نبدأ بعودة المخطوفين اللبنانيين التسعة، ونقول إنه خبر سعيد لكل اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم. فأرواحهم غالية علينا، أكانوا يؤيدون ويحتضنون قتلة رفيق الحريري ووسام الحسن وجبران تويني وبيار الجميل والآخرين أم لا. وسلامتهم من سلامة كل لبناني مهما جرى استغلال قضيتهم في الإطار السياسي أو في أي إطار آخر هدفه خدمة تورط “حزب الله” في الدماء السورية، أو تدعيم مزاج يميل للجوء الى كل ما هو خارج القانون والشرعية ومنطق الدولة والعيش المشترك. وفي كل الأحوال، نهنئ العائدين مهما كانت ميولهم السياسية، ونذكّرهم بأن أحداً في لبنان الاستقلالي لم يقم بتوزيع البقلاوة يوم خطفوا، والأهم أن أساس المشكلة يكمن في تورّط “حزب الله” الذي شكروا أمينه العام أكثر مما شكروا رئيس الجمهورية، ورفعوا علم حزبه بالمئات، فيما رفعت بضعة أعلام لبنانية بداعي الحياء لا أكثر… ونودّ أن نذكّر البيئة الحاضنة لـ”حزب الله” والتي تبرر له كل ارتكاباته، لا بل انها تقدّس هذه الارتكابات والأعمال الرهيبة مثلما تغطي تقديس الحزب لقتلة شهداء لبنان الاستقلاليين، ان التفجيرات التي طالت الضاحية لم تأت إلا بعدما غرق الحزب في دماء السوريين. فقبل تورّطه في سوريا وتوريطه لبنان عموماً وبيئته خصوصاً، لم تكن ثمة تهديدات بعمليات تفجير قائمة. وحدها عمليات الاغتيال والخطف (جوزف صادر مثلاً) والغزو الأهلي، والتعدّي على ملكيات خاصة وعامة كانت قائمة على قدم وساق في اتجاه واحد واضح للعيان.
هنا نذكّر المراجع الرسمية وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بأن “حزب الله” يحتفظ بمخطوف اسمه جوزف صادر ينبغي العمل جدياً لإطلاقه، وعدم ترك الأمور الى حد يصل فيه الناس الى اليأس التام من دولة لا تتحرّك إلا خدمة لمن يتطاول عليهم، ولا تهتم إلا بمصير من يستسهل “رفسها” عند كل مناسبة. لماذا رئيس الجمهورية؟ لأنه الوحيد الجدير على أن يؤتمن من بين الرؤساء الثلاثة للقيام بعمل يخدم لبنان لا الحالات المافيوية المستحكمة به راهناً.
أطلق المخطوفون اللبنانيون وبقي كل لبنان مخطوفاً من “حزب الله” الى أجل غير مسمى، وبقي أكثر من 600 لبناني ولبنانية أسرى في سجون النظام في سوريا، لا يعرف أهاليهم ما حل بهم الى الآن. فهل للدولة اللبنانية التي “انفتق” بعض أهلها في التباري في ما بينهم من أجل التسعة أن يفعلوا شيئاً من أجل الأسرى في سوريا؟
إن المرجعيات الرسمية مطالبة بتحرّك جدي، وربما ليس أمام أهالي الأسرى إلا أن يقوموا بتحرّك ضاغط شبيه بتحرّك أهالي التسعة، ضد مصالح النظام في لبنان وصولاً الى التضييق والطرد. ومعروف أن بعض أركان النظام وعائلاتهم ومنسوبيه من رجال أعمال وغيرهم يسرحون ويمرحون في مقاهي العاصمة ومطاعمها وملاهيها، بمن فيهم زوجات بعض كبار الجزارين.