الأسلحة الكيماوية لصالح حماية اسرائيل وان ما تبقى هو صفقة تعقد مع روسيا لصالح تفهم الموقف الروسي الذي ابتدع افكار جنيف (1) وحتى جنيف (2) وباع ذلك للأميركيين للتغطية على مسألة نزع الكيماوي وايضاً لجمع الذئب والغنم في حظيرة واحدة تحت شعار «لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم» دون وجود آلية تحدد المدى الذي سيصل اليه الذئب بعد أن زادت الضحايا مغازلة الابراهيمي لايران لادراكها أنها تمسك بجزء من الخيط السوري وتتحكم به على أكثر من مستوى منها التحالف الاستراتيجي وتسخير الجغرافيا العراقية وتحريك عناصر حزب الله اللبناني وأحزاب الله الأخرى ما ظهر منها وما بطن اضافة الى دعم النظام السوري اقتصادياً وامنياً ولوجستياً وعسكرياً وهذا الادراك هو ما دفع الابراهيمي لتسجيل الوزن الايراني ومعرفة مدى تأهيله لحضور جنيف اثنين تاركاً اشتراطات التأهيل للتفاوض الاميركي الروسي ولأن الابراهيمي لوح بالكرت الأخضر لايران فقد استفزت المملكة العربية السعودية التي أدركت «ملعوب» الحالة السورية منذ بدأ تدويلها وابعاد الحل العربي عنها وحتى المساهمات التي يمكن أن تشكل اساساً ولذا اعترضت السعودية على طبيعة عمل المطبخ الدولي في الأمم المتحدة والذي يديره ويشرف عليه نفس القوى المتحكمة في القضية الفلسطينية منذ (65) سنة وفي الحالة السورية التي تحولت الى حالة ادارة أزمة وليس حل أزمة بعد أن تبين أن الدوافع الأميركية في مهاجمة الأسد ابتداء ليست اخلاقية وإلا لما توقفت بعد موافقته على نزع الكيماوي مع بقاء القتل قائماً في الشعب السوري الذي ترك للخذلان..
الصوت العربي في الأزمة السورية ليس متناغماً تماماً وهو في الأصل ليس مسموعاً أيضاً والمحاولة السعودية تحتاج الى اسناد حتى لا تفشل أو تبقى وحدها محاصرة كما حدث للموقف الأردني في طرحه الحل العربي ازاء العراق عام 1990 ولذا فإن السعوديين الحريصين على تسوية سلمية لا يستطيعون مغادرة المربع الدولي ولكنهم يريدون تحسين الشروط ومن هنا امتنعوا عن استقبال الابراهيمي واستقبلوا الجربا فهل هذا مؤشر على دعم المعارضة السورية الاساسية بأسلوب مختلف وإلى أي مدى خاصة بعد أن خذل الغرب المعارضة السورية وثورة الشعب السوري ولم يقدم السلاح ولم يمكن السوريين طوال المرحلة الماضية من الحسم وظل التردد سيد الموقف إلى أن ذهب الموقف الاميركي باتجاه الروسي وأضعف أيضاً الموقف الأوروبي الذي بدأ يصطف خلف الأميركي..والسؤال هل تكسر السعودية الحلقة ؟ هل تسلح المعارضة بشكل أفعل ؟ ام أن تسوية أخرى يمكن أن تحدث خارج رحم جنيف (2) الذي قد لا يعقد وينجو الأسد على الطريقة اليمنية؟..بانتظار أن نرى..
alhattabsultan@gmail.com