سلطان الحطاب/الجنرال دانون..يعيد إنتاج واقع احتلالي بائس

في طبخة الشرق الأوسط (الصراع العربي الاسرائيلي) أو الفلسطيني الاسرائيلي هناك شيء على النار، ولا دخان بدون نار ولأن الذي في القدر تطاله المغرفة فإن اسرائيل التي ظلت تدير ما أسمته عملية السلام بعقلية ادارة الأزمة وليس حلها، بدأت تعلن عن ضيقها الآن أكثر من أي وقت مضى ويصدر قادتها تصريحات غير مسؤولة وآخرها ما أعلنه نائب وزير الجيش الاسرائيلي داني دانون الذي قال «إن عملية السلام في عداد الموتى» فلماذا تريدون احياءها؟ موجهاً كلامه لحكومته ومطالباً حزبه الليكود وخاصة اعضاء التيار اليميني في اللجنة المركزية التي يرأسها شخصياً بأن يضعوا خطة بديلة لعملية السلام وقال «أعتقد أن الوقت قد حان لنتحدث عن بدائل لهذه العملية»..والسؤال ما هي البدائل غير الجمود أو الحرب؟
ووجه دانون كلامه لحكومة نتنياهو قائلاً «نريد الاحتفاظ بغالبية الأراضي بدون سكان فلسطينيين ان استطعنا أو بالقليل إن لم نستطع وهذا ما يجب أن تبدأ به المفاوضات حين نجلس مع شركاء اقليميين وفلسطينيين»..
دانون متضايق من موقف الأردن لأن الموقف الأردني يصر على التمسك بالثوابت الفلسطينية والدولية في حل القضية الفلسطينية ويرى أن حلها في مصلحة كل الأطراف وأن اقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني هو مصلحة وطنية أردنية ولأن الأردن من الأطراف الاقليمية في الحل لتداخله الوطني في قضايا المرحلة النهائية فإن دانون يعمل على وضع العصي في دولاب عملية السلام كلها ويحذر الحكومة الاسرائيلية من موقعه في الجيش من أن اسرائيل تتورط اذا أقامت سلاماً مع الفلسطينيين ولذا لا بد من إجراء استفتاء في اسرائيل والدعوة لانتخابات جديدة ايضاً في حال التوصل إلى اتفاق يشمل التخلي عن اجزاء من «أرض اسرائيل»..
دانون وطابور من اليمين الاسرائيلي في مواقع عسكرية ومدنية يعيش بعقلية القلعة ويرى أن «لا ضرورة للسلام مع الفلسطينيين والعرب» وأن لدى اسرائيل بدائل لذلك ويقول «إن الأمور تغيرت في الشرق الأوسط واصفاً الجوار لاسرائيل بأنه «جوار خام يجري تشكيله» وأن من يعرفهم من الجمهور الاسرائيلي يتسائل عن الخيار الآخر لعملية السلام وعن ضرورة الوصول إلى بدائل عن هذه العملية»..ووصف دانون اتفاقات أوسلو في ذكرى توقيعها العشرين بأوصاف سلبية وقال إن ما يهمه هو عدم منح اي أجزاء أخرى من «الوطن» للسلطة الفلسطينية..
وبعيداً عن نعيق دانون وامثاله في الجيش الاسرائيلي أو خارجه فإن هؤلاء ما زلوا يقرأون قراءات خاطئة لتطورات الوضع في الشرق الأوسط وما زالت تأخذهم عزة السلاح بالإثم ويعتقدون أن العالم العربي قد تهشم ولن تقوم له قائمة وأن الفلسطينيين أصبحوا رهائن لهذا الواقع..
وبغض النظر عن تطرف السياسة الاسرائيلية ووجود دعم من أطراف دولية لهذه السياسة والسكوت عليها فإن المجتمع الدولي الآن أخذ في التغير وقد أرسل هذا المجتمع لاسرائيل أكثر من رسالة التقت مع رسائل اسرائيلية من أطراف وقوى تريد سلاماً مع الفلسطينيين ويبدو أن الوقوف الدولي في وجه صادرات المستوطنات وإعادة فتح ملفات القادة الاسرائيليين على خلفية جرائم ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني ومن خلال واقع الاحتلال وسياساته والتحولات الجديدة وعودة انخراط الولايات المتحدة نفسها في دفع عملية السلام الى منفذ وعودة توازن القطبية الدولية في الموضوع السوري والعمل على انعقاد جنيف «2» وعودة السلطة الفلسطينية للتفاوض بضمانات أميركية ودولية ..هذا الزخم المتجدد يحرج اسرائيل اليمينية ويخرجها عن طورها كما في تصريحات دانون ولذا فإن اصرار السلطة الفلسطينية المؤيدة بموقف أردني واضح ومستمر في التمسك بحل الدولتين يقطع الطريق على الرغبة الاسرائيلية في أن العرب ظلوا يرفضون ويجدد الأمل لدى المجتمع الدولي الذي سيقول لاسرائيل كفى وإن بعد حين ..
alhattabsultan@gmail.com

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري