عروبة الإخباري – اتفقت الولايات المتحدة الاميركية وروسيا على ان تضمنا معا تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية في سوريا حتى منتصف عام 2014 المقبل.
وفيما يبدد النجاح الدبلوماسي للقوتين العظميين شبح الحرب الجديدة الذي خيم فوق منطقة الشرق الأوسط في الأسابيع الماضية، ويمهد الاتفاق الذي توصل اليه وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف بعد ثلاثة ايام من المباحثات في جنيف، الطريق أمام تسوية سياسية تبدأ خلال أسبوع بتسليم نظام الرئيس بشار الأسد جميع الوثائق المتعلقة بترسانته الكيماوية والبيولوجية واسمائها وكمياتها وأنواعها وأماكن تخزينها، وتنتهي بتدمير تلك الأسلحة خلال النصف الأول من عام 2014، بعد نقلها الى خارج سوريا واتلافها.
الجدير بالذكر ان انتخابات الرئاسة يفترض أن تجرى في هذا الموعد.
وحسب الاتفاق الذي جاء في 4 صفحات ويتضمن 6 نقاط، يفترض ان يصل المفتشون الدوليون الى سوريا في نوفمبر المقبل وسيكون لهم حق دخول أي موقع للتفتيش.
وقال كيري ولافروف انه اذا لم تلتزم سوريا بالاتفاق الذي يتعين ان تضع اللمسات النهائية له منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، فإنها ستواجه عواقب بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو الفصل الذي يغطي العقوبات والعمل العسكري.
ورحب اعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمون وأمين عام الأمم المتحدة ومعظم دول العالم بالاتفاق.
اما المعارضة السورية، فقد أعربت عن رفضها الاتفاق لأنه «لا يحل الأزمة السورية». وأعلن الجيش الحر انه غير معني بتنفيذ أي جزء من الاتفاقية وسيستمر في القتال حتى اسقاط النظام البعثي.
وأمس انتخبت المعارضة أحمد طعمة رئيسا للحكومة المؤقتة.
وطعمة (48 عاماً) اسلامي معتدل من محافظة دير الزور، وهو الأمين العام لــ«اعلان دمشق»، الذي قاد مقاومة سلمية للاسد قبل الانتفاضة.
رداً على سؤال عن الجهات التي ستمول عملية تدمير الأسلحة الكيماوية، قال لافروف «إن بعض الدول كانت مستعدة لتمويل الحرب في سوريا، وأنا واثق من أن هناك، أيضاً، دولاً مستعدة لتمويل الحل السلمي لهذه القضية».
بدوره، قال كيري إن الطرفين رسما سبل تمويل العملية، مضيفاً أن موسكو وواشنطن ستتحملان جزءاً من النفقات. أما الأموال المتبقية، فسيتم جمعها عبر آليات الأمم المتحدة.
بنود التسوية
1- الاتفاق بين واشنطن وموسكو على تقييم مشترك لكميات الأسلحة الكيماوية لدى نظام الأسد وأنواعها، وعلى وضع هذه الأسلحة بسرعة تحت الاشراف الدولي.
2- على سوريا ان تقدم خلال أسبوع واحد قائمة بالأسلحة الكيماوية التي تمتلكها. تضم أسماء وانواع وكميات المواد الكيماوية وأنواع السلاح.
3- بمساعدة لوائح استثنائية لمنظمة حظر الاسلحة الكيماوية يضمن التدمير بسرعة، وبمشاركة خبراء من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن.
4- تلتزم سوريا بضمان وصول فوري للمفتشين وبلا قيود إلى مخازن الأسلحة الكيماوية بعد وصولهم الى اراضيها في نوفمبر المقبل.
5- يجب ان تدمر جميع الأسلحة الكيماوية حتى منتصف عام 2014 المقبل، ويمكن نقل اكبر قدر ممكن منها الى خارج سوريا لتدميره لاحقا.
6- تؤمن الأمم المتحدة الدعم اللوجستي، وسيكون الالتزام بالتنفيذ مضمونا وفق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.
جنيف، دمشق، واشنطن – اتفقت روسيا والولايات المتحدة، أمس، على خطة لإزالة الأسلحة الكيماوية السورية حتى منتصف العام المقبل. وفي ضوء هذه التسوية، تراجعت احتمالات الحرب، التي هددت بها أميركا رداً على هجوم بالأسلحة الكيماوية في غوطة دمشق يوم 21 أغسطس الماضي، راح ضحيته أكثر من 1420 شخصاً، والمتهم به نظام الرئيس بشار الأسد.
وجاء الاتفاق على شكل خطة في أربع صفحات، وتتكون من ست نقاط، هي: تقييم مشترك لكميات الأسلحة الكيماوية لدى دمشق، ومنح الحكومة السورية أسبوعاً لتقدم كشفاً شاملاً بحجم مخزون ترسانتها وأماكن التخزين، أن يكون المفتشون على الأرض السورية في موعد أقصاه نوفمبر المقبل (45 يوماً من تاريخ الاتفاق)، الهدف الأساسي هو التدمير الكلي والسريع للترسانة الكيماوية السورية بحلول منتصف عام 2014، أي خرق للإجراءات الرامية الى تدمير هذه الأسلحة، أو استخدامها من قبل أي طرف، سيُتخذ بشأنه قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، دعم لوجستي أممي لمهمة المفتشين.
ويُعبّر هذا الاتفاق، الذي تم التوصل إليه إثر ثلاثة أيام من المحادثات المكثفة بين وزيري خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف في جنيف، عن تقدم حقيقي في مشهد الأزمة السورية، بعد أن بدت الهوة في مواقف الطرفين كبيرة في البداية.
وتشير تفاصيل الاتفاق الى تسوية نقاط خلافية عدة بين الأميركيين والروس، وفي طليعتها مسألة صدور قرار دولي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز إمكان اللجوء الى القوة في حال عدم الالتزام بالقرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن.
وأبعد من مسألة الأسلحة الكيميائية، يأمل الأميركيون والروس أيضا في أن يفضي الاتفاق، الذي تم التوصل اليه في جنيف، الى اتفاق اوسع يرمي الى انهاء النزاع السوري.
وقال وزير الخارجية الأميركي، في المؤتمر الصحفي الختامي، الى جانب نظيره الروسي: «توصلنا الى تقييم مشترك لكميات ونوعية الاسلحة التي يملكها نظام الاسد، واننا مصممون على وضع هذه الاسلحة بسرعة تحت اشراف الاسرة الدولية. وعلى سوريا تقديم خلال أسبوع قائمة كاملة «بأسلحتها الكيماوية»، مطالبا دمشق بالسماح للمفتشين الدوليين «بالوصول الفوري وبلا قيود» إلى مواقع هذه الأسلحة، «وفي مهلة أقصاها نوفمبر المقبل»، تمهيدا لتدمير الترسانة بحلول منتصف عام 2014.
وتابع كيري: «من الأسباب التي تحملنا على الاعتقاد أن هذا قابل للتحقق أن نظام الأسد اتخذ تدابير استثنائية للحفاظ على السيطرة على هذه الأسلحة»، مشدداً على أن هذه الأسلحة تبقى بصورة عامة في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
وأضاف: «من المفترض ألا نواجه أي مشكلة.. وسيتم اختبار هذا الأمر قريبا».
وتابع: «توصلنا الى تقييم مشترك لكميات ونوعية الأسلحة التي يملكها نظام الأسد، ونحن مصممون على وضع هذه الأسلحة بسرعة تحت إشراف الأسرة الدولية»، وسط تقديرات بأن سوريا تملك حوالي 1000 طن من الأسلحة الكيماوية.
لكن التحذيرات توالت في المواقف الصادرة في المؤتمر الصحفي، إذ حذر كيري من أنه «لن يكون هناك مجال لمناورات.. أو أي شيء سوى تطبيق كامل من قبل نظام الأسد».
وفي تبدل كبير آخر في الموقف الروسي، يبدو أن موسكو وافقت على مبدأ إصدار قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز استخدام القوة في حال لم تف دمشق بالتزاماتها، وهو ما كانوا يعارضونه بشدة منذ اندلاع النزاع السوري قبل أكثر من 30 شهراً.
وأوضح كيري أن الولايات المتحدة وروسيا «اتفقتا على أن قرار الأمم المتحدة سيصدر تحت الفصل السابع الذي يجيز اللجوء الى القوة».
وكان مسؤولون أميركيون أكدوا الجمعة صعوبة الاتفاق على قرار صادر تحت الفصل السابع بسبب المعارضة الروسية لذلك.
من جانبه، أشاد وزير الخارجية الروسي بالمحادثات مع كيري، واصفاً إياها بـ«الممتازة». واعتبر أنها «حققت الهدف الذي حدده الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما لوضع الترسانة الكيماوية السورية تحت المراقبة الدولية». وقال: «أنا شخصياً وكيري أكدنا تأييدنا لحل سلمي في سوريا».
وشدد لافروف على أن مجلس الأمن سيتحرك في حال لم تف سوريا بالتزاماتها. وتابع: «نتوقع تطبيقاً صارماً للمطالب التي وردت. وفي حال عدم احترام دمشق للشروط، أو في حال استخدام الأسلحة الكيماوية من أي جهة كانت، فإن مجلس الأمن سيتخذ تدابير في إطار الفصل السابع» من ميثاق الامم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة.
واستدرك لافروف، قائلاً: «هذا لا يعني بالطبع أننا سنصدق أي حالة انتهاك يتم رفعها الى مجلس الامن الدولي من دون التحقق منها».
تعليقات
في نيويورك، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن الاتفاق ينبغي أن يتيح إنهاء «المعاناة المروعة» للسوريين. وكان بان قد أعرب في وقت سابق عن «تشكيكه» في رغبة النظام السوري بالتقيد والالتزام.
من جهته، رحب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بالاتفاق، معتبرا أنه «تقدم مهم جداً وخطوة مهمة الى الأمام»، بينما قال نظيره البريطاني وليام هيغ ان المهمة «الملحة» لتطبيق هذا الاتفاق تبدأ من الآن.
وفي برلين، رحبت المستشارة أنجيلا ميركلا بما سمته «انجازاً». واعتبر وزير خارجيتها غيدو فسترفيله أن الاتفاق سيزيد «بشكل كبير» فرص التوصل الى حل سياسي «في حال اتبعت الأقوال بالأفعال».
في المقابل، أبدى وزيرا خارجية تركيا وكندا، أحمد داود أوغلو وجون بيرد، في اسطنبول تشكيكهما في عزم دمشق على التخلص من ترسانة أسلحتها الكيماوية.
أوباما: لن نعتمد فقط على وعود سوريا وروسيا.. وسنبقي الخيار العسكري
قبيل الإعلان عن الاتفاق، حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما دمشق، مطالباً إياها بأعمال «حسية».
وقال أوباما، خلال كلمته الإذاعية الأسبوعية، أمس «لن نسلم بتصريحات روسيا وسوريا. إننا بحاجة الى رؤية خطوات ملموسة تثبت أن الرئيس السوري بشار الأسد جاد بشأن التخلي عن أسلحته الكيماوية».
كذلك أكد الرئيس الأميركي على ضرورة أن تظل بلاده «مستعدة للتحرك عسكرياً لمواصلة الضغط على نظام الأسد (…) نظراً لأن هذه الخطة لم تظهر إلا بوجود تهديد جدي بتوجيه ضربة عسكرية أميركية».
وأشار إلى وجود «تطورات إيجابية» تتمثل في اعتراف دمشق بامتلاك أسلحة كيماوية وكذا في إعلانها الاستعداد للانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية الموقعة من قبل 189 دولة.
وتابع أن روسيا «رهنت مصداقيتها بدعم هذه النتائج.. فإذا فشلت الدبلوماسية، يتعين على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن يظلا مستعدين للتحرك».
1000 طن في 45 موقعاً
أعلن مسؤول اميركي ان الولايات المتحدة تقدر بـ 45 عدد المواقع المرتبطة ببرنامج الاسلحة الكيماوية في سوريا، وهي متوافقة مع روسيا على تقدير المخزون بالف طن. وقال المسؤول «هناك على الارجح 45 موقعا مرتبطا بالبرنامج السوري للاسلحة الكيماوية»، موضحا ان «نحو نصف» هذه المواقع تحوي «كميات من معدات لاسلحة كيماوية يمكن استغلالها»، لافتا الى ان واشنطن وموسكو متوافقتان على تقدير كمية العناصر والمكونات الكيماوية بالف طن، ويشمل ذلك غاز الخردل اضافة الى غازات سامة مثل السارين. واوضح المسؤول الاميركي ان واشنطن تعتبر ان هذه المواقع هي حاليا تحت سيطرة النظام السوري لأنها رصدت نقل المخزون الكيماوي الى المناطق التي تسيطر عليها دمشق.
30 يوماً لتصبح طرفاً في اتفاقية الأسلحة
ذكرت الأمم المتحدة ان على سوريا تقديم المزيد من الوثائق، قبل بدء عد عكسي مدته ثلاثين يوما لكي تصبح طرفا كامل العضوية في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. وقال نائب المتحدث باسم الامم المتحدة، فرحان حق، انه يجب على دمشق تقديم أوراق اضافية مطلوبة لاكمال عملية ايداع وثيقة الانضمام، وفور حدوث ذلك سيتطلب الأمر ثلاثين يوما أخرى للدخول الى حيز التنفيذ.
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إمكان عقد مؤتمر «جنيف ـ 2» حول السلام في سوريا في شهر أكتوبر المقبل. ونقلت قناة روسيا اليوم عن لافروف قوله عقب محادثاته مع نظيره الأميركي جون كيري «زملاؤنا في الأمانة العامة للأمم المتحدة يتحدثون عن أكتوبر كموعد، ونحن كنا على استعداد لإجرائه في سبتمبر أو قبله».
القوات الأميركية باقية في مواقعها
قالت وزارة الدفاع الأميركية ان القوات الأميركية مازالت في مواقعها ـ الى الآن على الأقل ــ لاحتمال توجيه ضربات لسوريا حتى بعد الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا على تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية.
وقال المتحدث باسم الوزارة جورج ليتل: «لم نجر اي تغييرات على وضع قواتنا حتى اللحطة (..) التهديد الجاد باستخدام القوة العسكرية كان السبب الرئيسي في إحراز تقدم دبلوماسي، ومن المهم أن يفي نظام الأسد بالتزاماته بموجب الاتفاق».