خالد الزبيدي/تفاقم البطالة… وزيادة العمالة الوافدة

مجموعة من العوامل المتناقضة تضعف سوق العمل، من جهة، تطالب الشركات بخاصة الصناعية والخدمية من وزارة العمل السماح باستقدام المزيد من العمال الوافدين لتلبية احتياجات العمل في مصالحهم واستثماراتهم، في وقت يستضيف الاردن نحو مليون عامل وافد معظمهم من الاشقاء المصريين والسوريين، بالاضافة الى عشرات الالاف من جنسيات اجنبية بخاصة من اسيا، ومن جهة ثانية تبلغ نسبة المتعطلين عن العمل من الاردنيين نحو 13% من قوة العمل اي ما يعادل نحو 200 الف عامل وعاملة يبحثون عن فرص عمل في قطاعات مختلفة، هذه العوامل المتعارضة تطرح سؤالا والف سؤال …حول الاسباب الكامنة لهذا التعارض المخل في الاقتصاد وسوق العمل بشكل خاص، لاسيما وان ارتفاع نسبة البطالة تزيد معها معدلات الفقر والعوز بما يحمله هذا الامر من اختلالات اجتماعية قاسية.
ارتفاع اعداد العمال الوافدة التي تطورت الى شكل من اشكال التوطين التي تبدأ بعامل زراعي او حارس عمارة وعامل في مطاعم تنتهي باستقدام بشكل او بآخر الزوجة والابناء الذين سرعان ما يعملون في مرافق عديدة، وهذا التمدد يقضم تدريجيا فرص عمل يمكن ان تُشغّل بالاردنيين، وهناك امثلة كثيرة على ذلك، واصبحت العمارات والشوارع تباع بين الحراس وبحسبة صغيرة فإن متوسط دخل العامل الواحد لايقل عن 500 دينار، بالاضافة الى تلقي هؤلاء العمال دعما مباشرا وغير مباشر من مياه وطاقة وخبز وخدمات اخرى… وهناك قائمة طويلة من الدعم غير المباشر للعمال الوافدين، وهذا الدعم يتحمله المال العام الذي يرحل آليا الى المواطنين والاجيال القادمة من خلال الاقتراض.
وهناك بُعد آخر شديد الخطورة يكمن في ان تحويلات العمال الوافدين الى بلادهم تتجاوز المليار دولار سنويا، وهذه التحويلات تخرج من الدورة المالية المحلية اخرى، وباعتبار الاردن دولة تعاني من شح الموارد الطبيعية، وان الايرادات من العملات الاجنبية محدودة، فان التحويلات المباشرة الى الخارج، وتمويل المستوردات التي يذهب قسم منها لدعم الاردنيين الوافدين يزيد الطين بلة، فان الحاجة تستدعي تقنين استقدام العمال من خارج البلاد، والحرص على معالجة الهدر الذي يكاد يطال كافة مناحي حياة الاردنيين.
المتابع لمجريات الامور في سوق العمل يجد ان هناك تسربا الى الاسواق حيث يترك عمال وافدون اعمالهم بعد فترة زمنية للعمل بشكل حر، وهذا من اخطر ما يواجه السوق والمجتمع، واية دراسة معمقة يجد ان العمال الوافدين الذين يعملون بعيدا عن رب العمل و/او القطاع الذي استقدم العمال من اجله يرتفع بشكل مؤلم، وان عمليات ضبط المخالفين التي نفذتها الاجهزة المختصة لم تفلح بشكل كامل من تخفيف اعدادهم واثرهم، حيث تقدر اعداد العاملين الوافدين غير الموصوبين اوضاعهم يتجاوز 400 الف عامل.
لايمكن ان نحقق تقدما في التخفيف من البطالة والفقر ومعالجة اشكالية الدعم مع وجود اكثر من نصف مليون عامل وافد لاتحتاج اليهم القطاعات كما يعتقد البعض.

Related posts

رئيس حزبي لمجلس النواب العشرين*أ. د. ليث كمال نصراوين

من يدفع فاتورة الحرب وكيف نتعامل مع آثار العدوان؟* حسين الرواشدة

توجهات إيجابية في ميدان الشراكة بين القطاعين العام والخاص* د. محمد أبو حمور