عروبة الإخباري – اكد سمو الامير الحسن بن طلال ان البيئة التي ترعى الارهاب الفكري هي بيئة طاردة للحوارالذي ندعو اليه دوما بان يكون حوارا يركز على القواسم العالمية المشتركة.
واضاف سموه في محاضرة له في الجامعة الهاشمية بعنوان الارهاب الفكري ” إننا نعيش في عصر التحدّيات الكبرى وفي مقدمتها الفقر باشكاله المختلفة “فقر الغذاء والكساء والإيواء” اضافة الى فقر المعلومة، فهناك قاسم مشترك بيننا وهو غياب القاعدة المعرفية، وأن الأميّةَ بأنواعها والتطرّفَ والإرهاب هي تحديات ماثلة أمامنا مؤكدا ان لا استشراف للمستقبل دون معرفة الماضي.
وقال إنّ غيابَ التعريف الصحيح للإرهاب رافقَهُ تعدّدُ صنوف الإرهاب وأشكاله؛ فهنالك “إرهاب الفرد” المتسلط و”إرهاب الجماعة” المتسلطة و”الإرهاب البيئي” و”الإرهاب الثقافي” و”الإرهاب الفكري وغيرها، مبينا أن الخطابَ الطائفي والتكفيري شكل من أشكال الإرهاب الفكري الذي يرفض قبول الرأي الآخر، ويجنح إلى تكفير صاحبه؛ لأنه يختلف معه فكريًّا أو مذهبيًّا أوعرقيًّا.
واوضح أن “الإرهاب الفكري” يتعارض مع مصفوفة المفاهيم والقيم التي تشكّل عماد أي مجتمع مدني، واساس الدولة الحديثة القابلة للإستمرار وهي : “المواطنة ، والتمكين الديمقراطي، معربا عن امله في قلب معادلة الرهاب والرعب الى معادلة الوقار والرحمة والإحسان بيننا جميعا.
وقال سموه “إنني اؤمن بلقاء يشترك فيه العقل والضمير في اطار من الحوار المفيد الذي يخدم الصالح العام، منوها الى ان المشروع النهضوي يبدا بمعرفة الظروف الوجودية والحياتية لكل مواطن، وأن الصوت الاقليمي الجامع لن يتأتى الا بتكثيف اللقاءات والحوار مع اطراف العلاقة التعاقدية الثلاث : السياسي، والاقتصادي الاجتماعي، والمجتمع المدني؛ لمعرفة ماذا نريد من المستقبل، فالمسار الحقيقي هو مسار كلي شامل يحدد الاولويات.
واشار الى تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2012 الذي جاء تحت عنوان “الشعب يريد …التمكين”، وهو مطلبٌ يستند إلى اشتراك المعنيّين كافة، من مواطنين ومنظمات المجتمع المدني وواضعي السياسات، من أجل توحيد الجهود في سبيل تحقيق التنمية المنشودة.
ولفت الى ان استقلالية التعليم الجامعي بمعنى الاكتفاء الذاتي والنظرة الى المستقبل تتطلب تفكيرا نوعيا، داعيا الى ضرورة بناء التقويم الجامعي التقويم بمعنى الخيار السليم للتعليم على الصدق مع الذات ومع الاخر، خاصة ونحن نؤمن بان الانسان هو راس المال الحقيقي وانه اغلى ما نملك.
وقال بأنه لا بد من الحفاظ على الامانة الاساسية وهي ان التعليم لا يتأتى بالتلقين بل من خلال احياء الفكر الايجابي والذي يستطيع دحض الارهاب الفكري، مشيرا إلى ان التقرير الوطني الثاني للأهداف الإنمائية للألفية في الأردن لعام 2010 ، أظهر انخفاض نسبة الأمية بشكل جوهري بين الشباب في الفئة العمرية 15-24 سنة، حيث بلغت 0,9 بالمئة، ما يشير إلى ارتفاع نسب الالتحاق بالمؤسسات التعليمية في الأردن، ولا ننسى أنّ نسبةَ الأمية في الوطن العربي وفق المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) (2012)، هي من أعلى النسب على المستوى العالمي.
وزاد ان الألكسو ذكرت بأنه لا يوجد تقدمٌ حقيقي بالنسبة لمحو الأمية في الوطن العربي، حيث تشير الإحصاءات إلى أن عدد الأميين العرب في الفئة العمرية من 15-45 سنة ، يبلغ قرابة 67 مليون أمي، منهم 60 بالمئة من الإناث، وهذه المؤشرات من أكبر الأخطار التي تعترض التنميةَ البشرية والاقتصادية والإنسانية في الوطن العربي.
وختم سموه حديثه “باننا أصحابُ مسؤوليّة فكريّة إزاءَ حكمة الإشراق، فالإشراق قد سبق الاستشراق، مستشهدا ببحث شهاب الدين السهروردي عن الحكمة المبنيّة على الذوْق والكشْف والحَدْس.
واكد رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور كمال الدين بني هاني بأن طلبة الجامعة وأساتذتها وضيوفها يستمعون هذا اليوم لسمو الأمير صاحب الرؤية الفكرية العالمية الإنسانية، وأن الجامعة تعمل على توثيق علاقتها بمنتدى الفكر العربي من خلال عقد محاضرات فكرية قيمة تتناول مضامين الميثاق الاجتماعي العربي، وهي ماضية في خطة طموحة بتعليم طلبتها الحوار الراقي والتفكير النقدي والعقلاني، وتعزيز مهارات البحث العلمي لديهم؛ ليكونوا في الطليعة ويقوموا بدور نهضوي أردني وعربي وعالمي.
وأدارالحوار بين سموه والحضور عميد شؤون الطلبة الدكتور يوسف عليمات الذي أشار في تقديمه الى أن الجامعة كانت غرسة الحسين العظيم، وكانت ومازالت نضيدة الطلع في ظل الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
من جانب اخر زار سموه مركز تعليم وفحص المهارات السريرية “المستشفى الافتراضي” في كلية الطب البشري ، وجال في مختلف أقسامه وأشاد بالمستوى المتقدم الذي وصل إليه.
وقدم بني هاني شرحا حول الهدف من إنشاء المركز الذي يهدف إلى تعليم المهارات السريرية “العملية” الأساسية، وكيفية إجراء التشخيص السليم وإجراء المعالجة الطبية المتقنة، ومهارات الاتصال والتعامل مع المريض.
ويشتمل المركز وهو الأول من نوعه في الأردن والمنطقة على مجموعة كبيرة من المجسمات والأجهزة المتطورة؛ للمحاكاة والتشبيه والأداء التفاعلي مع المرضى، ويتيح للطلبة التدرب عليها، واستخدام برامج حاسوبية تساعد على التعلم.
ويضم المركز عدة أقسام منها المختبر “الدُمية الرئيسية” المحوسبة بالكامل والتي تحاكي جسم الإنسان الطبيعي في غرف الطوارئ والتي تتميز بأنها تقوم بالعمليات الحيوية كالإنسان الطبيعي تماما.