حجاج بوخضور/يا مشايخ الإخوان لماذا لم تحرموه؟

يعبر الرمز عن اضطراب نفسي مستتر، واذا تضخم يفوق حجم الحدث الذي يرمز اليه، ويفعل فعل الطلسم على الجمهور، وينأى بهم من عالم الواقع جنوحا إلى الخيال، ليبرر الانغماس في العنف والازدواجية التي هدرت القيم الدينية*

اختزلت الشعوب القديمة معتقداتها ونزعاتها الايمانية بصيغة الرمز، فالسومريون اتخذوا من «آنليل» رمزهم القومي، مثلما كان الرمز «إيل» عند الأكديين، و«مردوخ» للبابليين، و«آشور» للآشوريين، و«بعل» للكنعانيين، و«مدد» للآراميين، ثم مرّ تصور الرمز بعدة مراحل، واتخذته المنظمات الاخوية شعيرة وطلسما للحكمة والتشفع والمؤازرة، حيث وجدت ضالتها فيه للتعبير سرا عن معتقداتها>

تم استخدام كف «رابعة» في مناسبات سابقة كثيرة، فقد لوح به أعضاء الكنيست الإسرائيلي قبل 40 سنة، ورفعه بوش واوباما وشخصيات شهيرة أخرى، فهو أحد رموز الاخويات القديمة، ومن أهم العلامات لديهم، ويدل استعماله على الولاء لهم، فرفع الاصابع الاربع، هي دعوة لمؤازرة أعضاء الاخوية، طلبا للمساعدة واسترداد مركز، وللدعم بانتخابات رئاسية، وتدل الإصبع الملاصقة للكف لـ«عين حورس على أنه يراكم وقوته فوق قوتكم»، واللونان الأصفر والاسود يرمزان للاستعداد والتأهب للسيطرة وإفناء الآخرين، وليس كما دلس على جمهور الاخوان، بأن كف رابعة أمل الأمة، ويدل على تحرير القدس والكعبة.

وهكذا… جعلوا جمهور الاخوان في البدء يحبونه، وبثوا فيهم شعوراً بنشوة خادعة، فسلبوهم وعيهم ليتشكلوا معه كوحدة واحدة، وينقلهم إلى عوالم افتراضية لا علاقة لها بالواقع، ليشعرهم بأنهم فوق الآخرين، ومع تضييق الخناق عليهم وتزايد عزلتهم يعشقونه، ومع لفظ المجتمع لهم يتماهون معه، فتضخم ليفوق حجم الحدث الذي يرمز إليه، وأصبح رمزا يقدسونه، حتى تمكن من أصابعهم وأزاح عبارات «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، فعمل عمل الطلسم السحري عليهم، وماثل رموز الاخويات التي تتخذ الجمجمة والنجمة داخل الدائرة شعارا لها، للتمرد والانسلاخ من الاخلاق، فتحول إلى رمز الانفصال عن الواقع وأس الخراب، وذلك يعتبر تلخيصاً لفكر إرهابي إقصائي ملبيا لدعوات «القاعدة»، ومحفزا للرايات السوداء، ونموذجا فجا لانعدام الوطنية بعقول ممحوة. يا مشايخ الاخوان الافاضل: انقذوا جمهوركم، فالرمز يعمل بغرس اللوينيات المختلة، والقيم السلبية والرؤى والمشاعر المبهمة في النفس، من النواحي المستترة في عالم اللاشعور، التي لا يراد التعبير والكشف عنها مباشرة من مكنون الصدر، إلا بالتدرج والإيحاء لتبرير الخداع النفسي، فقد كشف شعار رابعة حقيقة المتن الإيديولوجي، لغرس أفكار وطموحات بعض الأخويات، في منطقة اللاشعور لعقل جمهور الاخوان، لاختزال عقيدتهم بصيغة الرمز، واستحضار حالات وجدانية طقسية، تعبر عن ميثولوجية لاهوتية، تأخذ صفة القدسية والسرية والغموض، وتبتعد بهم عن عالم الواقع والجنوح إلى عالم الخيال، للتعويض عن غياب العقيدة الدينية السليمة، زاعمين لهم انهم يريدون أن يصلحوا السياسة بالدين.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري