التقارب الأميركي ـــ الإيراني الأخير يظهر أنه أغضب طرفين في المنطقة: الطرف الأول هو الطرف الأصولي (ممثلا بالإخوان والسلف المتطرف)، الذين يتبعون غرائزهم الطائفية.. والعداء التاريخي بين المذاهب الإسلامية، الذي يسعدهم استحضاره لإثارة الغرائز المذهبية وحشد القوى بصفوفهم من العامة، ويبرعون باستحضاره كلما ضاق الخناق على رقابهم.. فنحن نشهد ثورة مجيدة قام بها الشعب والجيش ضد حكم الإخوان في مصر، المارق عن الإسلام وعن الحضارة وعن الديموقراطية.. ليشق «اتباعهم» و«ممولوهم» بين ظهرانينا الجيوب، ويلطموا الخدود على حكمهم الجائر الآفل إلى الأبد إن شاء الله! مع انهم لم يقصروا بدعمه من أموالنا وملاييننا تحت غطاء الزكوات والصدقات وإغاثة الملهوف، على الرغم من ان الجزء الاكبر من هذه الأموال تذهب لأغراض سياسية دنيوية في الانتخابات المحلية، وتجنيد المحاربين من الشباب، وتثوير الشارع المحلي.. رأيناها في الحركات الخائبة، التي نظمتها حركة الإخوان الكويتية بمساعدة خبراء مصريين، وبأموال خليجية، رأينا جزءاً منها يدفع لذلك السبب المحدد لأحد أبواق الإخوان، في حساب له بدولة أجنبية، لينفيها بعد فترة، برد متهافت لم يقنعه حتى هو!
***
نرجع الى التقارب الجديد الإيراني ـــ الاميركي الذي يظهر في تطابق صارخ ورفض وممانعة قاطعة له ايضا هذه المرة من اسرائيل، عدوة العرب الأولى والوحيدة، وهذا الموقف المتطابق مع الموقف الأصولي ـــ الطائفي مع اسرائيل أمر، حتى لو بدا غريبا للبعض، فإننا لم نستغرب، فإسرائيل كانت أكبر داعم لحركة الإخوان في مصر، كما أظهر ذلك أخيراً أكثر من دليل.. وإسرائيل هي الداعم لحركات ما يسمى بـ«الربيع العربي»، وبالأخص في ليبيا وتونس ومصر وسوريا.. فهي المستفيد الأكبر ووراء تفتيت العالم العربي الى دويلات طائفية وفق خرائط وأفكار تشبه مشروع «سايكس بيكو»، الذي قسّم فيه الاستعمار العالم العربي في العشرينات من القرن الماضي.. ونشرته أخيرا جريدة النيويورك تايمز (انظر جريدة الشاهد الكويتية الأربعاء 2 أكتوبر).
إسرائيل، على لسان نتانياهو، وهو المجرم الليكودي المضمخة يده بدماء العرب من فلسطينيين ولبنانيين وغيرهم، كان باتفاق وانسجام تام مع أصوليي الاخوان المسلمين في الكويت وغيرها في خطابه الاخير امام الامم المتحدة، وشدد نتانياهو في خطابه على ان ايران تسعى الى امتلاك اسلحة نووية، وان روحاني هو ذئب في ثياب حمل، بينما نجاد كان ذئبا في ثياب ذئب! وان ايران تحمل الكعكة الصفراء وتريد اكلها ايضا، في اصطلاح معروف باللغة الانكليزية يشير الى من يريد ان يحصل على كل شيء، فهو يحمل الكعكة ويريد اكلها وحده! وطلب نتانياهو ابقاء العقوبات والتهديد باستخدام القوة ضد ايران.
وهنا يحق لنا ان نتساءل، ذلك ان اسرائيل هي آخر من يحق له الكلام عن السلاح النووي، لانها تمتلك اكثر من 200 قنبلة نووية في ديمونة، وتنكر على العرب وايران ان يمتلكوا ذلك السلاح أسوة بها، مع ان العرب (المسالمين) تخلوا عن النية بامتلاك ذلك السلاح الى الأبد! اما ايران فأنكرت على لسان رئيسها الجديد نيتها بامتلاك سلاح نووي.
* * *
فيا لها من مهانة ومذلة في ان يحدد عدونا الاول والاخير نوع الاسلحة التي نملكها في مواجهته، واذا كان للعدو ترديد هذه الاقوال والضغط لتحويلها الى افعال بقوة نفوذه في الغرب، فإننا قد لا نلومه في الدفاع عن نفسه ودولته.. ولكن ما هو الموقف تجاه من تطابقت اقواله وافعاله بين ظهرانينا مع نتانياهو، ولسان حاله يقول له بعد خطابه الاسبوع الماضي امام الامم المتحدة ضد ايران: صح لسانك يا نتانياهو؟!
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
علي أحمد البغلي