علي حمادة/لبنان: حوار مع “حزب الله”؟

حتى الآن لم تلح على سياسة “حزب الله” أي تغييرات جوهرية يمكن البناء عليها في محاولة لفتح كوة في جدار الازمة اللبنانية التي تتراكم مفاعيلها السلبية على الواقعين الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك على مؤسسات الدولة اللبنانية المهترئة. ومع ذلك ثمة استعداد للنقاش مع قيادة “حزب الله” خلف الابواب الموصدة في “حلول” وان تكن موقتة لتفكيك القنبلة الموقوتة التي تتهدد لبنان اذا ما انفجرت يوما ما، تبعا لايقاعات المنطقة. صحيح ان “حزب الله” يقف مع النظام في سوريا خلف جملة من الاغتيالات الكبرى في البلد منذ الاول من تشرين الاول مع محاولة اغتيال مروان حماده وصولا الى اغتيال وسام الحسن مرورا بالاغتيال الاكبر لرفيق الحريري ومن ثم مجموعة الشخصيات الاستقلالية. والصحيح ايضا ان “حزب الله” يقضم الدولة ومؤسساتها، ويقيم اكبر شبكة مافيوية عهدها لبنان منذ تأسيس الكيان. والصحيح ايضا وايضا ان “حزب الله” مسوؤل عن اكبر عملية تغيير منهجي لوجه البلد عبر انتهاجه اساليب “الوكالة اليهودية” للتمدد العقاري المذهبي في كل اتجاه على حساب توازنات لبنان الدقيقة.

كل ما تقدم صحيح، بل اكثر. لكن اذا كان لا بد من التعامل مع هذا التنظيم المسلح ذي الوظيفة الاقليمية، فليكن ذلك تعاملا صريحا لا يطيح ما تبقى من ثوابت وطنية لبنانية تستحيل حمايتها اذا ما واصل بعضنا ولوج المنحى الانحداري في التعامل مع سياسة الحزب المذكور، واعتماد خطابين، واحد للاستهلاك المذهبي والفئوي الضيق، وآخر قائم على تنازلات لا حصر لها. ان دعوة البعض الى فتح حوار مع “حزب الله” ليست مرفوضة بالمطلق، لكن فليقل لنا ما هي اجندة الحوار، وما هو هدفها النهائي. هل هو التوصل الى حلول موقتة مقبولة توقف هذا المنحى الانحداري الذي نسير عليه؟ ام هو تخدير الراي العام اكثر مما هو مخدر لمنح “حزب الله” مساحات زمنية اضافية ليستكمل مسيرة تفكيك الكيان اللبناني واعادة تركيبه على صورته؟
وحده “حزب الله” جدي في ملاحقته لاهدافه. وهو جدي في انتهاج كل الاساليب المشروعة وغير المشروعة لحماية مشروعه، وصولا الى الغرق بالدماء اللبنانية او السورية. وفي المقابل، نسمع كلاما كثيرا وافعالا قليلة. كما اننا نقف بازاء مجموعات من “المنظرين” الذين يقف بعضهم على اطلال عز غابر، متوهمين ان المناورات على طريقة سياسيي لبنان في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي كفيلة بأن توازن مشروعا بخطورة مشروع “حزب الله” او ان تحد من خطورته! هؤلاء بكل بساطة واهمون.
ثمة قنوات لحوار استكشافي مع “حزب الله” قائمة حاليا. ولا بأس في ذلك. لكن الاهم هو ان يعيد الاستقلاليون صوغ مشروع وطني عملي واحد بمعزل عن اي حوار مع “حزب الله”، يكون هدفه اجهاض مشروع الاخير ومحاصرته. فلا قيامة للبنان إلا بهزيمة مشروع “حزب الله” الناسف للكيان والصيغة، وعودة الطائفة الشيعية الى مشروع وطني جامع يعيد بناء جسور الثقة بين مكونات لبنان.

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات