لا يعني ان اقرار مجلس النواب لقانون التقاعد المدني وحصول اعضائه على امتيازات استثنائية ان الامر انتهى، فمجلس الاعيان ربما أنه لن يصادق عليه، والاهم من ذلك ان جلالة الملك لن يصادق على قانون كان قد رفضه العام الماضي لنفس الاسباب التي تجعله يكرر الموقف في الوقت الراهن.
ولا ادل من ذلك على فض الدور الاستثنائية قبل موعدها الدستوري فور اقرار النواب للتقاعد، وهي خطوة لتاكيد مبدأ الرفض تجاه الحصول على امتيازات فوق القانون، وخارج قدرة الدولة المالية.
ما قام به مجلس النواب في اقرار قانون التقاعد المدني، وتحصين انفسهم بمكتسبات مالية غير مسبوقة، مؤشر هام على وجود خلل عميق في فهم النواب للرسالة الملكية التي كان جلالته وجهها للحكومة نهاية العام الماضي والتي طالب فيها بضرورة انجاز قانون التقاعد المدني بمسؤولية عالية من مجلس النواب، لان الشارع هو من سيراقب كيفية اداء المجلس المنتخب في اقرار هذا القانون.
مخالفات كبيرة ارتكبها النواب في اقرار قانون التقاعد، فهم ارتضوا لانفسهم وضعا ماليا متميزا على باقي شرائح الدولة التي تتقاضى اموالا من الخزينة، فرفع رواتبهم من 1500 دينار الى 3000 دينار فيه عدم اهتمام بوضع المالية العامة من جهة، وتجاوز لرقابة الناخبين التي تتطلع اليهم باعتبارهم الجهة التي بامكانها تحقيق العدالة التنموية في المجتمع.
الحصول على مكتسبات مالية جديدة من قبل النواب في هذا الظرف فيه استغلال واضح للحالة الراهنة التي تتطلب تكاملا في الاداء بين السلطات، وفيه توظيف خاطئ لدور مجلس النواب الاصلاحي في هذه المرحلة التي يناقش بها المجلس قانونا هاما هو قانون الضمان، وكان النواب ارادوا ارسال رسالة للحكومة، ربما مفادها بان اقرار «الضمان» مقابل الامتيازات التقاعدية لهم.
سلوك النواب في الجلسة الاخيرة للدورة الاستثنائية المنفضة مؤشر هام على تعاملهم مع الشأن الاقتصادي في موضوع الرقابة المالية والاصلاح الاقتصادي، وخطورة الازمة التي تعيشها موازنة الدولة وتنامي العجز والمديونية.
الموضوع الاكثر جدلا في تداعيات اقرار النواب لامتيازات تقاعدية خاصة بهم، هو عدم اخذهم بعين الاعتبار لنظرة ناخبيهم في المجتمع، ما يؤثر على شعبيتهم عندهم.
فض الدورة الاستثنائية رسالة مهمة الى النواب ربما تشير إلى رفض منح أية مكتسبات خارج اطار القانون والواقع الفعلي للاقتصاد، ولا يعي اهمية رقابة الشارع لقرارت المجلس، فالاصلاح لا يكون بهذا الشكل.
Salamah.darawi@gmail.com