أتوجه إلى مقامكم السامي في هذه الأيام المباركة بتقديم أحر التهاني القلبية لجلالتكم وإخوانكم بحلول أيام الحج المباركة وقدوم عيد النحر أعاده الله عليكم شخصيا بالصحة والعافية وطول العمر، وعلى المملكة عامة بالأمن والسلام والاستقرار.
يا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله: طال بنا الزمان ونحن ننتظر حلا سلميا للقضية الفلسطينية، واعتذرت المملكة السعودية عن مخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام احتجاجا على عدم رد الحقوق المشروعة إلى أصحابها في فلسطين ونحن نقدر الموقف هذا. والدكم تغمده الله برحمته له مواقف مشهودة من قضية الشعب الفلسطيني سواء كان مع رؤساء دول (روزفلت)، ومن بعده ترومان وتشرشل وغيرهم من الزعماء والقادة والسفراء والمندوبين. يقول والدكم الملك عبدالعزيز “إن قضيتي الأولى هي قضية الشعب الفلسطيني، وإنه يشرفني أن أموت في ميدان القتال كشهيد لحق الشعب الفلسطيني” (التويجري، ص 588). لا يسعني المجال في الاسترسال في استدعاء مواقف الملك عبدالعزيز رحمه الله من هذه القضية ومن بعده إخوانكم الملوك الأربعة الذين هم بين يدي الله عز وجل، ولا جدال بأنكم شخصيا قدمتم الكثير في هذا الشأن وأهمها صلح “مكة بين حماس وفتح” الذي لم يدم طويلا.
( 2 )
اليوم يا خادم الحرمين وأمام أعينكم فرض على سكان غزة من فلسطين بكل طوائفهم واتجاهاتهم حصارا برا وبحرا وجوا شاملا قاتلا من قبل إسرائيل وجمهورية مصر العربية الشقيقة. إنه حصار ظالم يا خادم الحرمين يروح ضحيته الطفل والطالب والمريض والمرضع أي كل فئات أهل غزة. إنهم يعيشون في سجن كبير.
الحصار المفروض من إسرائيل على قطاع غزة نفهمه بأنهم أعداء غاصبون يريدون القضاء على الشعب الفلسطيني برمته، وفي هذا الشأن هذه مسؤولية السلطة الفلسطينية في رام الله المتحالفة مع إسرائيل أولا، ومسؤولية العرب عامة، وثالثا مسؤولية المجتمع الدولي ولا بد من العمل الجاد والصادق من كل الأطراف بقيادتكم على إزالة العدوان الإسرائيلي عن كامل التراب الفلسطيني وفي مقدمتها القدس وقطاع غزة.
( 3 )
إن حصار قطاع غزة من قبل جمهورية مصر العربية يا صاحب الجلالة لا مبرر له، وإن الأسباب التي بني عليها ذلك الحصار المصري كاذبة خاطئة ولا برهان عليها. إننا نناشدكم يا خادم الحرمين الشريفين أن تعمل مع القيادة المصرية الحالية على رفع الحصار عن قطاع غزة فورا وإلى الأبد فمكانتكم يا صاحب الجلالة وكلمتكم مسموعة لدى القيادة المصرية الراهنة لأنكم قدمتم لهم مالا وتأييدا سياسيا وإعلاميا لم يتوقعوه وليس في العالم العربي زعيم غيركم قادر على رفع الضيم عن أهلنا في غزة.
