د.رحيل غرايبةعلامات حب الوطن

حب الأوطان مركوز في فطرة الإنسان، ويمثل حنينًا عميقاً في النفوس، يفيض شعراً ونثراً، على السنة الشعراء والأدباء، ولا يشذ عن ذلك شعب أو أمة أو جماعة، وأصبح تمجيد الأوطان نشيداً وطنياً، عذباً ممزوجاً بأقصى درجات الاحترام والتقدير، وأعلى مراتب الولاء والانتماء.
حب الأوطان لا يكون فقط بالكلام، والخطب، ونظم الشعر ونسج المقالات، بل ينبغي أن يتم ترجمة ذلك إلى أفعال وسلوكات، ومنظومة قيم، وفلسفة حياة، ومعايير للحكم والتقويم، ورابطة عامة للتقارب بين الأفراد والجماعات.
الدين والايمان يعزز قيمة حب الوطن، ويعلي من شأنها، وجعل القتال للدفاع عن الأوطان جهاداً يعد ذروة سنام الإسلام، ومن يقتل وهو يدافع عن وطنه وأرضه مقبلاً غير مدبر، مخلصاً نيته بعيداً عن الرياء والحمية والسمعة، يمنح مرتبة الشهيد، التي تعد من أعلى المراتب وأسماها، وأنبل الأوصاف وأجملها في الدنيا والآخرة.
علمنا النبي محمد عليه الصلاة والسلام هذه القيمة عندما قال وهو يهم بالخروج من مكه مهاجراً، مطروداً من الأهل والعشيرة: « والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» يقول ذلك تعبيراً عن حنينه العميق وحبه العظيم لوطنه وبلده، ليكون نموذجاً لكل عربي ومسلم ولكل إنسان في إنتمائه لوطنه، أينما كان وأينما وجد.
هنالك بعض التصرفات التي تخدش وجه الوطن، وتتناقض مع ادعاء الانتماء للوطن وحب الأرض، وتعد خروجاً على هذه القيمة العليا؛ فكل من يمارس الفساد، ويعتدي على المال العام فقد ناقض حقيقة الولاء والانتماء الوطني، وكل من يغش في تجارته، ولا يتقن عمله، ولا يقوم بوظيفته فقد خان الأمانة وخان الوطن، وكل من يقذف قاذوراته، من أبواب نوافذ البيت أو السيارة، فقد أساء لوطنه ومارس الكذب في ادعاء الحب لبلاده وأرضه، وأن كل من يتمرد على القوانين والأنظمة والتعليمات العادلة التي تنظم الحقوق والواجبات، وترسي قواعد المساواة مع المواطنين، فقد خرق الانتماء للوطن، وأفسد العلاقة التي تربطه بوطنه وشعبه، وكل من يمارس الاعتداء على أملاك الغير، والسطو على الحق العام فليس أهلاً لقيمة حب الوطن، ولا يرتقي لمستوى هذه المرتبة فضلاً على مخالفته لقواعد الإيمان، وتمرده على معاني الإيمان الصحيح، ومخالفته للحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، إن القيام بالعبادة الصحيحة، يتطلب ثمرة عملية مؤكدة تتجلى في امتلاك القدرة على القيام بخدمة الوطن، وخدمة أهله، والدفاع عن أمته وشعبه، وصيانة المال العام وتأديه الوظيفة على أتم وجه، وحفظ الأمانة بكل قوة وإخلاص، بعيداً عن الرياء والسمعة، وبعيداً عن النفاق والتزلف

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري