وأخيراً انبثقت زمزم وجرى اشهارها وفي معناها اللغوي ما يفيد الجمع والتدفق والاتساع، وهي استجابة لحالة اجتماعية وسياسية ظلت محمولة إلى المخاض بعد أن بلغ تطرف حركة الاخوان المسلمين في الأردن حداً لم يعد يحتمله منتسبيها في صفوفها الأولى والحريصين عليها وعلى الوطن الأردني الذي يحتويها..
جاء اشهار مبادرة زمزم الذي تابعت بداية فكرتها بعد مراجعات حادة وقاسية عانى فيها أصحابها معاناة صعبة على مستويين ذاتي حين واجهتهم اتهامات قاسية وظالمة من تنظيمهم وسوء فهم من محيطهم بداية واستمرار التشكيك بالقول «هذا الطين من تلك المطينة»..
صبر المؤسسين وعملهم على ايضاح فكرتهم ومحاولة رسم سبيلهم جعلهم يلفتون نظر الشارع والدولة إلى أن انبثقت الولادة وجاء الحمل.. فهل يترجم رواد هذه الحركة التي اعتقد أنه سيكون لها ما بعدها من تنوير واصلاح وتكيف واقتراب من فقه الواقع واستلهام لمعطيات الحال والتعامل معه على قاعدة الاصلاح والانتقال إلى الأمام والتمكن والمشاركة بدل استمرار الهدم والتهجم والنقد السلبي ووضع العصي في الدولاب وطرح شعارات «يا لعيب يا خريب» «يا بتعمر فينا يا بتخرب بغيرنا» التي عشناها وكان لنا موقف منها.
المجموعة الجديدة أمثال الدكتور ارحيل الغرايبة والدكتور نبيل الكوفحي يراهنون على مستقبلهم السياسي الان وقد ركبوا هذا المركب وهم يدركون أنهم الآن على خشبة التقييم فهناك من يريد ان يشمت بهم ممن قالوا لهم «اعتزلونا» لأفكارهم وهناك من لا يشتري ما يبيعون من أفكار ويظل التحدي أمامهم واخوانهم الكثر الذين لم اذكرهم من صفوف قيادتهم كامن في سؤال كيف يعيدون الثقة بتيارات الاسلام المعتدل وكيف يمكنون الناس من الرد على سياسة الاسلاميين وليس الاسلام السياسي وكيف يكشفوا المخبوء واجنداته الخاصة التي جرى ركب موجاتها فكانوا واصحابها جزءاً من المشكلة وليس جزءاً من الحل وكانوا مسؤولين عن عسر الولادة لعملية اصلاح حقيقية حين غلبوا الخاص على العام ومصالح الجماعة والحزب على المصلحة الوطنية ولم يأخذوا بقوله تعالى لرسوله (ص) «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فاذا عزمت فتوكل على الله»..لقد اتهموا كل من نقدهم بالتكفير والخيانة والخروج واحتكروا الحقيقة والصواب وها هي هذه المجموعة الريادية التي يعلق عليها مجتمعنا الامال لانقاذ العملية الحزبية والسياسية وحتى صورة التنظيم الاسلامي الوطني والواقعي والموضوعي وصورة الاسلام السمح الوسطي المعتدل الذي يقبل الآخر ويؤمن بالتعددية..
وأتوقف عند ما قاله الدكتور نبيل الكوفحي عن مشروع زمزم وهو المشروع المنقذ والبديل لتطرف الجماعة فقد هرم تنظيم الاخوان المسلمين في الأردن وهو يرث فكر عام 1928 حين تكونت الاحزاب الفاشية في أوروبا كما يرث سنوات من القسوة والمطاردة والاعتقال أنتجت كتابات قاسية على يد حسن البنا وسيد قطب ممن وصفوا المجتمع بالجاهلية واعتبروا ذلك من مرجعياتهم الحالية التي لم تطعم أو يجري تعزيزها بفكر مستنير واضح كفكر محمد عبده وجمال الدين الأفغاني ومحمد رشيد رضا.. ونسي هؤلاء أن في الاسلام وفكره وتراثه الامام الغزالي وابن تيمية مقابل ابن رشد وابن خلدون وآخرون لم يرهنوا الفكر الاسلامي وانما سمحوا بتهويته..
أتوقف عند ما قاله الدكتور نبيل الكوفحي لنتمكن لاحقاً من تذكيره به ومحاسبة تنظيمه عليه وكلنا أمل أن يتحقق ذلك ونحن نحتفي بولادة زمزم المرتبط اسمها بالخير والعطاء وعدم النضوب وها هو يشرح بنفسه..مشروع زمزم السياسي ويقول أنه يهدف الى اقامة الدولة المدنية الحديثة على أسس المواطنة والحرية والعدالة وتكافؤ الفرص واحترام كرامة الانسان والشراكة الوطنية والحفاظ على حالة الاستقرار الاجتماعي وتنميتها وتطوير الحياة السياسية على أساس التنافس البرامجي بما يحقق شراكة سياسية ومجتمعية واسعة وصولاً لمبدأ التداول السلمي للسلطة والحكومات البرلمانية ومحاربة الفساد المالي والاداري والاجتماعي..
ونحن بدورنا كمواطنين لا نريد من اي حزب نحترمه وندعو للانخراط فيه أكثر من هذا وتظل العبرة في التطبيق ولذا نبارك على قاعدة «تفائلوا بالخير تجدوه» هذه المبادرة واصحابها ونشد على ايديهم.
alhattabsultan@gmail.com