يا خادم الحرمين الملك عبدالله آل سعود في الأسبوع الماضي أعلن اللواء أحمد وصفي قائد الجيش الثاني الميداني بأنه يعد قواته لاجتياح قطاع غزة (الرأي العام الكويتية 3 /10) وقبله هدد السيد نبيل فهمي وزير خارجية مصر بإعلان الحرب على سكان قطاع غزة المحاصرين، وراحت طائرات الهليكوبتر المصرية الحربية تتناوب التحليق في سماء غزه مع الطائرات الإسرائيلية وهي المرة الأولى التي يحلق فيها الطيران العسكري المصري بكل حرية في سماء غزة منذ حرب 1967 دون أن يثير ذلك العمل العسكري حفيظة إسرائيل، وفي نفس الفترة تجتاح الدبابات الإسرائيلية جنوب قطاع غزة، قوارب الصيد البحرية الفلسطينية تتعرض لإطلاق نار حي من قبل جيش مصر دون أسباب إلا أنهم على مقربة من مياه مصر الإقليمية مع غزة، وتعتقل بحارة صيد السمك في جنوبي مياه غزة.
إعلام مصري يا خادم الحرمين يشن حملة ظالمة باغية متوحشة انقضت على استعداء الشعب الفلسطيني وتشويه سمعته ونضاله ضد الاحتلال الإسرائيلي، كل ذلك بهدف تكريه الشعب المصري الحر في الشعب الفلسطيني والنيل منه وصرف انتباه شعب مصر الثائر عما يجري داخل مصر.
( 4 )
يا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله آل سعود: عندما يغيب الوعي والحمية الوطنية الإسلامية، عندما يتكالب الأعداء على الأمة ويكثر الخونة والعملاء وأصحاب المصالح الذاتية والانتهازيون يقيض الله للأمة رجلا يقودها إلى ترسيخ العدل ونبذ الفرقة وجمع الكلمة وتضميد الجراح واستعادة الحقوق المسلوبة وجعل مصلحة الأوطان فوق مصالح الأشخاص والتنظيمات، يقيض الله عز وجل للأمة زعيما يرفع عنها الغبن ويقضي على أهل الفتن بكل أنواعها فكنت أنت ياخادم الحرمين الشريفين ذلك الزعيم.
إن أهل غزة يا مولاي أمانة بين يديكم وفي أعناقكم وإن سعيكم مع حكام مصر الجدد لرفع الحصار عنهم مرة وإلى الأبد عمل سيخلدكم في التاريخ لأنكم تنقذون أكثر من مليون ونصف إنسان من الهلاك يعيشون تحت حصار ظالم قاهر.
أقسم لكم بالله العظيم ثلاثا بأن المعلومات المسربة إليكم بأن حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي والمنظمات غير المرتبطة “بحلف أوسلو” يتآمرون على مصر كاذبة ظالمة وإن تلك المنظمات ليس لها أي موقف معاد لمصر وإن عدوها الوحيد هو إسرائيل، وليس لهم دور فيما يجري في سيناء، وأقسم لكم بالله ثلاثا وأنا أشارف عامي السبعين ولم يبق من عمري إلا أعوام قليلة ألقى بعدها وجه ربي عز وجل وبعد تحر شخصي دقيق أقول: إن كل ما يروج عن أهل غزة بأنهم خلايا إرهابية وأنهم يعبثون بأمن مصر العزيزة لا صحة لتلك الأقوال إطلاقا بل بالعكس كان هناك تعاون بين فصائل المقاومة حماس والجهاد وأجهزة المخابرات المصرية والجهات الأمنية عامة في حقبة مبارك وزمن المجلس العسكري بقيادة طنطاوي وفي عهد محمد مرسي المفترى عليه وحتى في زمن السيسي وهو يعلم حق العلم بذلك التعاون الاستخباراتي.
آخر القول: يا خادم الحرمين أهل غزة أمانة في عنقكم وأداء تلك الأمانة أن تعملوا بكل قوة المملكة ومكانتكم الشخصية المحبوبة على إقناع القيادة المصرية الحالية برفع الحصار عن قطاع غزة مرة وإلى الأبد. وثق يا سيدي بأن التاريخ لن ينسى لكم تلك الجهود واعلم يا صاحب الجلالة أن من فرج كربة مسلم “فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة” وكربة أهل غزة أعظم الكرب وليس لها سواكم وإخوانكم من بعدكم أطال الله عمركم متوجا بالصحة وحفظ الله المملكة من كل مكروه.