يعمل الجهاز الاداري الحكومي العام وفق المقولة اللغوية الشهيرة … سكن تسلم، لذلك نجد هناك مئات من القرارات المطلوبة في الدوائر والمؤسسات مؤجلة او بصورة ادق معطلة، والسبب في ذلك ضعف المسؤول في تحمل المسؤولية خشية المساءلة، وحتى لا يوصف بما ليس فيه، وهذه الحالة من افرازات المرحلة، وحتى لا يوجه اليه اية تهمة حق او باطل، علما بان السواد الاعظم من مسؤولي وموظفي الجهاز الاداري الحكومي يعاني من ضغظ مزدوج، يبدأ من المسؤول الاعلى ثم ينتقل الى تمادي المراجعين، وكما يتردد ويقال في المؤسسات والوزارات ان الوظيفة العامة اصبحت مقلقة وغير مرغوب فيها، وهذا الوضع يطرح مجددا بصور مختلفة تحديات هيبة الوظيفة العامة وهيبة الدولة ككل.
مقولة رئيس الوزراء د. عبد الله النسور امام منتدى القيادات الحكومية اول من امس السبت، ان الجهاز الاداري الاردني ليس في احسن حالاته، داعيا هذا الجهاز لعدم التردد في اتخاذ القرار، وهذه المقولة والدعوة تصيب كبد حقيقة اوضاعنا، وان بث الثقة في نفوس موظفي القطاع العام يتطلب توفير الحد الكافي من الحماية لهم خلال تسيير اعمالهم، وتقديم الخدمات وتطبيقات القوانين دون وجل، وهنا فان اي خطأ يتم في اطار العمل يمكن تصويبه دون تجريم، وهنا نعود الى المقولة المعروفة ان من يريد ان لا يقع في الخطأ فقط عليه ان لا يعمل، وربما هذا ما نشاهده في معظم المؤسسات والهيئات بخاصة التي تتصل بشؤون المواطنين والمستثمرين.
ان المرحلة الراهنة التي يجتازها الاردنيون معقدة وصعبة ماليا واقتصاديا والى حد ما اجتماعيا في ضوء تداعيات الازمة المالية العالمية وارتداداتها على الاقتصاد الاردني، وفي ظل التبعات الكبرى لاستضافة اكثر من مليوني وافد ولاجئ من الاشقاء العرب معظمهم من سوريا ومصر، هذه المرحلة تتطلب مرونة ويقظة عالية حتى لانغرق في تكاليف مالية لا قبل لنا عليها، وتداعيات نحن في غنى عنها، وهذا يقتضي بذل جهود اكبر من قبل الجهاز الاداري الاردني من حيث التسهيل على المستثمرين والمواطنين، وفي نفس التعامل بدقة وتشدد مع القضايا التي تتصل بقضايا سوق العمل واستضافة اعداد متفاقمة للاشقاء السوريين، واي مراقب لاوضاع المعيشة في محافظات الشمال بخاصة المفرق واربد يستطيع التأكد اننا كمن يسير على حبل مشدود.
ان نجاح الادارة العليا الاردنية بقيادة جلالة الملك في تفهم العالم لاحتياجاتنا، والقناعة بالسياسات الاردنية على المستوى الاقليمي، تتطلب توافر قاسم مشترك وطني بما يمكننا من تجاوز المرحلة الراهنة بتحدياتها واستحقاقاتها، وهذا يبدأ بتقديس ثقافة العمل وفق نظرة ايجابية والحرص على النزاهة والحياد بين المواطنين والمستثمرين، وان على المواطنين العودة الى تربية وثقافة اردنية رائدها الاخلاص والاحترام، وان احترام النفس يبدأ باحترام الآخر.